محمد قدو أفندي أوغلو - خاص ترك برس
تمتد جذور العلاقة والتعاون المشترك بين تركيا والسوادن لما يقرب من 450 عاما، إذ بدأت عام 1555 عندما أنشأ العثمانيون محافظة على جزء من شرق السودان وجزء من دولة إريتريا أطلق عليها مدينة سواكن.
وترتكز العلاقات التاريخية على الرباط الديني والحضاري بين الشعبين. والاهتمام التركي بالسودان ليست مجردة من التاريخ المشترك بين الشعبين فاللغة هي الحاجز الوحيد بين إقامة أفضل العلاقات الأخوية بين الدولتين، فالعلاقات الأخوية التي أساسها رابطة الدين الحنيف والتاريخ المشترك هي دعائم عميقة بين الشعبين والدولتين. شهد العام 1981 أول زيارة يقوم رئيس سوداني وهوالرئيس جعفر النميري لتركيا .
وبعد فوز حزب "العدالة والتنمية" في انتخابات عام 2002 شهدت علاقات تركيا مع جمهورية السودان تطورا ملحوظا ولرغبة الدولتين في تطويرها خدمة لمصالحهما المشتركة، فالسودان تعد بوابة أفريقيا والمدخل للسوق الأفريقية لكل النشاطات التجارية والاقتصادية الدولية الدولية مع أفريقيا.
وبنفس الوقت تتمتع تركيا بموقع جغرافي يؤهلها أن تكون مركز النشاط التجاري بين الغرب والشرق والشمال والجنوب. في الآونة الأخيرة بدأت تركيا بالاهتمام المتزايد بتطوير علاقاتها مع دول القارة الأفريقية ومن ضمنها السودان، وبدأت تلك الاهتمامات باتفاقية عام 2014 لتشجيع الاستثمار المتبادل بين البلدين بالإضافة إلى مذكرة التفاهم للتعاون في مجال إنشاء مناطق حرة.
بهدف إنشاء وتأسيس بنية تحتية قوية للعلاقات الاقتصادية بينهما مع تأكيد الجانبين على ضرورة زيادة صادراتهما المتبادلة بين الدولتين، وكانت تلك أولى البوابات التي فتحت أمام المستثمرين الأتراك في السودان، وكذلك أولى المشاريع المشتركة بين رجال الأعمال الأتراك والسودانيين في السودان.
وتحتل السودان مساحة قدرها 1,865,813 كيلو متر مربع وهي ثالث أكبر دولة في أفريقيا بعد الجزائر والكونغو الديمقراطية، والثالثة في العالم العربي بعد الجزائر والمملكة العربية السعودية.
والسودان غني بالثروات الزراعية والحيوانية والمعدنية وتوفر كميات كبيرة من المياة الجوفية والأنهار، وتمتلك احتياطيا من المواد الخام يؤهلها أن تكون ملتقى كثير من المستثمرين الأجانب فهي تملك 90% من الإنتاج العالمي من الصمغ العربي إضافة إلى وجود البترول والغاز فيها بالإضافة إلى منتجات زراعية وحيوانية، وهذه بدورها عبارة أسس لبناء صناعات استخراجية وإنتاجية وتحويلية.
وكانت أولى المحاولات في سبيل تطوير التعاون الاقتصادي بين تركيا والسودان بتشكيل لجنة على مستوى وزاري مهمتها عقد الاتفاقيات الاقتصادية بين البلدين والتي تجتمع بصورة دورية وأثمرت أعمال اللجنة على التوقيع على اتفاقيات في مجالات الزراعة والشراكة الزراعية والمجال الفني والتعليم والتعاون العلمي والنقل والتعدين والمعادن والكهرباء، وتتطلع اللجنة إلى إقرار اتفاق لإزالة العوائق الجمركية وتسهيل الحركة التجارية ونقل البضائع إضافة إلى الاتفاق حول حماية وتشجيع الاستثمار المتبادل.
إن آفاق التعاون بين السودان وتركيا واسعة جدا لاعتبارات عدة أهمها: - حاجة السودان إلى الاستثمارات الخارجية في مجالات الطاقة، مثل النفط والغاز الاستثمار في قطاع المعادن، لا سيما النحاس والكروم والحديد، فضلا عن مجال صناعة الأسمدة الزراعية.
- تطوير الريف والزراعة وإدخال الآلات الحديثة في عملية الزراعة والإنتاج النباتي والحيواني.
- شراكة مشتركة بين رجال الأعمال الأتراك والسودانيين في سبيل تقوية ودعم القطاع الخاص للمساهمة في التنمية. - حاجة السودان إلى تطوير المناهج العلمية وإدخال التقنيات الحديثة في التعليم العالي وتطويرها.
ومن المؤكد أن عملية المشاركة أو التكامل الاقتصادي بين البلدين يتطلب جهدا كبيرا وواسعا ويتطلب إنشاء مراكز بحثية تقوم بوضع خطط لمشاريع وتقييمها.
ورغم توفر عوامل عديدة تساهم وتساعد على إرساء قاعدة للتعاون الاقتصادي بين البلدين وأهمها حاجة السودان في الحصول على شركاء جدد بعد فرض المقاطعة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية لها وتأهل تركيا لملئ هذا الفراغ الناجم عن تلك المقاطعة, ويأتي التأهل التركي لوجود مقومات وروابط تاريخية ودينية بين البلدين ولوجود رغبة حقيقية بين الدولتين لتطوير علاقاتهما الاقتصادية والفنية, ورغم كل تلك الظروف المؤاتية لتطويرها لكن التعاون الاقتصادي بين البلدين لا زال دون المستوى المطلوب ودون الطموح المنشود, ولكن بوجود الرغبة الحقيقية بين البلدين لتطوير علاقاتهما, ربما ستقود إلى عملية مشاركة فعالة ومؤثرة للفعاليات الاقتصادية بين الدولتين.
ومن المؤكد أن تميز العلاقات السياسية بين البلدين والزيارات المتبادلة بين المسؤولين الأتراك والسودانيين والموقف الأخوي من السودان تجاه الانقلاب الأخير في تركيا ودعمها للشرعية وكذلك موقف الحكومة التركية من المقاطعة الاقتصادية الأمريكية للسودان هي أهم عامل مساعد على إرساء الثقة في التعامل الاقتصادي وتطويرها بين البلدين.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس