أوكان مدرّس أوغلو – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس
لم نستغرب ربط الهجوم الدموي الذي حصل في باريس بتركيا بطريقة ما، فبالرغم من ضرورة اتخاذ إجراءات دولية للحماية من خطورة "المقاتلين الأجانب" الذين ذهبوا إلى سوريا وانضموا إلى داعش، أشارت بعض الأصابع إلى تركيا بالاتهام، فمعظم تلك الأخبار التي أشارت إلى ربط تركيا بطريقة أو بأخرى بذلك الهجوم الدموي، كانت قادمة من الاتحاد الأوروبي، لكن ما أريد قوله هنا هو التالي:
لو أنهم لم يخلقوا المشاكل في فلسطين وأفغانستان والعراق وليبيا وسوريا، هل كان للإرهاب أن ينتشر ويمتد بهذه الطريقة؟
لو أنّ الدولة العميقة في أوروبا لم تحمي الأعراق التي تخصها فقط، على حساب عرق المهاجرين أثناء الأزمة الاقتصادية التي هزت أوروبا، هل كان سيحدث ما يحصل الآن؟
لو تم احتواء كل الثقافات التي تتواجد في الدول الأوروبية، وعلى رأسها ألمانيا، بدلا من تهميشها ومحاولة زرع الثقافة الأوروبية فيها، لما حصل ما حصل من تهميش تلك الأقليات.
لو أن العالم الإسلامي أجمع، اتخذ موقف واحد منذ البداية تجاه منظمة داعش الإرهابية التي تقطع الرؤوس باسم الإسلام، لما استطاع العالم اليوم اتهام الإسلام والمسلمين والحُكم عليهم بأنهم إرهابيين قتلة ودينهم دين رعب.
***
أليس من الأجدر أنْ يتم اتهام فرنسا، التي وُلد فيها وترعرع فيها منفذو الهجوم، وهم مواطنون فرنسيون من أصل جزائري؟ هل يمكن تجاهل سهولة وصول الشباب الممتلئين بالكراهية والحقد إلى داعش؟ بكل تأكيد .. لا.
قبل مدة قصيرة تحدثت مع وزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو حول هذا الموضوع، فحينها قد سمعنا بوجود امرأة اسمها حيات، كانت على علاقة بالطاقم الذي هاجم المحل التجاري اليهودي في باريس، وأنها كانت قبل فترة في تركيا، فانظروا ماذا قال الوزير:
"كيف يمكنني معرفة أنّ هذه المرأة جاءت إلى تركيا من أجل الانضمام إلى داعش؟ إذا كان هناك معلومة مثل هذه تشير إلى علاقتها بالإرهاب، فلماذا لم يتم إيقافها أثناء خروجها من فرنسا؟ فإذا كانت دول الشنغان لا تستطيع التحكم في مواطنيها ماذا علينا أن نفعل نحن؟ لا يوجد أمر بحث عن هذه المرأة، لأن اسمها ليس على القائمة، فحسب المعلومات التي حصلنا عليها من الاستخبارات، فقد وصلت إلى سوريا عبر تركيا عن طريق طرق تهريب، ونحن شاركنا هذه المعلومات فورا مع فرنسا.
أنت في دولتك لم تمنع خروجها، ثم الآن تسأل لماذا تركيا سمحت لها بالمرور؟ هذا ظلم أليس كذلك؟ هذه المرأة سجنت لمدة 16 شهر، وتعلمون أنّ لها علاقة مشبوهة بأشخاص إرهابيين، فلماذا لم تضعوها على قائمة المشبوهين؟ علينا زيادة التعاون بيننا في هذا المجال!".
نتيجة هذا الكلام، ما داموا لا يؤمنون بحقيقة أنّ الإرهاب هو جريمة ضد الإنسانية جمعاء، وعندما لا تصبح هناك استثناءات، وعندما لا يشارك الجميع في الحرب ضد الإرهاب بغض النظر عن الطرف المتضرر، لن تشعر أي دولة في العالم بالأمن والأمان!
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس