أوزان جيهون - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
في أوروبا يتعلم حتى الأطفال أن يكونوا على حذر من هجوم إرهابي محتمل في أي لحظة كضرورة تقتضيها الظروف. تسير حياة مواطني الاتحاد الأوروبي في قلق مستمر في محطات القطارات والمترو والمطارات، حيث يستمر الإرهاب الذي يعد أحد أكبر الأخطار التي تهدد البشرية، في تهديد حياة المدنيين اليومية.
يتوقع مواطنو الاتحاد الأوروبي، وهم على حق في ذلك، من السياسيين والحكومات والمسؤولين القيام بإجراء فعال لمكافحة الإرهاب، ويدعمون بالكامل خيار عمليات إطلاق الصواريخ على مقرات الجماعات الإرهابية إذا لزم الأمر.
من حق المواطنين الأوروبيين أن يتوقعوا مبادرة فعالة لمكافحة الإرهاب في جميع أنحاء أوروبا، في حين يتوقع المواطنون الأتراك في أنقرة وإسطنبول وانطاليا وأزمير وديار بكر القضاء على الأنشطة الإرهابية مثل تلك الموجودة في كوبنهاجن وفيينا وروما. ومن نافلة القول أن هذا حق لهم.
لو لم تدخل تركيا في الصراع الضروس ضد إرهاب داعش، وتمكن مقاتلو داعش من التوجه إلى أوروبا بحرية عبر تركيا، وقاموا بهجمات عنيفة فيها، لكان رد الناس في أوروبا على ذلك محقا تماما ويمكن تخيله. ولو أن رئيس البرلمان التركي التقط صورا مع صحفيين وسياسيين مؤيدين للإرهابيين الذين يسفكون دماء الأوروبيين لهاج الرأي العام الأوروبي وماج.
لذلك أود أن أسأل: بينما تواصل تركيا معركتها الدؤوب ضد داعش التي تسفك دماء الأوروبيين والأتراك على حد سواء، وبينما يشعر المواطنون الأوروبيون بالطمأنينة بفضل كفاح تركيا فما الذي يفعله الاتحاد الأوروبي ضد حزب العمال الكردستاني المحظور الذي جعل تركيا حماما للدماء، ويقتل الأبرياء بتفجيرات انتحارية في كل أسبوع تقريبا؟
ولكن يا للاسف لا تفعل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي شيئا ضد حزب العمال الكردستاني.
لا تسهم دول الاتحاد الأوروبي في مكافحة حزب العمال الكردستاني، بل إنها تدعمه بشكل غير مباشر من خلال تقديم الدعم العلني لحزب الاتحاد الديمقراطي (بي يي دي) الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني.
في الأسبوع الماضي عقد رئيس البرلمان الأوروبي، مارتن شولتز، اجتماعات منفصلة مع بعض الصحفيين والسياسيين المؤيدين لحزب العمال الكردستاني، والتقط الصور معهم، على الرغم من أن البرلمان الأوروبي معروف بأنه مؤيد صريح لحقوق الإنسان. كان شولتز مصمما أيضا على عقد مزيد من الللقاءات معهم.
هل هذا هو ما يفهمه البرلمان الأوربي في الدفاع عن حقوق الإنسان؟
ألم يتحرك ضمير شولتز عند عقد لقاءات ودية مع مؤيدين لحزب العمال الكردستاني، حيث إنه يجب أن يكون على علم بأن حزب العمال الكردستاني قتل المئات والآلاف من الأبرياء؟
فيما مضى كان شولتز معروفا بأنه صديق حميم لتركيا عندما كان رئيسا لبلدية فورسلن. وأتساءل ما إذا كان دافعه الحالي أن يشوه سمعته ويصير شخصية معادية لتركيا. أرجو أن أكون مخطئا. أوضح شولتز في الآونة الأخيرة بتصريحاته أنه يكره الرئيس رجب طيب أردوغان. هذه ليست مشكلة بالنسبة لنا، حيث يتمتع أردوغان بدعم الملايين، ومعروف عنه أنه الزعيم المغبون في جميع أنحاء العالم، وذلك فإن كراهية شولتز له لا تعني ولا تدل على أي شئ . ومع ذلك فإن من حقنا أن نتوقع منه أن يتصرف بشكل أكثر عقلانية فيما يتعلق بالتهديد الأكبر للإنسانية في الوقت الحالي والمتمثل في الإرهاب.
أتساءل عما إذا كان مستشارو شولتز قد أطلعوه على الأمر بشكل صحيح. وعلى سبيل المثال ألم يخبروه بأنه سيقابل صحفيا نشر بعض المقالات في صحيفة تسيطر عليها المافيا السياسية التي تهدف إلى الاستيلاء على الدولة التركية، وتدعم الهجمات الإرهابية؟ ألم أحد يخبر شولتز أن الصحيفة نفسها تجاهلت أخلاقيات الصحافة والكرامة الإنسانية بنشر صور على صفحة كاملة لجثث قتلى في أعقاب هجوم لحزب العمال الكردستاني؟
ألم يخبر أحد شولتز أن رئيس الحزب الذي قابله لم يندد أبدا بأي هجوم لحزب العمال الكردستاني حتى الآن، ويدافع باستمرار عن حزب العمال الكردستاني في كل مناسبة؟ هل يعلم شولتز أن شقيق هذا السياسي مقاتل في العمال الكردستاني؟ يزعم شولتز أنه يتبع طريق فيلي برانت الزعيم المثالي للحزب الاشتراكي الديمقراطي، ولكن هل يتوافق اللقاء مع سياسي يتحدث بالنيابة عن حزب العمال الكردستاني مع أخلاقيات الحزب الاشتراكي الديمقراطي؟ إذا كان شولتز يفعل ذلك للتصدي لأردوغان، فيجب ان يذكره أحد بأنه يسبب في الواقع ضررا كبيرا للاتحاد الأوروبي الذي يمثله.
كيف يمكن للمرء أن يقاتل داعش بفاعلية، في حين أنه يصافح مؤيدي حزب العمال الكردستاني؟
ألا يتجاهلون جميع قيم الاتحاد الأوروبي عندما يسمحون لبعض أعضاء البرلمان الأوروبي بوضع أعلام حزب العمال الكردستاني في أروقة مبنى البرلمان؟
يبقى البرلمان الأوروبي مجرد شاهد عندما عقدت كاتي بيري، مقررة الشؤون التركية في الاتحاد الأوروبي والتي تبنت أخيرا سلوكا معاديا لتركيا، وغيرها لقاءات مع مؤيدين لحزب العمال الكردستاني، حيث إن هذه الأنشطة تدخل في إطار حرية عمل أعضاء البرلمان الأوروبي. ومع ذلك فقد حان الوقت لوقف الذين يحاولون تحويل البرلمان الأوروبي إلى خيمة دعاية لحزب العمال الكردستاني.
لا أعرف ما إذا كان هؤلاء الأعضاء سيعرضون على ناخبيهم خلال انتخابات البرلمان الأوروبي 2019 صورهم وهم يصافحون مؤيدي الإرهابيين الذين استضافوهم في البرلمان في الأسبوع الماضي. يجب علينا بالتأكيد توزيع هذه الصور لكي نتأكد من أن الناخبين الأوروبيين قد عرفوا هذه الحقائق، لأن الناس هم من يدفعون دائما ثمن هذه الأعمال غير المسؤولة.
لا يمكن وقف إرهاب داعش في أوروبا ولا إرهاب العمال الكردستاني في تركيا بمثل هذه السياسات الخاطئة.
آمل أن يدرك الاتحاد الأوروبي في يوم ما أن معركة مكافحة الإرهاب لا يمكن أبدا أن تحقق نجاحا، ما لم تكن هناك معركة واحدة ضد جميع أنواع التنظيمات الإرهابية. لا يمكن القضاء على داعش بتدليل حزب العمال الكردستاني.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس