ترك برس
كان التدخل التركي في جرابلس آخر تطور كبير على الساحة السورية وصفه البعض بأنه مؤشر ميداني على التوافق التركي الروسي الإيراني، في حين تساءل آخرون عن الخطوة التي ستلي هذا التدخل.
حاول غالب دالاي الباحث في منتدى الشرق الإجابة على هذا التساؤل في مقاله على الجزيرة ترك "ما هي الصورة التي قد تتصدر المشهد في سوريا؟"، الذي بدأه بالإشارة إلى أن عملية جرابلس تسير بسرعة لم تكن متوقعة ممّا يدل على أنها ستنتهي في موعد قريب.
وأوضح دالاي أن التحرك التركي يأتي في خضم تحرك دبلوماسي تركي روسي إيراني مُكثّف في الآونة الأخيرة، مشيرًا إلى أن استهداف النظام لوحدات الحماية الشعبية أكّد وجود قناعة لدى هذه الأطراف بضرورة إيجاد حل لا يُرضي الجميع بالضرورة ولكن يُقرّب على الأقل وجهات النظر.
من المُستبعد التوصل إلى حل دبلوماسي إقليمي بالصورة التي تسعى إليها روسيا وإيران وتركيا حسب دالاي، الذي أكد أن هذا الحل غير ممكن بدون التوقيع الأمريكي وأن القضية السورية أصبحت قضية دولية منذ زمن، لذلك على تركيا أن تكسب ضوءًا أخضر من الجميع وعلى رأسهم روسيا وأمريكا اللتان لن تسمحا بتجاوزهما في سوريا.
وفيما يتعلق بأهداف الأطراف الدولية في سوريا، يرى دالاي أن الهدف الأساسي لتركيا هو الحفاظ على وحدة الأراضي السورية والحيلولة دون التقسيم السياسي والقانوني والجغرافي والديمغرافي الذي يسعى حزب الاتحاد الديمقراطي إلى إقراره في شمال سوريا، مشيرًا إلى أن وجود الأسد أو عدم وجوده ليس مهمًا بالنسبة لتركيا، فالمهم هو الحفاظ على سوريا موحدة.
أما فيما يتعلق بالهدف الأمريكي، فيشير دالاي إلى أن الدعم الأمريكي لحزب الاتحاد الديمقراطي لا ينبع من كونه العنصر الأقدر على محاربة داعش في سوريا، بل لكونه عنصر مؤهل لحمل الراية الأمريكية في سوريا التي طالما انفردت بحمل الراية السوفييتية ثم الروسية، وهُنا تتخد أمريكا من دعم الاتحاد الديمقراطي موطئ قدم لها في سوريا.
أما إيران، فينوّه دالاي إلى أنها الطرف الوحيد الذي يُصرّ على ضرورة استمرار الأسد في حكم سوريا التي تعدّها جزءًا أساسيًا في الحزام الشيعي الذي يصل إيران بالعراق وسوريا ولبنان، مؤكدًا في الوقت نفسه أن إيران تخشى من توسّع سيطرة الاتحاد الديمقراطي في سوريا الذي ترى أنه يُحفّز المكون الكردي الإيراني على الانتفاض.
وبالنسبة لروسيا، يرى دالاي أنها لا يهمها وجود الأسد أو ذهابه، بل ما يهمها هي مصالحها المتمثلة بالقواعد الجوية والمنفذ البحري المطل على شرق البحر الأبيض المتوسط.
ويعتقد دالاي أن روسيا وغيران ستبديان مرونة على طاولة الحوار مع تركيا، فهناك الكثير من النقاط المشتركة وعلى رأسها الحفاظ على وحدة سوريا، ولكن هناك عائق وحيد وهو الدعم الأمريكي للاتحاد الديمقراطي.
ستولي روسيا التوصّل إلى حل توافقي مع أمريكا اهتمامًا كبيرًا حسب دالاي، فإبقاء القواعد العسكرية في سوريا وزيادة وجودها في شرق البحر الأبيض المتوسط يمثّلان تحديًا كبيرًا لأمريكا، وروسيا على علم بذلك، ولذلك ستفاوض أمريكا طويلًا دون أن تتخلى عن مسار التوافق مع تركيا وإيران.
ستعمل الولايات المتحدة وروسيا على إيجاد حل وسط، يقول دالاي، وسيتم من ثم إقناع الأطراف الإقليمية بهذا الحل الذي ستكون محاوره الأساسية تأسيس نظام سوري علماني على أساس لا مركزي يشمل النظام الإداري الداخلي فقط ولا يُشبه عدم المركزية العراقية، كما سيتم استهداف بعض المجموعات المسلحة بتهمة الإرهاب.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!