عزيز أوستال – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس
يقول لطيف أردوغان، الذي قضى 45 عامًا مع فتح الله غولن: "ما يميز غولن عن بقية الطلبة النورسيين هو ارتباطه التام بالولايات المتحدة. ومن يحظى بقبول واشنطن فإن الحكم من حقه، والحزب السياسي الذي لا تقره لا يمكن انتخابه أو وصوله سدة الحكم".
بطبيعة الحال لا يعترف غولن بهذا على أنه حقيقة مطلقة، وإنما يتشبث به على أنه حقيقة حياتية لا يمكن التخلي عنها. لأن الحكم بالنسبة له لا يأتي بأصوات الناخبين وإنما بمثل هذه القوة. ولأن الولايات المتحدة هي الأقوى فالحكم من حقها بطبيعة الحال!
عندما ترشح رجب طيب أردوغان لرئاسة بلدية إسطنبول كانت الجماعة وبأمر من غولن، تدعم حزب الوطن الأم ومرشحه إحسان كسيجي. وهذا الأخير هو صهر لأسرة سليمان دميريل، الرئيس التركي الراحل. ولأن غولن يحب دميريل كثيرًا كان من الطبيعي أن يدعم كسيجي.
وعندما صدر حكم على أردوغان بسبب قراءته قصيدة شعرية لم تقف جماعة غولن إلى جانبه، بل دعمت مرتكبي هذا الظلم. وعندما دخل السجن لم يزره أي فرد من الجماعة، باستثناء لطيف أردوغان. لأن غولن كان واثقًا من انتهاء أمر أردوغان.
وقفت الجماعة ضد حزب العدلة والتنمية منذ المراحل الأولى لتأسيسه حتى دخوله أول انتخابات. أما المسوغ فهو أن الجيش لن يسمح بوصول هذا الحزب إلى السلطة. تواصلت معارضة الجماعة للحزب حتى الأيام الأخيرة قبل الانتخابات.
وبحسب ما نقله وجهاء الجماعة، فإن القيادي فيها هارون طوقاق قال لهم: "قبل بضعة أيام من الانتخابات اتصل بي غولن. عندما أبلغته بأننا ما زلنا على موقفنا غضب كثيرًا، وقال ’الحزب قادم بقوة وأنتم ما زلتم نائمون’. وصاح غاضبًا ’اسرعوا وتقربوا منهم’".
وإذا كانت الجماعة دعمت حزب العدالة والتنمية فالسبب الوحيد هو موافقة الولايات المتحدة وإسرائيل. لكن ما أن اتخذ أردوغان موقفًا مناوئً لإسرائيل حتى انقطعت علاقات الجماعة مع الحزب مهما كان الثمن.
علاقت الجماعة مع "العدالة والتنمية" كانت تكتيكية مستندة إلى المصالح ومسيّرة بأوامر العقل المدبر. لم تكن العلاقات صادقة وقائمة على أساس مصلحة البلد. وعندما أُتيحت للجماعة الفرصة نفذت المحاولة الانقلابية الفاشلة من أجل القضاء على أردوغان.
مع مرور الوقت بدأ حزب العدالة والتنمية برد مقترحات الجماعة ورفض طلباتها. وهذا ما استشاط له غولن غضبًا فهاجم أردوغان أولًا ثم الحزب. وغولن هو أول من وصف أردوغان بأنه "فرعون"، وأمر الجيش الإعلامي الذي يأتمر بأمره أن يستخدم هذا الوصف.
باختصار، لو لم يأتِ الأمر من مستويات عليا لما أقامت جماعة غولن علاقات مع حزب العدالة والتنمية. وزعيمها كان يردد باستمرار خلافه مع نجم الدين أربكان، ومن يتبنى تياره. ومن أجل الإطاحة بهم كان مستعدًّا للتحالف حتى مع الشيطان.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس