ترك برس

تقع قلعة "قره جه حصار" على هضبة في ولاية "أسكِي شهير" التركية، وتستمد أهميتها التاريخية من فاتحها "عثمان بن أرطُغرل" مؤسس الإمبراطورية العثمانية، والمعروف بـ"عثمان الأول".

وتأسست القلعة كمقر عسكري استراتيجي للبيزنطيين في القرن السابع والثامن، وأشرف على قيادتها الملك "تَكفور" الذي كان يدفع الضرائب للدولة السلجوقية آنذاك في إطار اتفاق سلام بين الطرفين.

ويقول المؤرخ التركي "رفعت غوناي"، إن البيزنطيين تغلّبوا على الأتراك وتمكنوا من السيطرة على القلعة واستخدموها كمقر استراتيجي في الحملة الصليبية الأولى، إلا أنهم فشلوا في الحملة الصليبية الثانية التي انتصر فيها الأتراك عليهم بقيادة السلطان "مسعود" في العام 1147.

وفُتحت القلعة في العام 1288 على يد "عثمان الأول" الذي قام بعد ذلك بتوطين الأتراك في منطقة "قره جه شهير" الواقعة بجوار القلعة، وفي العام 1299 عيّن عليها قاضيًا وإمامًا بعد زيادة عدد سكانها.

وتمكن "عثمان الأول" بفضل هذه القلعة الاستراتيجية من التمدد بشكل كبير في الأراضي البيزنطية وتوسيع نطاق سيطرته في المنطقة، وبذلك وضع الحجر الأساس لتأسيس الدولة العثمانية.

وتشير الوثائق التاريخية في تركيا إلى أن فتح قلعة "قره جه حصار" هو أول فتح للدولة العثمانية، وقد فسحت المجال أمام فتح القلعة البيزنطية الثانية في منطقة "إيناغول" التابعة لولاية بورصة.

كما ساهمت هذه الخطوات في انتشار اسم "عثمان الأول" على نطاق واسع، وتشجيع القبائل الصغيرة على الانضمام له، الأمر الذي زاد من قوته في المنطقة وشجّعه على التمدد أكثر.

وبعد فترة من النسيان، عاد اسم القلعة للتداول بين الأتراك في الآونة الأخير إثر عرضه في مسلسل "قيامة أرطُغرل" التاريخي أو "Diriliş Ertuğrul" الذي يحكي قصة حياة أرطغرل بن سليمان شاه، والد عثمان خان مؤسس الدولة العثمانية، كقائد قبيلة تجمعت له جميع عناصر تكوين دولة جديدة، لتحمل لواء الفتح الإسلامي في لحظات من التاريخ عاني فيها العالم الإسلامي حالة من الشّتات والضّعف.

وتدور أغلب أحداث المسلسل في القرن الثالث عشر، في زمن الصراعات بين الإمبراطوريات في المنطقة، أهمها المغول والصّليبين، في ذلك الوقت بدأ أرطغرل بن سليمان شاه رحلة البحث عن موطن له ولقبيلتِه لإنهاء معاناتهم وتنقلاتهم، بعد مرحلة طويلة من الخطر وقلة الأمان وعدم الاستقرار.

ويحظى المسلسل التاريخي بشهرة واسعة في تركيا وعدد من دول العالم، بعدما قامت شركات إنتاج عدة بشراء حقوق بثِّ المسلسل وترجمته للغات مختلفة، بينما تابعه الجمهور العربي عبر اليوتيوب بالملايين، وأعلن التلفزيون القطري في مطلع العام 2017، بثَّه للمسلسل باللغة العربية، بالاتفاق مع الجهة المنتجة له.