حسين يايمان – صحيفة وطن – ترجمة وتحرير ترك برس
يعتبر حزب العدالة والتنمية من أنجح الأحزاب في تركيا سواءً على صعيد النّجاحات السياسية، أو على صعيد عدد نوابه في البرلمان. فهذا الحزب حقق ثلاثة انتصارات متتالية في الانتخابات التي خاضها. بالإضافة إلى ذلك كان يرفع من نسبة شعبيّته في كل استحقاق انتخابي يخوضه. وبذلك فقد استطاع هذا الحزب أن يدرج اسمه في لائحة الأحزاب النّاجحة في تركيا.
ولكي نستطيع فهم نجاحات هذا الحزب، علينا أن ننظر إلى الماضي ونقيس إجراءات هذا الحزب مع إجراءات الأحزاب السابقة.
مع بزوغ شمس الرابع عشر من أيّار/ مايو لعام 1950، انتهى حكم حزب الشّعب الجمهوري الذي استمرّ لستة وعشرون عاماً. ومنذ ذلك الحين بدأت مرحلة جديدة في حياتنا الديمقراطية.
لقد أطلق على خمسينيّات القرن الماضي من حيانتا السّياسيّة، اسم أعوام "عدنان مندرس". فالاستقرار الذي تحقق خلال تلك العشرة سنوات، قفزت بالبلاد قفزةً نوعيّة. فقد انفتحت تركيا على لعالم الخارجي، وتمّت إزالة مفهوم تحكّم الدّولة بالاقتصاد والحياة الاجتماعيّة. وقد استمرت حالة الازدهار هذه حتى الانقلاب العسكري الذي جرى في 27 أيار/ مايو عام 1960.
كل عشر سنوات انقلاب عسكري
الانقلاب العسكري الذي حدث في 27 أيار/ مايو من العام 1960، يعتبر أساس كل المساوئ التي حلّت بالبلاد منذ ذلك العام إلى الآن. فقد قاد البلاد إلى الوراء بعد أن تحقق الاستقرار والازدهار في عهد عدنان مندرس وتمّ على إثر ذلك الانقلاب، إعدام مندرس ووزيرين من وزراءه. كما تلقى النظام الديمقراطي الحاكم ضربة موجعة آنذاك. وقد أدارت حكومات التّحالف البلاد حتى عام 1965.
وبعد انتخابات عام 1965، بدأ ما يعرف بأعوام سليمان ديميرال في الحياة السياسية التركية. ففي هذه المرحلة تمّ إنشاء البنية التّحتيّة للنظام الرأسمالي عن طريق المشاريع التنمويّة الكبرى. كما استمرّ الاستقرار لمدّة خمس سنوات. وبعد هذه الفترة القصيرة من الاستقرار، تمّ حلّ حزب العدالة الذي كان يترأّسه سليمان ديميرال، ومن بعده جرت انقلاب عسكري ثاني بحجّة زعزعة الاستقرار في البلاد.
عرفت سبعينيّات القرن الماضي بأعوام الحكومات الائتلافية. فقد تسلّمت الحكم أحد عشرة حكومة ائتلافية مابين عامي 1970 و 1980. وبسبب كثرة تغيّر الحكومات، انجرّت البلاد إلى أزمة اقتصادية كبيرة. وأدّى تفاقم الوضع الاجتماعي والاقتصادي إلى انقلاب آخر في البلاد. فلم يمضي وقت طويل حتى حدث انقلاب 12 أيلول/ سبتمبر عام 1980 والمعروف بدمويّته. فقد تحوّلت البلاد إثر هذا الانقلاب إلى سجن مفتوح وقام الانقلابيون آنذاك بإغلاق كافة الأحزاب السياسيّة.
أمّا بالنسبة لثمانينات القرن الماضي، فقد دخلت التّاريخ باسم أعوام تورغوت أوزال الذي استمرّ حكمه حتى عام 1991. وبعد أن تخلّى أوزال عن حزبه واعتلى منصب رئاسة الجمهوريّة، صَعُبَ على أعضاء الحزب إيجاد قائد بديل لأوزال. وكان من نتيجة ذلك أن تلاشى هذا الحزب شيئاً فشيئاً حتى فقد حاكميّته. وعلى أعقاب انحلال حزب أوزال بدأت مرحلة جديدة من عدم الاستقرار تسيطر على الأجواء السياسيّة في تركيا ما بين عامي 1991 و2002. حيث شهد البلاد في هذه الفترة اضطرابات اقتصادية كبيرة أدّت إلى تغيير عشرة حكومات خلال عشر سنوات.
فلو أردنا أن نلخّص المرحلة التي سبقت حكم رجب طيّب أردوغان، نجد أنّ البلاد كانت في وضع متخبّط اقتصاديّاً وسياسيّا واجتماعياً. فلا تكاد البلاد تتقدّم خطوةً إلى الأمام، إلا ويعقبها تراجع بخطوتين إلى الوراء.
لقد استلم حزب العدالة والتنمية حكم البلاد على هذا الوضع. فحكاية رجب طيب أردوغان أصبحت شعاراً لهذا الحزب. فقد غيّر التاريخ خلال فترة حكمه التي امتدّت لاثني عشر عاماّ.
ولو أردنا أن نلخّص فترة حكم العدالة والتنمية، يمكننا أن نبوّب هذا التلخيص في 12 مادة. وهي على الشّكل التّالي:
1 – حطّم أردوغان كل الارقام القياسية بحفاظه على السلطة لمدّة 12 عاماّ.
2 – اعتلى منصب رئاسة الجمهورية رغم كل العوائق ومحاولات الأحزاب الاخرى الوقوف في طريق وصوله إلى القصر الرئاسي.
3 – شهدت هذه الفترة أحداثاً خطيرة على الصعيد الدّاخلي مثل أحداث "غيزي بارك" و"أولو دره" الذي قتل فيه 34 مواطن كرديّ وحادثة منجم الفحم في بلدة صوما التي راح ضحيّتها 301 عاملاً.
4 – شهد الاقتصاد قفزة نوعية، بينما انهارت السياسة الاجتماعية في البلاد.
5 – قام أردوغان بتغيير الوجهة والرؤية السياسيّة الحاكمة في البلاد.
6 – على الرغم من سيطرة حزب العدالة والتنمية على السلطة منذ 12 عاماً، إلا أنّ المعارضة لم تغيّر أسلوبها أبداّ.
7 – على الرغم من كثرة الاتّهامات التي وجّهت للعدالة والتنمية باقتياد البلاد إلى الوراء، إلا أنّ الحزب بقيادة أردوغان قام بتطوير البلاد واقتيادها إلى الأمام.
8 – بعد الاستفتاء على الدستور الذي جرى عام 2010، بدأ الحزب الحاكم بتبنّي لغة الدّولة مع خصومه.
9 – أعلن الحزب عن أهدافه المستقبليّة لعام 2023.
10 – بدأ الإمتحان الحقيقي لحزب العدالة والتنمية بعد أن اعتلى أردوغان منصب رئاسة الجمهوريّة. فهل سيستطيع الحزب الاستمرار في العمل المؤسّساتي بعد أردوغان؟
11 – لم يستطع الحزب تحقيق النّجاح المطلوب فيما يخص مسألة المصالحة الوطنية ومسألة إعداد دستور جديد للبلاد. حيث أنّ الحزب حقق نجاحاً عظيماً فيما يخصّ مجالات التنمية و النّهوض الاقتصادي.
12 – يعتبر حزب العدالة والتنمية حزباً ناجحاً في حال مقارنته مع الأحزاب الاخرى، لكن إذا ما نظرنا إلى أهداف الحزب، نجد أنّه لم يستطع أن يحقق كل غاياته وأهدافه.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس