ياسر عبد العزيز - خاص ترك برس
شهدت الساحة اليمنية في الأيام الأخيرة تسارع كبير للأحداث ، بدأت فصولها منذ فترة ، لكن سرعان ما تتابعت الأحداث بشكل لم يخطر على بال حتى المخابرات الأمريكية الفاعلة بشكل لا يمكن تجاهله في المشهد اليمني ، فالخلافات التي بدأت منذ أشهر بين المخلوع على عبد الله صالح وشركائه في الانقلاب تطورت بشكل مطرد ووصلت إلى أن يخرج صالح في قناته التلفزيونية ليدعو أنصاره للخروج على الحوثيين ، ليستجيب أنصاره من المؤتمريين و القبائل دعما لعناصر الجيش الموالية لصالح لتشتبك مع الحوثيين، وقيل وقتها أن تفاهما ما تم بين صالح والسعودية والإمارات من خلال أبن صالح العميد أحمد الموجود في الإمارات ، وذلك بعد مناورة من صالح قصد بها تحريك السعودية باتجاهه من خلال تلويحه للتنسيق مع إيران، وبلع السعوديون الطعم ليهرولوا باتجاه صالح مراهنين على شبكة المصالح التي بناها صالح خلال فترة حكمه التي امتدت لأكثر من ثلاثين عاما، لكن الأمر لم يدم طويلا فبأمر من طهران وتنفيذا من الحوثيين تم إعدام صالح ميدانيا في بيته بعد القبض عليه، وهي الرواية الأكثر دقة من تلك التي روجت بأنه قتل وهو يهرب إلى مىسقط رأسه في سنحان ، ليقضي الحوثي على شريك محتمل للسعودية لإخراجها من ورطة اليمن، أو هكذا خططوا بعد سنتين من المحاولات التي لم تسفر عن نتائج ملموسة .
وتداركا لمقتل صالح واستكمالا لما خطط لليمن دعت السعودية و الإمارات نجل صالح وقائد حرسه الجمهورية لورث أبيه لكن الأنباء أكدت أن العميد أحمد علي عبد الله صالح، رفض كل العروض التي قدمت له بهدف قيادة المرحلة السياسية والعسكرية القادمة، وفي مقدمتها حشد المؤتمر الشعبي العام له، وإطلاق قناة فضائية، وتوفير دعم مالي لكافة الأنشطة، للقيام بعملية تحرير اليمن من مليشيات الحوثي والتغلغل الإيراني في اليمن بشكل عام .
ولما كان الرفض قاطعا فكان لزاما على السعوديين أن ينتقلوا إلى الخطة باء ، وهي الأمّر عليهم لكنها ستجلب النفع من وجهتين . والتي تقضي باستخدام الفصيل الأكبر في اليمن ذلك الفصيل الذي تم تحيده بعد محاولات سحقه في مؤامرة سقوط صنعاء و التي مررت بشكل أو بأخر برضا دول الجوار من أجل هذا الهدف ، وهو ما لم يحدث لحسن فطن قادة الإصلاح.
أنباء لقاء ولي العهد السعودي برئيس حزب التجمع اليمني للإصلاح محمد عبد الله اليدومي، وأمين عام الحزب عبد الوهاب أحمد الآنسي والذي تبعه لقاء قيل أنه جاء على عجل بين قيادي الإصلاح وولي عهد السعودية في حضرة ولي عهد أبوظبي يؤكد أن الخطة باء بدأت بالفعل في التنفيذ والتي كما قلنا ستجلب النفع من ناحيتين الأولى هي محاربة الحوثيين ومحاولة القضاء على النفوذ الإيراني على الحدود الجنوبية للمملكة والتي باتت مهددة بشكل كبير بعد الصواريخ الحوثية ، والثانية هي إدخال عناصر الإصلاح أتون المعارك بشكل يخطط له إماراتيا مما يحصد معه أكبر عدد ممكن من شباب الإصلاح وهو المطلوب منذ البدء في اجتياح صنعاء.
لكن ، ماذا على الإصلاح أن يفعل، وهو بين خيارين كلاهما مر؟ فإما أن يرفض ويظهر بمظهر الخائن بعد الأقاويل التي طالته بعد سقوط صنعاء ، أو ينخرط في خطة المحمدين ويفقد شبابه .
لا يستطيع أن ينكر أحد أن شباب الإصلاح والقبائل الداعمة له لها دور كبير في قتال الانقلابيين بشكل كبير لكنه قتال بغير غطاء سياسي ، فمنذ البداية ولم ترد القيادة السياسية للحزب أن تظهر شبابها بمظهر المقاتلين ، حتى لا يصنف حزب عسكري أو مليشياوي مع حضور دائم لتهمة الإرهاب ، لكن الآن وبعد أن بدا يظهر غطاء إقليمي لنضال عناصر الحزب، تريد القيادة أن تدخل المشهد من جديد ليكون لها دور في الحل النهائي للأزمة وحتى لا تهمش وهي ضالعة في محاولات دحر الانقلاب ، وعليه فالمطلوب من القيادة السياسية للإصلاح أن تستفيد بقدر ما تستطيع مع فرض شروطها مسبقا حتى لا تستغل ، ولتضع في اعتباراتها أن لولا وضع المحمدين ما كانا ليجلسا مع الإصلاح ولا فاوضوهم.
الوضع في اليمن يحتاج من القيادة السياسية للإصلاح عمل دقيق كمن يمشي فوق الأشواك، ومن ثم فالواجب أولا أن تنتقل القيادة السياسية من الرياض لأي عاصمة أخرى تراها أكثر حيادا ويسهل منها الحركة واتخاذ القرار بحرية، وثانيا عليها أن لا تخطو خطوة إلا وتشاور فيها القيادة الميدانية، حتى لا تنزلق إلى منزلق سوريا التي تأن من انفصام الميداني عن السياسي والذي أصبح مدخلا لتصفية الأزمة السورية لصالح الثورة المضادة .
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس