سعيد معيض - خاص ترك برس
كشف حجم التعاطف والإعجاب والفرح لتركيا وللرئيس التركي رجب طيب أردوغان لدى كثير من أبناء الأمة العربية والإسلامية بعد الانقلاب الفاشل الذي وقع مؤخرا في تركيا، مدى الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها الرئيس أردوغان ليس في وطنه تركيا فحسب بل في الكثير من الدول العربية والإسلامية، وسر هذا الإعجاب هو سياسته المرتبطة بالدفاع عن مصالح المسلمين في كل مكان، وسياسته الداخلية الحكيمة هو وحزبه التي أسهمت في تحسن المستوى الاقتصادي، والاجتماعي والسياسي لتركيا ولشعبها الشقيق.
بعد الانقلاب الفاشل بقليل، وفي أثناء أحد النقاشات مع بعض المثقفين التي تناولت محاولة الانقلاب حيث كان ذلك حديث الساعة سأل أحدهم لماذا هذا التعاطف للعرب مع أردوغان رغم أنه لم يقدم شيئا للعرب؟!
كانت إجابتي على هذا السؤال الاعتراضي بداية ان أي رئيس دولة ليس مطالبا من شعبه أن يقدم شيئا للدول الأخرى حتى لو كان هناك صلات وتقارب ديني أو قومي وإنما ما يهم الناخب المحلي هو ما يقدمه الرئيس المنتخب لشعبه من توفير الحياة الكريمة للشعب وتحسين المستوى الاقتصادي والخدمات لأفراد الشعب، وقد فعل ذلك أردوغان حيث تحسن المستوى الاقتصادي كثيرا في تركيا منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة عام 2002م، وانخفضت نسب البطالة وارتفع المستوى الاقتصادي للشعب، وانخفضت معها أعداد العمالة التركية في الخارج لا سيما في السعودية حيث وجد الكثير منهم أعمال بديلة في داخل وطنهم بدل البحث عن العمل خارج تركيا، وعلى مدى 14 عاما من حكم العدالة والتنمية وعلى رأسها رجب طيب أردوغان حدث الكثير من التطور والنماء الاقتصادي والصناعي والسياحي والعلمي وغيرها من المجالات التي كانت محل تقدير وإعجاب المتابعين داخل تركيا وخارجها.
وعلى الصعيد الخارجي فهناك الكثير من المواقف المشرفة للدولة التركية في الوقوف مع القضايا الإسلامية في مختلف بقاع الأرض وعلى رأسها القضية المركزية الأولى وهي قضية فلسطين، وكان لها موقف مشرف من الحصار على غزة أدى ذلك إلى قطع العلاقات مع إسرائيل عدة سنوات، ومتابعتها لقضية مسلمي ميانمار، ومساعدة الكثير من الدول الإسلامية لتجاوز محنتها، ولعل أهم هذه الدول التي ساعدتها تركيا وأخرجتها من خانة "اللادولة" إلى الدولة هي الصومال الفيدرالية ولأهمية الدور التركي في الصومال فسأتحدث عنه بإيجاز.
بعد انهيار الدولة الصومالية المركزية عام 1991 دخلت الصومال في حالة انهيار وحروب أهلية طاحنة ومجاعات ولم يستطع زعمائها توحيد الصومال، وفي ظل هذه الأوضاع تخلت دول العالم عنها، وتكونت حكومات ضعيفة لا تسيطر إلا على أجزاء صغيرة من البلاد وتعاني من عدم الاعتراف بها من قبل المجتمع الدولي، وفي 2011 حدثت مجاعة كبيرة في الصومال مات آلاف البشر منها وايقظت العالم، وهنا كانت تركيا من أوائل المستجيبين للمساعدة، واختلفت المساعدات التركية المقدمة للصومال عن جميع من قدم الدعم للصومال، ففي حين كانت هذه المساعدات قاصرة على المساعدات الإغاثية للدول والمنظمات التي قدمت المساعدات للصومال، تجاوزت المساعدات التركية للصومال المساعدات الإغاثية إلى المساعدة في جميع المجالات، وبدأت هذه المساعدة بزيارة أردوغان للصومال كأول مسؤول كبير يصل للصومال منذ 20 عاما وكان لهذه الزيارة دور كبير في رفع معنويات الحكومة والشعب الصومالي حيث نقلت قضيتهم من النسيان إلى الاهتمام الدولي، وذلك لأن الصومال قبل ذلك كانت دولة منسية وعندما يذكر اسم الصومال يتبادر إلى ذهن الشخص، الفقر والإرهاب والقراصنة والمجاعات.
هذه الزيارة أسهمت في دعم الحكومة الصومالية واستعادة فاعليتها وانتخاب حكومة دائمة ووضع دستور للبلاد بجهود من الدولة التركية، كما حرر الكثير من أجزاء البلاد من الجماعات المتطرفة وبدأ الوضع الأمني والمعيشي يتحسن كثيرا في الصومال، تركيا أدركت أن الجزء الأكبر من مشاكل الصومال يتمثل في فقدانها للحكومة القوية ولهذا عملت على تقوية الحكومة ومساعدة الشعب الصومالي على الاتفاق على تشكيل الحكومة ولهذا أوجدت حلا دائما لمشاكل الصومال، وأنشأت فيها الكثير من المراكز الصحية والإغاثية والتعليمية التي ساعدت كثيرا في عودة الصومال كدولة إلى المجتمع الدولي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس