محمد عبد العظيم - خاص ترك برس
من يقرأ التاريخ جيدًا يعرف هذا التشابه العجيب بين ملك الحبشة إبان بعثة النبي صلى الله عليه وسلم "اصحمة بن ابجر" وبين الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان فقد تشابه الرجلان في أعظم صفة من صفات الإنسانية.
'العدل ونصرة المظلوم'
عندما اشتدت المحنة بالمسلمين وتعرضوا للتعذيب الشديد على يد كفار قريش كان لا بد للنبي صلى الله عليه وسلم بصفته ولي أمر المسلمين وقائدهم أن يجد مكانًا آمنًا يرسل إليه أصحابه لينقذهم من بطش قريش وظلمهم ولم يجد النبي صلى الله عليه وسلم أمامه غير هذا الرجل العظيم النجاشي أصحمة بن أبجر الذي توفرت فيه كما ذكرت سالفا أعظم صفات الإنسانية العدل ونصرة المظلوم.
أمر النبي أصحابه بالهجرة إلى الحبشة قائلًا لهم عليكم بالحبشة ففيها رجل عادل لا يظلم عنده أحد
هذا هو الفيصل لا يظلم عنده أحد
فالمظلوم عندما تجتمع عليه المصائب ويشتد به القهر وتضيق به بلاده يبحث عن مخرج ومفر وديارا آمنة يهاجر إليها والأمن أساسه العدل فلا أمان ولا نصرة بلا عدل ولذلك فر المسلمون بدينهم إلى النجاشي.
وقد سار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على نفس النهج أقام العدل بين شعبه حتى أصبح ملهما للأمة كلها وأصبحت بلاده ملاذا للمظلومين والمطاردين فكما هاجر الصحابة بعد أن اشتدت عليهم المحنة في مكة إلى نجاشي الحبشة تكرر المشهد في عصرنا هذا فبعد قيام ثورات الربيع العربي وتعرضت هذه الثورات العربية للمؤامرات الخارجية والداخلية وفشل الكثير منها للأسف الشديد تعرض أبناء هذه الشعوب للقهر والقتل والاعتقال فلم يكن أمام الكثيرين غير ترك بلادهم التي ضاقت عليهم والبحث عن مأوى آمن يأويهم ويحميهم وبعد أن تخلت الأمة عن أبنائها بعدما أصابها الضعف والوهن لم يكن يجد أبناء هذه الشعوب مأوى لهم غير تركيا ورئيسها أردوغان.
ملايين السوريين الذين تعرضوا لمؤامرات وتحالفات دولية وشردتهم عصابات الأسد في سوريا حتى تقطعت بهم السبل فلم يجدوا من يحنوا عليهم ويضمد جراحهم ويطيب خواطرهم غير تركيا ورئيسها وكذلك آلاف المصريين الذين خرجوا من مصر فارين من جحيم الانقلاب العسكري في مصر لم يجدوا ملاذا آمنا غير تركيا وكذلك أبناء الثورة اليمنية وغيرهم كثير بل أهل فلسطين ومسلمي أفريقيا الوسطى وبورما كل هؤلاء لم يجدوا من يهتم بقضيتهم غير الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حتى أصبح أردوغان للمسلمين الآن.
"نجاشي العصر الحديث"
وهذا ما جعل قلوب ملايين المسلمين من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب كادت تنخلع في محاولة الإنقلاب الأخيرة خوفًا ليس على أردوغان فقط كشخص وإنما على ما يمثله هذا الرجل من قيم عظيمة تتعطش لها الأمة منذ عشرات السنين.
ولم يقتصر التشابه بين أردوغان والنجاشي في عدلهما فقط بل كان التشابه العجيب أيضا في نتيجة هذا العدل، فقد اكتمل التشابه بين الرجلين بتعرض كل منهما لمحاولة انقلاب عليه فقد تعرض النجاشي لمحاولة الإنقلاب عليه من أحد قادته كما ذكر بن إسحاق في سيرته ص 266:
قالت أم سلمة "خرج عليه رجل من الحبشة ينازعه في ملكه، فوالله ما علمنا حزنا قط هو أشد منه، فرقا من أن يظهر ذلك الملك عليه فيأتي ملك لا يعرف من حقنا ما كان يعرفه، فجعلنا ندعو الله ونستنصره للنجاشي فخرج إليه سائرا، فقال أصحاب رسول الله بعضهم لبعض: من يخرج فيحضر الوقعة حتى ينظر على من تكون؟ فخرج الزبير وعاد مكبرا لأن الله قد أظهر النجاشي على عدوه فكبر المسلمون وفرحوا فرحًا شديدًا".
وكما فرح المسلمون بفشل الإنقلاب قديما على النجاشي لعدله ونصرته للمسلمين المطاردين فقد فرح مسلمو اليوم أيضًا بفشل الإنقلاب علي نجاشي هذا العصر لنفس السبب لأنهم رأوا في أردوغان الرجل العادل الذي رفض الظلم وآوى المظلوم ونصر الحق وأهله.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس