ترك برس
رأى الخبير البريطاني، آرون شتاين، في واشنطن، أن انتشار القوات التركية في محافظة إدلب له تداعيات على المصالح الأمريكية قصيرة وطويلة المدى في شمال غرب سوريا، ويثير سلسلة من التحديات السياسية بالنسبة إلى الولايات المتحدة.
وكتب الخبير فى العلاقات الأمريكية التركية في المجلس الأطلسي في مقال نشره موقع المجلس أن إدلب هي أكثر الساحات تعقيدا في سوريا لأن هيئة تحرير الشام التي تشكلت في عام 2016،هي القوة المهيمنة في المنطقة. وتفيد التقارير أنها اختلفت مع زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، وانفصلت عن التنظيم.
وفي ظل هذه الخلفية، بدأت الحكومة التركية جهدا مزدوجا من أجل محاولة تحويل عناصر الهيئة ضد العناصر التنظيمية المتطرفة كجزء من جهد أوسع لتوحيد أوسع ضد المتشددين المتطرفين. وتهدف أنقرة من نشر قواتها في إدلب إلى الاستفادة من الخلافات داخل الهيئة في محاولة للحد من التهديد المتطرف لتركيا، وقلب التمرد الأوسع إلى قوة تتفق مع أهداف أنقرة الأوسع نطاقا للنزاع السوري.
وأضاف شتاين أن الأهداف التركية انتقلت إلى ما هو أبعد من إسقاط النظام السوري، وهي الآن تركز مباشرة على منع تفكك الدولة السورية، الأمر الذي سيؤدي بحكم الواقع إلى تمكين حزب الاتحاد الديمقراطي وميليشياته وحدات حماية الشعب الكردية في شرق سوريا. وقد سمح انتشار الجيش التركي في إدلب بتطويق الأراضي التي تحتلها وحدات حماية الشعب من جميع الجهات. وكثيرا ما تهدد الحكومة التركية بغزو عفرين، ولكنها لم تنشر حتى الآن قوات كافية للقيام بذلك.
ولفت إلى أن الانتشار التركي في إدلب له تداعيات على المصالح الأمريكية القصيرة والطويلة المدى في شمال غرب سوريا. فعلى المدى القصير ستؤدي عمليات أنقرة إلى وضع الأمريكيين في مشكلة سياسية صعبة، بحيث يركزون على إنهاء الحرب على داعش ويتركون الأتراك والروس على خط إدلب.
أما على المدى الطويل حسب شتاين، فإن الانتشار سيسبب مشاكل لمصالح الولايات المتحدة. والمشكلة الأساسية هي أن الاتفاق التركي الإيراني الروسي يرتكز على موافقة هيئة تحرير الشام على الوجود التركي في إدلب. وقد أوضحت الحكومة التركية أن الانتشار العسكري ليس مهمة قتالية. كما يدخل الجيش التركي ويغادر إدلب بمرافقة الهيئة، وهو إشارة قوية نوعا ما على قرار عدم محاربة الهيئة مباشرة. في سيناريو مثالي، لن تضطر أنقرة للقتال، وبدلا من ذلك، يمكن القضاء على كادر أو مجموعة مترابطة معزولة عن هيئة تحرير الشام من خلال قوات المعارضة المسلحة.
ووفقا لشتاين فإن من نتائج الاتفاق النهائي حول إدلب في أيلول/ سبتمبر الماضي بين تركيا وروسيا وإيران بالنسبة إلى الولايات المتحدة سيطرة روسيا في الوقت الحالي على المجال الجوي فوق إدلب، حيث يمكنها أن تستخدم ذريعة عدم التضارب لمنع الضربات الجوية الأمريكية في المنطقة، بحجة بسيطة هي أن إدلب الآن منطقة تهدئة، لذلك لا ينبغي السماح للغارات الجوية.
ويشير إلى أن الولايات المتحدة ما تزال مهتمة بضرب أهداف مرتبطة بالقاعدة في إدلب. ولكن هذا يبدو غير مطروح، حيث تستمر الجهود المتزامنة لتحويل التمرد ضد عناصر القاعدة. والمشكلة المحتملة بالطبع هي أن العناصر المتشددة في القاعدة تعرف بالضبط ما تحاول تركيا القيام به ولن تنتظر ببساطة حتى تحول أنقرة المعارضة ضدها. ولكن السؤال الذي يلوح في الأفق هو ما الخطط الطويلة الأجل لهزيمة مجموعة معزولة وصغيرة من عناصر القاعدة في إدلب عموما.
ويجيب بأن أحد الخيارات هو السماح للنظام السوري باستخدام القوة العسكرية لاستعادة المحافظة بمساعدة روسية. وهذا من شأنه أن يحرم جماعات المعارضة من الملاذ الآمن، ولكنه سيزيد من تفاقم قلق تركيا الأساسي وهو تدفق آلاف اللاجئين الفارين عبر الحدود. كما أن ذلك سيشكل ضربة قوية لجهود أنقرة لتجنيب المنطقة القصف العشوائي والتفاوض على حل سياسي بالنيابة عن المعارضة التي ترعاها الآن.
وتابع أنه يمكن دعوة الجيش التركي لمحاربة هيئة تحرير الشام، لكن هذا ينطوي على خطر تراجع المتعاطفين وعناصر القاعدة في سوريا وتركيا. ويمكن لروسيا، في هذا السيناريو، أن تحاول الضغط على الولايات المتحدة لتبادل المعلومات الاستخباراتية أو التعاون في حملة جوية مشتركة، وهي السياسة المفضلة لدى موسكو التي طالما ضغطت لتنفيذها مع واشنطن دون نجاح.
ويخلص شتاين إلى أن عملية أستانا والعمليات التركية في إدلب تضيف مزيدا من التعقيد لصناع القرار في الولايات المتحدة، ولكن من المرجح أن المصالح الأمريكية، سواء مكافحة الإرهاب أو الحفاظ على وجوده في المنطقة، ستجبرها على الاستمرار في الانخراط في سوريا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!