ترك برس
أكّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على ضرورة تطهير منطقة عفرين في سوريا من ميليشيات "حزب الاتحاد الديمقراطي" (بي واي دي) وجناحه "وحدات حماية الشعب" (واي بي جي)، وقال إن الجهة التي أسست "داعش" هي نفسها التي تدعم هؤلاء، في تصريحات وصفها محللون بأنها مؤشر على توافق جديد مع روسيا وإيران.
وأضاف أردوغان، خلال اجتماع عقده مع مسؤولي حزبه العدالة والتنمية قبل أيام، إن "هذا الموضوع تحدثنا عنه منذ البدء وسوف نعزّز موقع وحداتنا العسكرية كعنصر مسيطر عن طريق مراكز المراقبة في إدلب، ونحن مضطرون إلى القيام بذلك، لأننا إذا لم نفعل فإننا سنفتح المجال أمام مجموعات إرهابية لاحتلال هذه المنطقة".
ويرى مراقبون أن تصريحات الرئيس التركي تفتح الباب على تطورات كبيرة في الشمال السوري، وأن التحركات التركية ضد عفرين باتت محسومة، وقد تمتد لتشمل منبج بريف حلب الشرقي، الواقعة هي الأخرى تحت سيطرة ما يعرف بـ"قوات سوريا الديمقراطية"، التي تشكل الوحدات الكردية عمودها الفقري.
وعن دلالة هذه التهديدات التركية، يرى الخبير بالشأن التركي ناصر تركماني، أن تركيا من خلال تحالفها وتنسيقها مع روسيا، "تعمل جاهدة على تحقيق حل جذري يضمن استقرار المنطقة"، حسب ما نقلت عنه صحيفة "عربي21".
وأضاف: "نتيجة لتنصل الولايات المتحدة من وعودها التي قطعتها لتركيا بما فيها تسليم منبج للمعارضة، تحاول تركيا أن تحسم أمر بقاء حزب العمال الكردستاني في ريف حلب، وهي مصرة هذه المرة أكثر من كل المرات السابقة".
ويشير تركماني إلى أن "لتركيا الدور المحوري في فرض حل في شمال سوريا، والقوى الدولية راهنت على تحييد هذا الدور لكنها فشلت، ولذلك اليوم الحاجة تستدعي من كل الأطراف التنسيق مع تركيا".
وأوضح أن تركيا "لم تجن من علاقاتها السابقة مع الولايات المتحدة وحلف الناتو إلا الوعود فقط، ولذلك اليوم نجدها في علاقة قوية مع روسيا التي تتقاطع مصالحها الاستراتيجية في سوريا معها".
وبالعودة إلى عفرين، أكد تركماني نقلا عن لسان مسؤول مقرب من أردوغان، أن "قرار العمل العسكري في عفرين قد اعتمد من قبل السلطات التركية"، واستدرك بالقول إن "التوقيت يبقى غير معروف للآن".
بدوره، اعتبر الباحث بالعلاقات الروسية والتركية، باسل الحاج جاسم، أن أنقرة اليوم بفعل تنسيقها مع روسيا، "باتت تمتلك قوة أكبر وخيارات أفضل بكثير مما كانت عليه عندما كانت تنسق مع الولايات المتحدة، حيال الملف السوري".
وقال الحاج جاسم، بحسب "عربي21": "قد تبدو خيارات تركيا محدودة اليوم في سوريا، لكن بالرغم من ذلك فهي خيارات أوسع من الفترة السابقة".
وأضاف أن أنقرة "تنظر إلى عفرين كملف منفصل عن باقي الملفات السورية الأخرى، وهي توليها أولوية واضحة لمواجهة المشروع الكردي الانفصالي"، مبينا أن "مواجهة هذا المشروع الانفصالي قربت أيضاً من وجهات النظر التركية الإيرانية".
ويلفت إلى أن "تصريحات أردوغان حيال عفرين تشير بوضوح إلى موافقة روسيا وإيران على العملية التركية العسكرية القادمة"، متابعا بأن "هذا التوافق هو قطع للطريق من هذه الدول الثلاث على التحركات الأمريكية التي لا تعجب هذه الدول، وأداتها المليشيات الكردية".
في سياق متصل، يرى الكاتب والمحلل خليل مقداد، إن مستقبل وحدات الحماية الكردية يبدو غامضا، خاصة بعد نكسة كركوك في العراق، وانتهاء معظم العمليات العسكرية الرئيسية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسورية، وكذلك بعد إعلان تركيا عن نيتها إنهاء سيطرة الأكراد على مدينة عفرين السورية.
وأضاف مقداد، في مقال تحليلي، أنه "لهذا فهم اليوم يواجهون مستقبلاً غامضا، خاصة إذا ما قررت الدول العظمى أو بعضها التخلي عنهم بعد أن حققت هدفها باستخدامهم أداة في حربها على ما يسمى الإرهاب".
وأشار إلى أن إنتهاء العمليات العسكرية الكبرى ضد تنظيم الدولة، سيفتح الباب على صراعات جديدة لها علاقة بتقاسم المصالح وفرض تسوية سياسية، تحتاج لتوافق روسي أمريكي عليها، فأي دور سيلعبه الأكراد بعد تصريحات وحدات الحماية، أنها لا تسعى للإنفصال عن الدولة السورية، بل إقامة نظام حكم فدرالي لامركزي.
وتساءل: "فهل تعلمت من درس كركوك؟ أم أنها مناورة مرحلية تنتظر تغير المعطيات التي كبحت جماح طموحاتهم الإنفصالية؟ مقبل الأيام كفيل بالإجابة على هذا السؤال".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!