صالح تونا – يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس
ما نعلمه أن حزب الاتحاد الديمقراطي/ وحدات حماية الشعب هو الذراع العسكري لحزب العمال الكردستاني في سوريا، و"الجيش البري" للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة حسب اعترافها والتي لم تعترف بأن داعش هي الأخرى قوات عسكرية برية تعمل لخدمة العلم الأمريكي.
أما أنا فأعلم الآتي وسأقوله: في أثناء توجيهنا الضربة العسكرية لداعش في مدينة جرابلس فإننا في الوقت ذاته نحطم حزب العمال الكردستاني/ وحدات حماية الشعب/ حزب الاتحاد الديمقراطي ومن والاهم وناصرهم كذلك.
فالحملة الإعلامية المشوهة والمغرضة التي قادوها عقب حادثة قافلة شاحنات الاستخبارات التركية وادّعوا فيها أن تركيا تقدم المساعدات لداعش كانت مساعي لتربيط بلدنا عالميا بالتزامات تصب في مصالحهم لكن الموقف التركي الجديد وقصف داعش سبّب خيبة أملهم وأمل اللوبي الذي عمل ليل نهار من أجل تشويه سمعة تركيا ولهذا السبب كذلك يتلوى جمال حسن ألمًا وامتعاضًا.
لا يزاوركم الشك في أن "مثقفي الاحتلال" سيندمون كل يوم أكثر من سابقه، خصوصا أن اللعبة قد فشلت. فاللعبة على حبال جماعة غولن آلت إلى الفشل والعلاقة التي تجمع داعش مع وحدات حماية الشعب قد تم فك شيفرتها. وكما هو معلوم فإن الخطة تدار بالمنطق والشكل التالي: المناطق التي ترغب فيها الولايات المتحدة الأمريكية وأعوانها يتم احتلالها من قبل داعش وبشكل وحشي أولا، ثم تأتي قوات وحدات حماية الشعب وتلعب دور "الحامي والمخلص" لتخرج داعش وتفرض سيطرتها على تلك الأماكن. الحقيقة أن هذه الخطة ليست نوعية أبدا.
فهذه الطريقة و"الخطة" متبعة منذ القدم وتم تطبيقها لإنشاء الدويلات التي تحيط بآبار البترول في المنطقة الممتدة من أفريقيا إلى الشرق الأوسط، فالخطة تبدو وكأنها مصممة للمنطقة، وهي خطة صناعة "الأبطال الوهميين" كما عبر عنهم الشاعر الأستاذ المرحوم نجيب فاضل.
أما تركيا فبدخولها إلى جرابلس وبهذا التاريخ والتوقيت الزمني الدقيق نجحت في إفشال هذه الخطة، إذ تدخلت قبل أن يتم تسليم المنطقة من قبل داعش لقوات وحدات حماية الشعب، بمعنى أنها نجحت في قطع "الدهليز" الذي يغذي "إسرائيل الثانية" قبل أن تتم عملية التسليم والانتقال.
رئيس الجمهورية المحترم كان قد أعرب منذ زمن على مسامع القريب والبعيد والصديق والعدو أن تركيا لن تقبل ولا بأي شكل من الأشكال ولا بأي حجة من الحجج أن يتم إنشاء مثل هذا الكيان على حدودها.
والنتيجة كانت كما يلي: الدهليز الذي حاولوا صناعته فشل في أيديهم، فقوات وحدات حماية الشعب انسحبت إلى منطقة شرق الفرات وهي تردد الأناشيد. يمكن أن تقولوا: ما دامت المنطقة كلها تخضع لجماعات وتنظيمات إرهابية تتبع جميعها للولايات المتحدة الأمريكية أليس من الغريب إذًا دخولنا إلى جرابلس بمساعدة الطيران الأمريكي؟
والجواب: لا، ليس غريبا البتة، فلو قامت الولايات المتحدة بغير ذلك لكانت قد وضعت بنفسها نهاية حرب الوكالات هذه وكانت ستظهر الحقيقة للعيان مباشرة وهو ما لا ترغبه الولايات المتحدة.
كما أنه يجب أن لا ننسى أن تركيا وقبل دخولها إلى سوريا وصلت إلى تفاهمات مع كل من روسيا وإيران بخصوص "وحدة التراب السوري". فبغض النظر عن الأصوات والخشخشة التي تأتي بين الفينة والأخرى من إيران وروسيا.
أضف لذلك أن الموقف الإيراني لم يتجاوز التصريح بأن "على تركيا أن تتحرك من خلال التنسيق مع النظام في دمشق"، والذي يبدو أنه موجه لشركائها "ومصالحها" في دمشق أكثر من كونه موجهًا لتركيا. فكما تشكل وحدة التراب السوري أهمية كبرى لتركيا فإن وحدة التراب السوري تحمل نفس الأهمية لإيران خصوصا أنها معرضة لمواجهة التهديد ذاته في الفترة القادمة.
ما أقوله هو التالي، وحدة التراب السوري ليست تعبيرا عن محبة الأتراك لروسيا وإيران ولا لمحبة إيران أو روسيا لتركيا وإنما هو ما تفرضه الظروف، فالظروف الحالية تشترط على هذه الدول أن تسعى لوحدة التراب السوري، وأن تتفق بهذا الشأن.
ولكم أن تفسروا ما يحدث على أنه "حالة حب بين إيران وروسيا" أو رفض الذل والعبودية والتبعية للولايات المتحدة الأمريكية، أو على أنه ضرب من الشيطنة الإعجازية. لكن ما يجب أن يتم استيعابه هو أن الهدف هو "المحافظة على وحدة التراب السوري" وأن كلًا من إيران وروسيا على فهم ووعي بأن هذا الهدف والسعي له لا يعني القبول بحكم نظام الأسد.
حسنا، لكن من هؤلاء الذين لا يرغبون بوحدة التراب السوري؟
سأقول وبكل صراحة ومن غير تلاعب بالكلمات، إنه تجمع إسرائيل - الولايات المتحدة الأمريكية، فالولايات المتحدة تهدف إلى زرع كيان على حدودنا يكون بمثابة "إسرائيل الثانية" وله تأثير الخنجر المسموم. ومن أجل هذا لن تدخر جهدا ولا طاقة. وأرجو أن لا تنغروا بكلمات بايدن عندما قال مخاطبا تركيا "لن تجدوا صديقا أفضل من الولايات المتحدة الأمريكية"...
جاري تغيير شركة المقاولات
ما الهجوم على كمال كليجدار أوغلو وعملية اغتيال رجال الشرطة في مدينة جيزرة إلا دليل على ذلك. فالهدف الآن هو خلق فوضى وإنتاج عدم استقرار في تركيا بحيث يتمكنون من إخضاعها وتركيعها. لكن كونوا مطمئنين بأنهم لن يتمكنوا من شيء. ويكفينا لإفشال خططهم أن لا نقع في مصيدة التفرقة والتجزئة وأن نحتضن بعضنا بعضا ونشد سواعدنا معا.
يجب أن نعلم أنه لا يمكن إنجاز شيء في القضية السورية باستخدام ورقة الولايات المتحدة الأمريكية، ويجب أن لا يغيب عن أذهاننا أن سوريا هي دولة محاذية لحدودنا وإذا ما رغبنا في الوقوف بوجه زرع إسرائيل ثانية على حدودنا يجب أن نحافظ على وحدة تراب هذه الدولة الجارة، ومن أجل هذا تدخلت تركيا. وليس من أجل العودة إلى مواويل "أتباع الاتحاد والترقي الجدد" أو مواويل "لصوص السياسة".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس