ناجيهان ألتشي - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

دخل حزب العدالة والتنمية مرحلة جديدة بعد مؤتمر يوم الأحد. استقال أحمد داود أوغلو من منصبه رئيسا للوزراء ورئيسا للحزب، وخلفه بن علي يلدرم الذي شغل منصب وزير النقل والشؤون البحرية والاتصالات منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكم في عام 2003.

نظم المؤتمر بطريقة جيدة للغاية، وغص بالحشود المتحمسة. عندما دخلت قاعة المؤتمر لفت انتباهي لافتات عملاقة لشعار المؤتمر "استمرار المسيرة المقدسة". وضعت صورة الرئيس رجب طيب أردوغان بين صورة رئيس الوزراء السابق أوغلو، ورئيس الوزراء الجديد يلدرم. وعلى الرغم من أن أردوغان لم يحضر المؤتمر بنفسه، فإن حضوره وقيادته سيطرا على القاعة جسدا وروحا، وهذا ما يميز في الواقع العدالة والتنمية عن الأحزاب الأخرى، حيث يملك الحزب زعيما طبيعيا مؤثرا لا يسمح وجوده بحدوث أي انقسام في الحزب، بغض النظر عن عدد التغييرات الرئيسة التي حدثت فيه. وعلى هذا النحو مضى حزب العدالة والتنمية في طريقه بشكل سلس.

عمل داود أوغلو بجد خلال الشهور العشرين التي قضاها رئيسا للوزراء، وترك انطباعا جديا في السياسة بطريقة وداعه الرقيقة. ومهما يكن الأمر، فإن ولايته استندت على منطق يحدد رئاسة الوزراء والرئاسة التركية كما لو كانا قوتين منفصلتين، ما قد يؤدي إلى بعض المشكلات الناجمة عن الازدواجية في الإدارة. إن اختلاف نهج أردوغان وأوغلو في بعض القضايا والمشاكل المهمة خلقت متاعب بين فريقي عملهما لفترة من الوقت. لقد صارت تركيا في وضع جديد ينتخب فيه الرئيس بالتصويت الشعبي. وعلى الرغم من أن الرئيس الذي ينتخب بهذه الطريقة يبدو محايدا من الناحية الرسمية، فإن من المستحيل، بالنسبة له، أن يكون محايدا كما لو كان لا يملك روابط بأي حزب سياسي. ولذلك فنحن بحاجة إلى التفكير في منصبي الرئيس ورئيس الوزراء الجديد في ضوء القوانين الجديدة.

أردوغان هو الرئيس الذي يعد القائد الطبيعي للعدالة والتنمية، ويملك قاعدة شعبية قوية في المجتمع، ولذلك يمكن للنظام في تركيا أن يتقدم، إذا انسجم رئيس الوزراء معه في العمل بوصفه رئيسا للدولة. ومع ذلك فإن النظام البرلماني لا يزال قائما، ويشكل أساسا لكثير من المشاكل في البلاد. خلال عهد يلديريم بوصفه رئيسا للوزراء، ستحاول حكومة العدالة والتنمية إجراء تعديلات طفيفة على الدستور أولا، والتحول إلى نظام يسمح للرئيس بأن يكون عضوا في حزب سياسي، وسيكون هذا حل وسط مؤقتا.

 

الهدف الرئيس لأردوغان وحزبه هو إصدار دستور جديد يعتمد النظام الرئاسي، لكن عدد المقاعد في البرلمان الحالي لا يسمح بذلك، كما أن النظام الرئاسي يجب أن يشرح جيدا للشعب. وبعبارة أدق تحتاج تركيا إلى إيجاد الأجواء لمناقشة أي نوع من النظام الرئاسي تتطلبه لتعزيز الديمقراطية والحقوق الأساسية. لكن، لسوء الحظ، ليس ذلك ممكنا في الوقت الحالي نظرا للاعتراضات التي تثيرها أحزاب المعارضة حول النظام الجديد، ورغبتها في استمرار النظام الحالي.

وعلى ذلك ما هي الاختلافات الأساسية بين عهد داود أوغلو ويلدرم؟ أولا لدى كل منهما ملامح مختلفة، فداود أوغلو أكاديمي، وهذه المزية تنعكس دائما في السياسة. وداود أوغلو سياسي رومانسي شكلت رؤيته السياسة الخارجية التركية منذ عام 2009. وعلى الرغم من أن هذه الرؤية كانت صحيحة من حيث الأساس، فإنها، وياللأسف، لم تتحقق في سوريا، حيث لم يعزل ديكتاتور سوريا الوحشي بشار الأسد. ستنقل تركيا من المسار المثالي الرومانسي إلى الواقعية في السياسة الخارجية خلال الحقبة الجديدة. ولتحقيق هذه الغاية فقد تعيد إحياء التحالفات القديمة، وتتصالح مع الغرب.

أما يلدرم فهو مهندس معروف بأعماله وجهوده الإنمائية، فعندما كان وزيرا شيدت الطرق والجسور وأقيمت مشاريع عملاقة، وهو الآن يريد التركيز على التنمية. يخاطر ويهدف إلى تنفيذ مشروعات عملاقة مثل قناة إسطنبول، والحد من التباطؤ الذي عرفته تركيا منذ اندلاع الاحتجاجات في جازي بارك عام 2013. من الوضاح أننا سنرى رئيس الوزراء الجديد يتكلم قليلا، ويحاول تحقيق العديد من المشاريع على نحو متزامن، كما ستركز تركيا على زيادة النمو في الفترة المقبلة.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس