مجاهد الصوابي - خاص ترك برس
يمثل مسجد السلطان أحمد التاريخي في قلب مدينة إسطنبول القديمة مركز جذب رئيسي لكافة الجاليات العربية والإسلامية المقيمة في تركيا لأداء صلاة العيد على وجه الخصوص، كما يُعد المسجد مزاراً لملايين السياح الذين يتوافدون على تركيا طوال العام.
وقد دأبت الجاليات العربية على أداء صلاة العيد بمسجد السلطان أحمد الذي يتحول عقب الصلاة إلى منصة لتلقي التهاني والسلامات والتبريكات بين مختلف أبناء الجاليات من جهة وبين أبناء كل جالية على حدة؛ إذ يتجمعون من مختلف الجنسيات من كافة أنحاء تركيا.
وتتمركز تجمعات الجاليات العربية التي من بينها من لجأ إليها فاراً بحياته وحياة عائلته وهرباً من الموت أو السجن والتعذيب، ومنهم من جاء مستثمراً أو سائحاً أو طالبا للدراسة... الجميع في ساحات السلطان أحمد الواسعة وحول المسلة المصرية والساحة الفسيحة بينه وبين مسجد "أيا صوفيا"، ثم يتوجهون إلى حديقة غولهانة المجاورة للمسجد؛ لا سيما المصريون فيجلسون وسط المساحات الخضراء والورود وأشجار الزينة التي تملأ المكان ويتناولون بعضا من كعك العيد وطعام خفيف للإفطار صباح العيد.
وكانت نقطة تجمع المصريين عقب صلاة العيد هذا العام حول المسلة المصرية التي تذكرهم ببلادهم التي أخرجوا منها عقب الانقلاب العسكري للجنرال السيسي وعصابته، حيث التقى رئيس مكتب الرابطة ورئيس وأعضاء الجالية وكوادر التيارات الإسلامية والوطنية وعموم المصريين الكل يتبادل التهاني ويوزعون على بعضهم البعض بعضا من كعك العيد المصنوع على الطريقة المصرية الى جانب هدايا للأطفال والاطمئنان على أحوال بعضهم البعض.
المصريون تحت المسلة الفرعونية
بداية من مصر أكد النائب البرلماني المصري محمد الخزرجي، أن الجالية المصرية اعتادت منذ جاءت إلى إسطنبول عقب الانقلاب العسكري المشؤوم على صلاة العيد في ساحة السلطان أحمد والتجمع من كافة أطراف إسطنبول المترامية في هذا المسجد، إذ يأتون من باشاك شهير و بايلك دوزو ويني بوسنة وغونشلي وأسينيورت وغيرها من أجل الإحساس بالأُلفة وقضاء لحظات سعيدة؛ في ظل أجواء الحزن التي تخيم على الشعب المصري بسبب ممارسات الانقلاب العسكري من قتل للأبرياء وسجن ومطاردة لعشرات الآلاف فضلا عن غلاء وصعوبة الحياة على 100 مليون مصري.
وأضاف الخزرجي، أن المصريين لا يشعرون بأنهم أدوا صلاة العيد إذا لم يصلوا في مسجد السلطان أحمد، موضحاً أن غالبية المصريين الموجودين في إسطنبول إلى جانب العشرات ممن يقيمون خارج إسطنبول جميعهم التقوا اليوم في صلاة العيد، وتبادلوا التهاني وتفقدوا أحوال بعضهم البعض وتم توزيع كعك العيد المصري على الأطفال وأسرهم في باحات السلطان أحمد حتى يعيشوا أجواء الفرح وإدخال البهجة في قلوبهم.
تحسيد معاني الأخوة والوحدة الإسلامية
وعبر المواطن السوري عمر النجار، عن حرصه على صلاة العيد في مسجد السلطان أحمد منذ جاء إلى إسطنبول حيث أنه يعمل في مجال الأعمال الحرة ويلتقي الكثير من أبناء سوريا والعوائل، إلا أنه من الصعب أن يتجمع السوريون كلهم في مسجد واحد للصلاة حيث يوجد قرابة مليون سوري في كافة أطراف إسطنبول المترامية، مشيرا إلى الأجواء الروحية والجو التاريخي الإسلامي العتيق في ساحة مسجد السلطان أحمد وأيا صوفيا يخلقان إحساساً لا يوصف من الهيبة والقداسة التي تجذب الكثير من المسلمين للصلاة في تلك الأجواء.
ويرى النجار، أن أجواء الأخوة التي تعكسها صلاة المسلمين من عرب وأتراك وأفارقة وآسيويين وباكستانيين وهنود يجسد بحق معاني الوحدة الإسلامية الحقيقية بين أبناء الأمة التي يفتقدونها في ظل مؤامرات الأعداء على تمزيق وحدة الأمة الإسلامية.
اليمنيون يحتفلون بالعيد تحت شعار "صيفنا بتركيا أحلى"
يقول أحد الحضور اليمنيين: "نحن سنستقبل العيد في تركيا بعاداتنا وتقاليدنا وكذلك سنخرج إلى مصلى العيد ولدينا احتفال الجالية اليمنية لتجمع كل اليمنيين. هدفنا في هذه الاحتفال هو رفع شعار "صيفنا أحلى في تركيا"، وذلك بهدف إعادة الجميل لأبناء تركيا وشكرها على استضافتنا ولمواجهة الحملة غير البريئة الحالية التي تستهدف السياحة في تركيا، ونحن نستهدف في هذا العيد إظهار الجوانب والأشياء الجميلة في تركيا حتى يشاهدها العرب واليمنيون وكل أبناء الوطن العربي لا سيما في الخليج واليمن".
وأضاف أن اليمنيين أقاموا حفلا فنيا في حديقة عامة في اليوم الثالث من أيام العيد، تجمعت فيها الأسر اليمنية من مختلف الأنحاء واستمتعوا بالفنون اليمنية الأصيلة والمسابقات الثافية والفنية والشعرية إلى جانب توزيع الهدايا على الجميع في أجواء من الود والمحبة التي تجمع اليمنيين ومن حولهم أشقاؤهم الأتراك والعرب".
الصومال
ومن الصومال قال حمد عويس لـ"ترك برس" إن أبناء الجالية الصومالية يحرصون على اللقاء في صلاة العيد جميعا في مسجد السلطان أحمد فيؤكدون على بعضهم البعض ليلة وقفة العيد ويتفقون على مكان للالتقاء بعد الصلاة، وذلك في ركن ما حسبما يتم الاتفاق، ويأتي الطلاب الصوماليون المقيمون للدراسة بالمنح التركية وعددهم كبير إلى جانب عدد من عائلات العاملين الصوماليين في تركيا، مشيرا إلى أن أجواء الصلاة بمسجد السلطان أحمد "تذكرنا ببلادنا وبصلاة العيد وسط أهالينا في الصومال وأقربائنا، حيث نلمس في الشعب التركي عاطفة إسلامية قوية جدا إلى جانب الأجواء الإسلامية الروحية التي تنبعث من كافة جوانب السلطان أحمد، ونرى الفرحة في عيون الجميع، الأمر الذي يشعرنا نحن بالسعادة وأجواء العيد".
والتقط المهندس عبد الرحمن دوعال الحديث قائلاً لـ"ترك برس": "إنني طالب صومالي بنهائي بكالوريوس الهندسة بجامعة تشوكوروفا بولاية أضنة، ورغم ذلك كنت حريصا جدا على الصلاة في مسجد السلطان أحمد مع بقية أبناء الجالية الصومالية في إسطنبول، وهكذا زملائي الطلاب جاؤوا من مدن وجامعات مختلفة ليحتفلوا بعيد الفطر مع أشقائهم الصوماليين ويتبادلوا التهاني ورؤية بعض الأشخاص الذين تفرق بيننا ظروف الدراسة والعمل طوال العام، لنلتقي في هذه الأيام المباركات. وبعد انتهاء الصلاة والتهاني نتوجه جميعا مع جميع الأسر الصومالية التي شاركت في صلاة العيد إلى مقر الجالية في شارع يوسف باشا بمنطقة أكسراي لاستكمال أحاديث الود وتناول الإفطار الخفيف في أول يوم عيد بعد انتهاء صوم شهر رمضان وشرب الشاي وبعض الأطعمة الصومالية".
ليبيا
ومن ليبيا قال رياض الورشفاني لـ"ترك برس" وحوله عدد من أبناء الجالية الليبية بساحة السلطان أحمد، إنه يقيم في تركيا منذ 5 سنوات، واعتاد مع غالبية الليبيين على صلاة العيدين في مسجد السلطان محمد الفاتح في كل عام؛ لما له من مكانة كبيرة في نفوس الليبين. وإنه يقيم في منطقة لالالي ويعمل بالتجارة وهو من مدينة ورشفان بليبيا. وقال رياض: "بعد صلاة العيد تتبادل الأسر الليبية التي يتجمع فيها الكبار والأطفال التهاني وهدايا العيد والعيدية للأطفال، ويتجمعون بمكان عام، بعدها نتبادل التهاني، وأحياناً يجلس غالبية الشباب والرجال بعد ذلك على المقهى الليبي في لالالي صباح يوم العيد".
قيرغيزستان
ويقول الطالب القيرغيزستاني "عظمات الله كينجي بايوف" لـ"ترك برس": "درست في الشام وأعمل حاليا في إسطنبول بائعًا في أحد المحلات الكبيرة، ومترجم بالعربية والروسية في الوقت نفسه"، مؤكداً أن أبناء الجالية القيرغيزية في تركيا "بعضنا يعمل لتحسين وضعه وكسب العيش، والبعض الآخر يدرس في مختلف الجامعات، والجميع يلتقي في يوم العيد في مسجد السلطان أحمد في كل عام حيث نتقابل مع جميع أبناء الجالية في تركيا لتبادل التهاني والشعور بالفرح والفخر لأننا بين إخوة لنا من جميع البلاد الإسلامية في مسجد السلطان أحمد، وهي أجواء أقرب إلى أجواء الحرم المكي مع الفارق".
بنغلاديش
ومن شبه القارة الهندية وتحديدا من جمهورية بنغلاديش الإسلامية يقول "عبد الله جاويد" الذي يدرس بكلية الإلهيات بكلية العلوم الاجتماعية بجامعة مرمرة لـ"ترك برس"، إن جميع البنغلاديشيين المقيمين في إسطنبول وما حولها يتجمعون في يوم العيد للصلاة معا في مسجد السلطان أحمد؛ "إذ نأتي لصلاة العيد كجالية متحدين معا ويلتقي جميع من يعيشون في تركيا... نجلس نتبادل التهنئات والأحاديث عن أحوالنا وطموحاتنا وهمومنا"؛ مشيرا إلى أنه "في العام السابق جلسنا ولعبنا يوما كاملا وقضيتنا اليوم في منطقة ساحل يني كابيه تتناول الأطعمة البنغلاديشية الوطنية التي تعدها مختلف الأسر وذلك على شاطئ البحر مع المسابقات الثقافية والألعاب الخاصة بالأطفال والهدايا الرمزية البسيطة التي تدخل على نفوس الصغار والكبار السعادة".
كينيا
ومن كينيا التقت "ترك برس" بالمواطنة الكينية صوفيا إسماعيل، والتي كانت خارجة من أحد أبواب السلطان أحمد وتلتقط الصور هي وعدد من الكينيين بزيهم الوطني، ما لفت الانتباه، وكانوا يتبادلون الايتسامات والتهاني إلى جانب الصور التذكارية فقالت: "نحن جئنا للصلاة في هذا المسجد المشهور جدا، كما أن عددا كبيرا جدا من المصلين يأتون إلى هنا، وقد تواعدت مع عدد من الكينيين لكي نلتقي بعد صلاة العيد مع عدد من أصدقائها والاستمتاع باجواء العيد في تركيا".
ساحل العاج
ومن ساحل العاج قال "آدم ويدراوجو" أحد أبناء الجالية الساحل عاجية في تركيا لـ"ترك برس": "إنني أدرس وأعمل في إسطنبول، كما أنني وجميع أبناء ساحل العاج الموجودين في تركيا تعودنا منذ سنوات أن نلتقي في صلاة العيد وقضاء وقت جميل معا أول يوم في العيد"، مشيرا "إلى أن العدد ليس كبيرا ولكنه بالعشرات وموجودون في مختلف المدن التركية".
المملكة العربية السعودية
ويقول "عبد الله ابو العنوت" من المملكة العربية السعودية إنه جاء بأسرته لقضاء عطلته السنوية في تركيا، ويتجول بين مختلف مدنها الرائعة ويفضل دائما قضاء العيد في مدينة إسطنبول، وتحديدا في المنطقة السياحية المحيطة بالسلطان أحمد حرصا على صلاة العيد في هذا المسجد، وقضاء أول أيام العيد بإسطنبول، مؤكدا أنه التقى ببعض المواطنين السعوديين بطريق الصدفة دون ترتيب، مما جعله يشعر بالسعادة إذ لم يشعر بالغربة في صلاة العيد وسط مختلف الجنسيات في جو يشبه مع الفارق أجواء مكة والمدينة التي تعج بمختلف الجنسيات المسلمة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!