ترك برس
نشرت شبكة الجزيرة القطرية القطرية تقريرًا عن شعب تركستان الشرقية (الإيغور) الذي استقر في تركيا ويحمل رؤية بتحرير أرضه من الاحتلال الصيني، ويؤمن بعدالة قضيته التي يشبِّهها كثيرا بقضية فلسطين، أما رسالته فهي الحفاظ على هوية الآباء والأجداد بما فيها من تراث وتقاليد تمثل للإيغور كنزا لا يقدر بثمن.
ويُشير التقرير إلى أن هجرات شعب تركستان الشرقية هربا من بطش العملاق الصيني ونظامه الشيوعي، بدأت منذ خمسينات القرن الماضي، فجابت أفواج النازحين منهم أرجاء البلاد القريبة متنقلين في موجات متعاقبة بين أفغانستان وباكستان وكشمير، لكن جالية كبيرة منهم استقرت في تركيا.
ووفقا لإعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل بضعة شهور، فإن تعداد الإيغور في تركيا يبلغ 300 ألف نسمة أكثرهم تجار وموظفون، ويتركزون في عاصمة البلاد أنقرة وكبرى مدنها إسطنبول ومدينة قيصري.
وبحسب الجزيرة، تنشط بضع جمعيات ومؤسسات إيغورية في تركيا في العمل لحماية الهوية التركستانية لغة وثقافة وعلوما وتاريخا، ومن بين تلك المؤسسات جمعية معارف تركستان الشرقية التي تتواصل مع الإيغور منذ تأسيسها عام 2006 كي تبقي قضيتهم حية في قلوبهم وإن رحلوا عن بلادهم.
فهذا رئيس الجمعية هداية الله بن حمد الله أوغزهان الذي يقيم في تركيا منذ 13 عاماً ما زال يحمل في مخيلته الكثير من الحكايات والصور عن طبيعة الحياة في تركستان "المحتلة"، ويقول للجزيرة نت أن الإيغوريين في تركيا يجتهدون ليحافظوا على هذا التراث في سلوكهم فتجمعهم مناسبات الفرح والحزن على السواء.
فرضت رياح الغربة على تراث الإيغوريين هواها وعصفت بشعورهم الثقافي الذي بات مختلفا عما كان عليه في أرض الوطن، حتى قال أوغزهان أن "الفرح والترح في الغربة سواء".
ويستخرج الناشط التركستاني من ذاكرته بعض قصص التراث في بلاده ومنها مراسيم الزواج الذي يبدأ بتوجه إمام جامع الحي مع المصلين بعد صلاة الفجر لتناول الطعام في بيت العروس، فيتناول الرجال طعامهم بالآلاف ثم ينصرفون، لتحضر النسوة ويتناولن طعامهن.
يتوجه العريس بعد ذلك مع أصدقائه إلى بيت العروس بعد صلاة الظهر فتكرمهم العائلة بالطعام على وقع الموسيقى الإيغورية، ويمضي العريس عدة ساعات في بيت أنسبائه ويغادر صحبه لتحل مكانهم النساء مرة أخرى، ثم يأتي الرجال مجددا لزفة العروسين إلى بيت الزوجية بالتكبيرات والتهليل.
ويحيي الإيغور في تركيا كثيرا من المناسبات كالأعياد الدينية والأيام الوطنية المرتبطة بتاريخ كردستان مثل يوم تأسيس الجمهورية الإسلامية في تركستان الشرقية الذي يحتفل به في 12 نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام.
كما يحرص شباب الإيغور ونشطاؤهم على المشاركة في الملتقى الأخوي العالمي لأبناء تركستان الشرقية الذي يجمع النخب والمثقفين في أيام ثقافية وعلمية تتخللها الندوات والورش والعروض الفنية ومعارض التراث، وقد أقيمت نسخته الخامسة بمدينة إسطنبول العام الماضي.
ويبين أوغزهان أن الإيغور مرتاحون في تركيا "التي يرحب شعبها بكل المظلومين من العالم الإسلامي، ويقول:"نحن بالذات أصولنا تركية وعلاقاتنا منذ قرون، فالشعب معنا والحكومة أيضا، لذلك لا نجد صعوبة في العيش والحصول على الإقامات".
لكن المسؤول التركستاني يتمنى أن تساند تركيا قضية شعبه كما تساند القضايا الأخرى، قائلاً: "نحن مظلومون ويجب أن تلقى الصين موقفا قويا من تركيا كطرف يساند تركستان".
وفيما ينشط قسم من الإيغوريين في الدفاع عن قضيتهم من أرض الغربة، يفضل آخرون اللواذ بالصمت دفعا للأذى الذي قد يطالهم أو أقاربهم في البلاد على يد الحكومة الصينية، ومن بينهم أيوب الذي رفض أن يفصح عن اسمه الكامل أو القبول بتصويره.
سألته الجزيرة عن الذي يخشاه وهو في تركيا، فقال أن اليد الصينية الطويلة تلاحق الإيغور وتتجسس عليهم في كل مكان، وتوقع العقوبات الشديدة بمن يتحدث عن انتهاكاتها، مؤكدا أن العقوبات يمكن أن تنال أهالي الناشطين وأقاربهم إن لم تصل إليهم هم.
ولا زالت مأساة مذابح الإيغور في أورومتشي عام 2009 عالقة في أذهان أبناء تركستان الذين يؤكدون أن التعسف والحكم الظالم على يد الصينيين يتضمن العديد من الصور كالاعتقالات القاسية والسجن لفترات طويلة والتعذيب الذي لا يرحم.
كما تمنع الصين أبناء الإيغور من تعلم لغتهم الأم أو دراسة العلوم الإسلامية وحتى تلاوة القرآن الكريم، وفرضت حظرا على ارتداء الحجاب وصيام رمضان وغير ذلك من الشعائر، بحسب ما يؤكد النشطاء الإيغور.
ووفقا لأيوب، فإن الصين تتعامل مع الشعب الإيغوري كشعب تحت الاحتلال، فتمارس الانتقام من أبنائه الذين يبلغ تعدادهم قرابة الــ 40 مليون نسمة بصور عديدة، موضحا أن لهذا السلوك خلفية دينية محضة وبعد قومي، يتمثل بالرد على نجاح الإيغور بتأسيس جمهورية تركستان الشرقية الإسلامية مرتين عامي 1933 و1944 وفي ذات الميعاد (12 نوفمبر/تشرين ثاني).
ويعتب أيوب على الأمة الإسلامية التي لا تناصر شعبه في وجه ما يتعرض له ويقول: "تركستان الشرقية جزء من جسد الأمة، هي فلسطين وفلسطين هي تركستان، وإسرائيل هي الصين والصين هي إسرائيل، نحن لدينا قضية احتلال وشعب مسلم يريد الحرية".
ويضيف: "يجب أن يفهم العرب والمسلمون الذين لا يعرفون الصين على حقيقتها أن تركستان الشرقية ليس فيها مدرسة يتعلم فيها الطفل المسلم القرآن، ومع ذلك وبعد 65 سنة الناس ما زالت مرتبطة بدينها وتتعلمه رغم الضغط الكبير".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!