ترك برس
انتشرت في شوارع تركيا مؤخرا إعلاناتٌ وصورٌ للفيلم التركي المُرتقب "أيلا" Ayla الذي سيعرض اليوم 27 تشرين الأول/ أكتوبر في صالات العروض والسينما التركية، وقد أعلن عنه رسميًا كمرشحٍ لجائزة الأوسكار عن فئة أفضل فيلمٍ بلغة أجنبية.
تم تصوير الفيلم في مسرح غراند بيرا إميك من قبل بلدية بيوغلو احتفالًا بالذكرى الستين للعلاقات التركية الكورية، والفيلمُ من إخراج جان أولكاي، وإنتاج مصطفى أوسلو من شركة الإنتاج المحلية ديجيتال ساناتلار.
يروي الفيلمُ قصةً حقيقية لرقيبٍ من الجيش التركي أرسل ضمن 15 ألف جندي تركي ذهبوا إلى كوريا الجنوبية للوقوف إلى جانبها وحمايتها في حربها مع كوريا الشمالية بين عامي 1950 و1953، حيث يخاطر الرقيب سليمان ديلبيرلي بحياته من أجل إنقاذ الطفلة الصغيرة كيم أون جا التي يجدها في الغابة متجمدةً من البرد وعلى وشك الموت.
قام سليمان بتهريب أون جا إلى قاعدته العسكرية، وعلى الرغم من قلة فرص التقائهما تتشكلُ بينهما رابطةٌ قوية على مدى 14 شهرًا ليصبح سليمان الأب الروحي للطفلة.
وعند انتهاء الحرب، كان على سليمان العودة إلى دياره والتخلي عن الطفلة بالرغم من صعوبة ذلك، وقد اضطر إلى وضعها في دارٍ للأيتام آملًا أن يلتقي بها مرة أخرى في يومٍ ما. وبالفعل وبعد 60 عامًا من تلك الحادثة التقى الاثنان. وعلى الرغم من العقود التي مرت، بقي سليمان في قلب الطفلة التي أنقذ حياتها، وبقيت هي أيضًا في روح الرجل الذي أحبها كابنته من لحمه ودمه.
واليوم يختار صناعُ السينما هذا القصة المؤثرة لتكون رمزًا لذكرى العلاقة بين البلدين في العام 2017 والذي أطلقت عليه الدولتان اسم "عام التبادل الثقافي"، وستقيم تركيا مهرجانها السينمائي في سيؤول عاصمة كوريا الجنوبية. كما ستكون كوريا الجنوبية ضيفة الشرف في معرض إسطنبول للكتاب احتفالًا بهذه المناسبة وتوطيدًا للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
قام بدور سليمان الممثل إسماعيل حجي أوغلو، وبدوره حينما تقدم به العمر جيتين تيكندور، في حين قامت كلٌّ من كيم سيؤول ولي كيونغ جين بدور أيلا الطفلة وأيلا الأكبر سنًّا. وقد شارك ضمن طاقم التمثيلي الممثل الأمريكي إريك روبرت.
وقد صرّح رئيس بلدية بيوغلو أحمد مصباح ديميرجان معلقًا على فيلم أيلا: "إن حكمنا وأمثالنا التي لا زالت موجودةً من خلال الحفاظ عليها لآلاف السنين هي مثالية ورائعة وفعالة كما هي الحياة بالنسبة لنا، إنها أغلى ما نملك".
وفي إشارة إلى الصداقة بين تركيا وكوريا الجنوبية، أضاف أحمد: "يمكن تلخيص هذه الصداقة من خلال تعبيرين تركيين؛ الأول هو: Kara gün dostu olmak (أي أن الصديق الحقيقي يظهر يوم الشدة)، فنحن أصدقاءٌ وقفنا إلى جانب كوريا الجنوبية حين احتاجت إلينا، والآخر هو Yiğit kavgada belli olur (الشجاع يظهر وقت القتال)، لقد شهدنا شجاعة بعضنا البعض، لم نقاتل معًا ضد العدو فحسب، ولكننا أيضًا بنينا أخوةً استمرت لسنواتٍ عديدة. عبر أبناؤنا أميالًا من أجل الدفاع عن أصدقائهم الكوريين في الأيام الممطرة".
وتأكيدًا على رغبة تركيا في تحقيق السلام حول العالم، قال أحمد: "نحن ضد القسوة بأي شكلٍ من الأشكال، ولن نفقد هذا المفهوم في تعاملنا مع أي دولةٍ من جميع أنحاء العالم، لأن الحرب هي أسوأ شيء وُجد في تاريخ البشرية، ومن واجبنا الوقوف إلى جانب كل من تعرض لأذاها. إن الشعب التركي كان وسيبقى صديقًا لجميع الناس المضطهدين في العالم".
ومن جهته، قال القنصل العام لكوريا الجنوبية لدى إسطنبول، تشا يونغ تشول، إن بلدية سيونغ بوك الكورية قد وقعت معاهدة صداقة مع بلدية بيوغلو التركية في شهر آذار/ مارس من عام 2012.
وأضاف يونغ تشول: "دعمت كلٌّ من تركيا وكوريا الجنوبية بعضهما البعض ثقافيًا واقتصاديًا لمدة 60 عامًا، ويعيش اليوم ألفان و500 مواطن كوري في إسطنبول كأصدقاء للأتراك. بالإضافة إلى 110 شركة كورية في إسطنبول لعبت دورًا هامًا في مشاريع البنية التحتية التركية، كما قامت الشركات الكورية ببناء جسر السلطان ياووز سليم ونفق أوراسيا، وهي تعمل اليوم على بناء جسر جناق قلعة 1915".
وحضر جلسات التجهيز للفيلم إلى جانب الممثلين وطاقم العمل بطل الفلم الحقيقي سليمان ديلبيرلي، وكلٌّ من والي إسطنبول واصب شاهين، ومدير الثقافة والسياحة في إسطنبول جوشكون يلماز.
وتم عرضُ الفيلم مؤخرًا في مهرجان هوليوود للسينما التركية في استديوهات بارامونت، إلا أن السلطات الأمريكية منعت سليمان وأون جو من اللقاء في العرض الأول للفيلم الذي يروي قصتهما وحرمتهما من مشاهدته معًا بعد أن رفضت التأشيرة التي طلبها سليمان ديلبيرلي.
وذهبت أون جو إلى صالة العرض وحدها بدون أبيها الذي انتظرته لعشرات السنين، ولم تستطع إمساك دموعها التي شاركها معها الجمهورُ كلُّه والذي حزن لأجل بعد سليمان عن ابنته في لحظاتٍ كتلك.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!