نهال بينغيسو كراجا – صحيفة خبر ترك - ترجمة وتحرير ترك برس
غدا أمر المحادثات التي سيجريها رئيس الجمهورية أردوغان في أثناء زيارته إلى الولايات المتحدة الأمريكية مثار جدل، حجم الأكاذيب التي تم تداولها كبير جدا، بعضها تم تكذيبه، والبعض الآخر لم يستدع حاجة لمجرد التكذيب.
على عكس ما تم ترويجه من أكاذيب من قبيل " أوباما لن يستقبل أردوغان" التقى أردوغان بأوباما، كما تم عقد اجتماع مثمر مع عمالقة الاقتصاد العالمي، حتى أن بعض المدراء التنفيذيين لبعض الشركات تحدثوا للإعلام عن مدى التسهيلات والمنح التي قدمتها تركيا في عهد الرئيس أردوغان في مجال الاستثمارات.
كما أن جون كيري كان قد قال: "إننا لن نسمح لحزب الاتحاد الديمقراطي بإنشاء دولة كردية". وطوال لقائه بنائب الرئيس الأمريكي جو بايدن، فقد كانت مظاهر الحميمية والقرب ظاهرة للعيان.
كل هذه المشاهد، أظهرت وبشكل مبكر وكأن رياحا باردة لم تهب في العلاقات التركية الأمريكية، وغدت في الواقع سببا لتعليقات ومنشورات حول قطيعة للعلاقات. وعليه جاء دور أوباما لإعادة التوازن لها المشهد.
مما لا شك فيه أن تركيا كانت شريكا هاما بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، لكنها لم تكن دولة يرغب فيها في ظلال التهديد بالانقلاب حينًا، وأعمال شغب في الشوارع حينًا آخر، ويتهددها خطر التقسيم.
وعلى الرغم من هذه الحالة على مفترق الطرق الهام، وبرغم القبول بالاتفاق مع الغرب، فإن هذا لم يكن يعني اكتمال زيارة الرئيس أردوغان "غير المستسلم" لهذا الاتفاق براحة وسلام.
أوباما، وفي كلمته الختامية للقمة النووية، أجاب على سؤال مألوف له، بجواب تضمن هذه الجمل: "... لا شك في أن الرئيس أردوغان قد تم انتخابه عبر عملية ديمقراطية لمرات عديدة، لكني على قناعة أن النهج المتبع ضد الصحافة في تركيا سيجرها إلى مسار مزعج للغاية وغير مريح، وسنبقى نقدم النصائح لهم في هذا الشأن".
إن انتقاد دولة مضبفة لزعيم دولة ضيف بهذه العبارات الجريئة، ليس حدثا معتادا.
إذن، لماذا فعل ذلك أوباما؟ لماذا أصر على تخريب هذا المشهد الإيجابي الداحض لكل الأكاذيب المتعلقة بزيارة واشنطن فورًا؟ ليس السبب حرية الصحافة.
وإن كانت قد أحدثت حساسية في إجراءات الحماية مقابل المتظاهرين في "بروكينغز"، إلا أن الحقيقة على خلاف ذلك.
إن الدافع الأساسي لأوباما، لا بد وأنه حديث أردوغان بشكل صريح عن طبيعة الدعم الذي تقدمه أمريكا لقوات العمال الكردستاني والاتحاد الديمقراطي المتواجدة في سوريا.
الجمل المفتاحية، أقتبسها من المقابلة التي أجريناها مع الرئيس أوباما في السفارة في واشنطن: "لقد سلّمنا 1800 اسم للولايات المتحدة الأمريكية لقتال داعش في تلك المنطقة، وسنعطي 600 اسم أخرى. هؤلاء أناس مؤهّلون، بعضهم عرب، والبعض الآخر تركمان. وهم جاهزون لأي شيء في سبيل المواجهة. لذلك, لا يمكن أن تكون أعذار الولايات المتحدة مقبولة بعد الآن، لأن هؤلاء الناس الذين نتحدث عنهم جاهزون للقيام بكل شيء على الأرض من أجلنا. وهم جاهزون لأي نوع من الدعم في مقابل داعش والمنظمات الإرهابية الأخرى، هؤلاء هم المعارضة المعتدلة.
لقد تحدثنا مع السيد جو بايدن وكذلك مع السيد كيري، وهم يقولون إنهم لن يسمحوا بقيام دولة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي. في هذه الحالة لم يبق شيء ليقال".
الآن يمكننا بشكل أفضل أن نخمّن ما الذي تم تناوله في الغرف الحمراء، أليس كذلك؟
مما تقدّم من تصريحات في أثناء سفره، يمكننا أن نفهم ما وجهه الرئيس أردوغان للولايات المتحدة: "ما دام أن تواصلكم مع قوات حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي واللذان يعملان على استخدام ساحة الحرب في سوريا ضد تركيا، ما دام تعاونكم مبنيا على ذريعة محاربة داعش، وأنهم لا يقاتلون غيرها فقط، وما دمتم تعرفون حق المعرفة ما هي حقيقة حزب الاتحاد الديمقراطي وتقولون إنكم لن تسمحوا له بإنشاء دولته في نهاية المطاف... في هذه الحالة تعالوا لنتخلص من شراكتكم معهم والتي تغذي وتقوّي هذه المنظمات، نريكم العنوان الصحيح، خذوا هذه المعارضة المعتدلة لتحارب معكم ضد داعش كقوات على الأرض. اتركوا دعم الاتحاد الديمقراطي والعمال الكردستاني، تعاونوا مع هؤلاء الأشخاص.
باختصار، "ميدان مواجهة، وتحدٍ"، باختصار، اختبار.
إن انتقاد أوباما للرئيس أردوغان بالشكل الجلي الذي قام به، وبدلا من الرد على عرض أردوغان المشار إليه، اتجه إلى تعقيده وبيان استحالته بشكل غير مباشر.
لأن التمييز الإيجابي والدعم الذي تقوم به أمريكا للشعوب الديمقراطي والعمال الكردستاني، بينما هي تعامل الشعب السوري والمعارضة بهذا الشكل الكوميدي وتعمل على إهماله وإغفاله، ليس هناك أي مبرر أو سبب يمكن معه أن تفهم هذه الفعال في إطار من العدالة والإنصاف.
ولذلك، لا فرصة لوجود حل مناسب لهذه لمعضلة.
لا تبدو الولايات المتحدة كما لو أنها ستدعم الاتحاد الديمقراطي مهما كانت الظروف، لكنها تظهر أنها ستستمر في اعتبار ارهاب الاتحاد الديمقراطي والعمال الكردستاني كعنصر فعال في الضغط على تركيا وأردوغان، والحصول على فائدة "موازنة" للمشهد.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس