مصطفى قره علي أوغلو – صحيفة قرار – ترجمة وتحرير ترك برس
من الواضح أن حال ومسار علاقاتنا مع العالم غير مقبول تمامًا. تدهورت العلاقات مع الكثير من البلدان والحلفاء، ولا نستطيع اتباع سياسة لإصلاح ذات البين. تسوء العلاقات مع البعض نتيجة اختلاف المصالح، ومع البعض الآخر جراء العوامل السياسية، ومع آخرين بسبب توتر متبادل لا يمكن تفاديه. هناك أكثر من سبب للوضع الذي نعيشه. لكن الأمر الوحيد الذي يتوجب النظر إليه هو حجم مسؤوليتنا في المشكلة القائمة في العلاقات السيئة.
نعلم أن تركيا ليس من صالحها فقدان أي بلد، ناهيك عن التخلي عن العالم. لا بد من إقامة علاقات جيدة مع النظام المالي والدبلوماسي العالمي، ليس من أجل البلدان التي من حجمنا فقط، بل من أجل جميع البلدان التي تحكمها الديمقراطية. من أجل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ومصر وقطر والهند والصين على حد سواء...
كل صداقة تعني الرخاء والأمن بالنسبة لتركيا كبلد ينبغي عليه الحصول على حصة أكبر من التجارة الدولية، ويحتاج إلى التحالف مع الآخرين بسبب المشاكل الأمنية في محيطه.
عدم استطاعتنا إقامة علاقات مرضية في مجال التعاون الأمني على الأخص مع بعض البلدان، حتى في الأوقات التي سارت فيها الأمور على ما يرام، لا يغير هذه القاعدة. فالعلاقات الدبلوماسية الجيدة أفضل على أي حال من العلاقات السيئة، وتمنح الثقة.
ولا شك أن مسؤولي الحكومة يشاطروني هذه القناعة، لأننا نسمع حتى بعد أشد التصريحات لهجة، كلامًا يهدف للمحافظة على استمرار العلاقات. بمعنى أنه على الرغم من كل شيء، ومع كل الاستياء الذي نشعر به، هناك بعد للتوتر لا يمكننا الاستمرار به.
نعيش علاقات سيئة في الآونة الأخيرة مع ألمانيا. لم نشهد من قبل تصريحات شديدة اللهجة ومواقف متصلبة إلى هذا الحد بشكل متبادل بين البلدين. الأمر نفسه عايشناه مع هولندا والنمسا من قبل، والمشاكل ما تزال مطروحة على الطاولة.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومتحدثو الحكومة يقولون ما معناه "لم نرتكب خطأً. تستخدم ألمانيا هذا الخلاف مطية في انتخاباتها"، وهذا صحيح...
علينا تقبل هذا الواقع، جميع الأحزاب الألمانية بلا استثناء تتحامل على تركيا. ولا يوجد حاليًّا في ألمانيا من يتعاطف مع تركيا. ومع ذلك فإن الساسة الألمان متفقون على ضرورة عدم قطع العلاقات تمامًا معها.
الانتخابات ليس الذريعة الوحيدة لموقف ألمانيا من تركيا، لكن لنفترض أن كل هذه الضجة ثارت من أجل الانتخابات المزمعة في سبتمبر. إذًا السؤال الذي يطرح نفسه هو "لماذا أضحت تركيا هدفًا في الانتخابات بأوروبا؟ ما لم يكن يحدث في السابق لماذا يحدث الآن؟".
حتى وقت قريب كانت تركيا بلدًا تعبر أوروبا عن إعجابها به، وتصفه بأنه نجم صاعد. الأحزاب نفسها وحتى الزعماء أنفسهم كانوا يشيدون بالقفزة الديمقراطية والاقتصادية التركية، بينما كان الإعلام الأوروبي يكيل المديح لتركيا. وكان توصيف الزعماء الأوروبيين بأنهم "أصدقاء تركيا" ميزة وليس مشكلة. أما اليوم فالوضع معاكس تمامًا، وما يتوجب علينا هو أن نتجاوزه بأسرع ما يمكن.
علينا أن نطرح السؤال على أنفسنا: من بين كل بلدان العالم، لماذا تركيا؟ علينا ألا نمنح نظراءنا ورقة يستخدمونها ضدنا، وفي الوقت نفسه ألا نسمح بتشويه صورتنا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس