ترك برس - مركز جسور للدراسات
أولاً: تمهيد
تنطلق في 24 حزيران/ يونيو، الانتخابات الرئاسية التركية بالتزامن مع انتخابات برلمانية. وكان من المفترض أن تُعقد هذه الانتخابات في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2019، لكن الرئيس أردوغان أعلن في شهر نيسان/أبريل الفائت عن تقديم موعدها.
ورغم أن تركيا قد شهدت العديد من الاستحقاقات الانتخابية خلال العقد الماضي، إلا أن هذه الانتخابات ربما تكون الأهم في تاريخ تركيا المعاصر، إذ أن الرئيس المنتخب سيتولّى الحكم بناء على الصلاحيات الجديدة التي تم إقرارها في الاستفتاء الذي جرى في نيسان/أبريل 2017، وستنتقل البلاد بعد الانتخابات إلى نظام سياسي مختلف عما سبقه منذ تأسيس الجمهورية.
ويخوض الانتخابات، وفقاً للقائمة التي أقرتها المحكمة العليا في 13/5/2018، ستة مرشحين، هم: الرئيس أردوغان رئيس حزب العدالة والتنمية (AKP)، ومحرم إنجيه رئيس حزب الشعب الجمهوري (CHP)، وميرال أكشينار زعيمة حزب الخير (İYİ)، وصلاح الدين ديميرتاش الرئيس السابق لحزب الشعوب الديموقراطي (HDP)، وتيميل كرم الله أوغلو رئيس حزب السعادة (Felicity)، ودوغو برينتشيك رئيس حزب الوطن (Patriotic).
وتحضر القضية السورية بكل أبعادها وتداعياتها في هذه الانتخابات، بصورة مباشرة أو غير مباشرة. ويُعتقد أن الانتصارات السريعة التي حققها الجيش التركي في عفرين كانت أصلاً سبباً رئيسياً في تقديم موعد الانتخابات، حيث يرغب الرئيس أردوغان في تحويلها إلى نتائج في صناديق الاقتراع.
لكن حضور القضية السورية لا يبدو على العموم بالحجم المتوقع، بالقياس إلى حجم حضورها في السياسة الخارجية التركية، وحجم التواجد السوري في تركيا.
ويدرس هذا التقرير حضور (أو غياب) الأزمة السورية في خطابات المرشحين الانتخابية، ويستعرض الأبعاد التي حضرت، ويحاول تحليل أسباب حضورها، وأثر الأزمة السورية على الناخبين والمرشحين.
ثانياً: موقع القضية السورية في المشهد السياسي التركي
حضرت الأزمة السورية في المشهد التركي منذ بداياتها، وتحوّلت تدريجياً من شأن خارجي في دولة مجاورة، ينبغي على السياسيين الأتراك التعامل معه بدقة، إلى جزء من المشهد المحلي، بل وأصبحت تركيا جزءاً من المشهد السوري أيضاً.
فمنذ منتصف عام 2011، بدأ تدفق اللاجئين السوريين إلى تركيا. حيث سُجّلت أول حالات اللجوء إلى الأراضي التركية في 7/6/2011، عندما وصلت أول مجموعة من 122 شخصاً، معظمهم من مدينة جسر الشغور، إلى قرية كربياز كيو في محافظة هاتاي جنوبي تركيا، تزامناً مع الحملة الموسعة لجيش النظام على مدينة جسر الشغور آنذاك. ومع نهاية الأسبوع الثاني من شهر يونيو/حزيران 2011 كان عدد اللاجئين في تركيا قد وصل إلى 8500 شخص.
وقد دفع تسارع وصول اللاجئين السوريين إلى تركيا إلى بناء أول مخيم للاجئين في الأسبوع الأول من يونيو/حزيران 2011 ، وذلك في قضاء التن أوزو في محافظة هاتاي، بسعة 5000 آلاف شخص. إلا أن المخيم امتلأ في الأيام الأولى لإنشائه، حيث بلغ عدد الذين لجؤوا إلى تركيا في الأسبوع الثاني من ذلك الشهر 8500 شخص، مما استدعى بناء المخيم الثاني في منطقة يايلاداجي.
واستمر تصاعد أعداد اللاجئين السوريين بشكل مستمر، حتى وصل في بداية حزيران/يونيو 2018 إلى 3,579,254 لاجئاً مسجلاً مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لتستضيف تركيا بذلك أكبر عدد للاجئين السوريين، وأكبر عدد للسوريين خارج سورية في أي مكان في العالم، وتصبح أكبر مستضيف للاجئين في العالم.
ولا تشمل هذه الأرقام السوريين المقيمين في تركيا بصفات أخرى غير اللجوء، أو حتى اللاجئين غير المسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. الأمر الذي قد يرفع عدد السوريين في تركيا إلى حوالي 5 ملايين تقريباً.
ولم تكتفِ الحكومة التركية بفتح الأراضي التركية للاجئين، بل عملت على تقديم دعم سخي للاجئين، حيث تميّزت السياسة التركية في التعامل مع اللاجئين مقارنة مع بقية دول اللجوء في أنها سياسة لا تدفع اللاجئين نحو المخيمات، وفي أنها تتضمن مساعدات حكومية، ولا تعتمد على الدعم المقدّم من المنظمات الدولية.
ومن الناحية السياسية، أصبحت تركيا وبشكل تدريجي الداعم الرئيسي للمعارضة، خاصة بعد انسحاب بقية الداعمين من المشهد بشكل تدريجي. ومع انطلاق مباحثات أستانا بداية عام 2017، وتوقف مباحثات جنيف بالمقابل، تحوّلت تركيا إلى الضامن الوحيد لقوى المعارضة السياسية والميدانية في سورية، ما عدا المنطقة الجنوبية.
وأدّى وصول تنظيم داعش إلى المناطق الشمالية في عام 2014، ودعم التحالف الدولي لقوات سورية الديموقراطية من أجل محاربة التنظيم، إلى دفع تركيا إلى التدخل العسكري المباشر في الأراضي السورية. حيث شكّلت عملية درع الفرات، والتي انطلقت في 24/8/2016، بداية لتدخل تركي مباشر في سورية، وانتهت العملية في 29/3/2017 بطرد تنظيم داعش من حوالي 3000 كم2 في ريف حلب.
وفي 21/1/2018 بدأت القوات التركية عملية جديدة موجّهة نحو وحدات حماية الشعب الكردية في عفرين، وانتهت بالسيطرة على كامل منطقة عفرين بعد أقل من شهرين على انطلاقها.
كما بدأ الجيش التركي في تشرين الأول/ أكتوبر 2017 بإنشاء نقاط مراقبة في محافظة إدلب بناء على اتفاق خفض التصعيد الذي تم إقراره في مفاوضات أستانا.
ولا تحظى سياسات حزب العدالة والتنمية في مختلف محاور الأزمة السورية بالقبول الكامل من قوى المعارضة التركية، وخاصة فيما يتعلق باللاجئين والموقف من نظام الأسد والعلاقة مع المعارضة السورية، فيما يحظى الموقف من تنظيم داعش (عملية درع الفرات) وحزب الاتحاد الديموقراطي (عملية غصن الزيتون) بتوافق أكبر.
وقد حضرت قضايا الأزمة السورية في المشهد السياسي التركي الداخلي بشكل مستمر خلال السنوات السابقة، وخاصة في فترات الاستحقاقات الانتخابية. حيث تُسجّل عدد من الأحزاب المعارضة، وخاصة "الشعب الجمهوري"، مواقف معادية للاجئين، وداعية لوقف الدعم عن المعارضة وإعادة تطبيع العلاقات مع نظام الأسد.
ثالثاً: القضية السورية في حملات المرشحين
حضرت قضايا الأزمة السورية بشكل متفاوت فيخطابات المرشحين الانتخابية، ففي الوقت الذي سجّلت فيه هذه القضايا حضوراً كبيراً لدى الرئيس أردوغان، فإنّها غابت تقريباً في خطاب المرشح صلاح الدين دميرتاش.
وسوف يعرض هذا القسم إلى أبرز مضامين خطابات المرشحين الستة فيما يتعلق بالأزمة السورية منذ بدء الحملة الانتخابية، وحتى تاريخ نشر التقرير.
1. رجب طيب أردوغان
حضرت الموضوعات المتعلقة بالقضية السورية بشكل كبير في خطاب الرئيس أردوغان الانتخابي، وتكاد معظم خطاباته الانتخابية لا تخلو من إشارات إلى هذه الموضوعات. وفيما يلي سوف نتوقف عند أبرز ما تناوله أردوغان خلال الحملة الانتخابية.
لكنه صرح بالمقابل إن "بعض السوريين يتحدثون اللغة التركية بطلاقة، لكنني لاحظت أنّ بعضهم يعملون بطرق غير قانونية، لذا سنمنحهم الجنسية التركية كي نتيح لهم إمكانية العمل بشكل قانوني، تركيا ستستفيد من خبرات السوريين بعد تجنيسهم، لديهم خبرات متنوعة، ويوجد بينهم الأطباء والمهندسين ومختصين في مجالات متعددة".
القضية الكردية
وفي 15/6/2017 قال أردوغان "لقد نسفنا الممر الإرهابي في شمال سورية، والآن نقصف جبل قنديل. نحن نقول لهؤلاء الذي يدّعون أنهم أصدقاءنا: إذا كنتم أصدقاءً حقًا قوموا باللازم، وإذا لم تتمكنوا من إيجاد حل فسنقوم بذلك. سنزف لكم أنباء سارة أخرى في غضون أيام قليلة" .
ونفى الرئيس أردوغان في مقابلة مع محطتي "قناة 7" و"أولكة تي في" يوم 16/6/2018 وجود مساومة حول ترك شرق الفرات لما أسماه "التنظيمات الإرهابية" .
وفي 8/6/2018 قال أردوغان مخاطباً الجيش التركي: لقد "سحقتم إرهابيي تنظيم داعش خلال عملية درع الفرات، وسحقتم إرهابيي تنظيم "بي يي دي" في عملية غصن الزيتون، والآن تضيقون الخناق على إرهابيي تنظيم "بي كا كا" في جبال العراق، لماذا تقومون بكل ذلك؟، إنه من أجل شعب واحد وعلم واحد ووطن واحد ودولة واحدة، أجدادنا أورثونا هذا الوطن ونحن سنورثه إلى الأجيال القادمة، وكما نفتخر اليوم بأجدادنا ستفتخر بكم الأجيال القادمة في المستقبل" .
الوضع في إدلب
وتعقيباً على الغارات الجوية الروسية على إدلب نهاية رمضان، قال أردوغان إن تركيا تسعى إلى إحلال السلام في مدينة إدلب، وأنه "لا يعلم إن كان قصف القوات الروسية والنظام السوري سيؤدي إلى موجة لجوء جديدة من إدلب"، وأضاف إننا "نحاول منع تضرر سكان مدينة إدلب، ومنع موجة لجوء جديدة تجاه الحدود التركية، نحن في تواصل مستمر مع روسيا وإيران بهذا الشأن".
الحرب على قنديل
وخلال الأيام الأخيرة من أيار/مايو، بدأ الرئيس أردوغان الحديث عن إطلاق حملة لاستهداف جبال قنديل. ورغم أنها تقع جغرافياً داخل الأراضي العراقية، إلا أنها ترتبط بشكل مباشر من المنظور السياسي التركي بالوضع في المناطق التي تقع تحت سيطرة الإدارة الذاتية الكردية في سورية.
ففي 5/6/2018 قال أردوغان "نحن اليوم نحارب الإرهاب في مصدره قبل أن يصل إلينا، على غرار ما فعلناه في سورية وعفرين وجرابلس، وسنذهب الآن في شمال العراق إلى سنجار إذا تطلب الأمر للقيام بما يلزم. وبدأنا باتخاذ الخطوات اللازمة لتجفيف مستنقعات الإرهاب الأخرى بعد عفرين".
وفي 11/6/2018 قال أردوغان إنه يسعى إلى تجفيف "أكبر مستنقع للإرهاب"، وقال: "رغب حزب المعارضة أم لم يرغب، كما طهّرنا عفرين وجرابلس والباب وإعزاز في سورية من قطعان القتلة، سنجفف مستنقعات الإرهاب في جبل قنديل بالعراق، وحتى لو أزعج هذا مؤيدي المنظمة الإرهابية وامتدادها السياسي، فسنعمل على إنهاء هذه المسألة".
وفي 11/6/2018 قال أردوغان إن "أطفال سورية يواصلون حياتهم وهم يعيشون في رعب لا يعرفون متى ستنزل عليهم القنابل في بيوتهم وشوارعهم ومدارسهم، كما أن التنظيمات الإرهابية تتحرك بحرية كما تشاء في سورية" .
الموقف من الأسد
وقال أردوغان في 11/6/2018 إن الأقنعة سقطت واحدًا تلو الآخر عن وجوه الذين يريدون الديمقراطية لأنفسهم فقط، منتقدًا زعيم حزب المعارضة بالقول: "يقول إنه لم يبقَ لنا صديق في الخارج، (..) إن كان الأسد صديقك فواصل الطريق معه، ليس لدينا أصدقاء من هذا النوع، لا يمكن أن يكون صديقنا ظالمًا، نحن نواصل طريقنا مع العادلين" .
2. محرم إنجه
دعى حزب الشعب الجمهوري مراراً خلال السنوات السابقة إلى إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، ورفض استقبال المزيد منهم. وقد تكررت هذه المواقف في الخطابات والمقابلات الانتخابية التي أجراها محرم إنجه منذ إعلانه الترشح للانتخابات.
ففي مقابلة يوم 25/5/2018، تعهد إنجه في حالة نجاحه بإغلاق المعابر الحدودية مع سورية، ومنع السوريين الذين يسافرون إلى سورية لقضاء إجازة العيد من العودة إلى تركيا. قائلاً "إذا كنت تستطيع أن تذهب وتبقى ثم تعود من جديد، فلماذا لا تبقى هناك؟ لماذا تأتي؟ هل تأتي لقضاء عطلة هنا؟ هذا غير مقبول؟ عندما يغادرون المنزل لقضاء العطلة، سأغلق الباب وسيبقون هناك. هل تركيا مطبخ حساء؟" .
وفي مقابلة يوم 28/5/2018، سئل إنجه عما إذا كان الأسد "خطًا أحمرًا" بالنسبة له، فأجاب بأنني "لا أشعر بشكل خاص بالتعاطف أو الكراهية تجاهه. ولكن لا ينبغي أن يكون هناك مجال في إدارة الدولة للغضب مع أي شخص. يجب ألا يتصرف الشخص الذي يحكم تركيا بشكل عاطفي." وأكد على ضرورة الحفاظ على وحدة أراضي سورية واعتماد دستور جديد"، وشدّد على "ضرورة إجراء انتخابات تحت مراقبة الأمم المتحدة بمشاركة السوريين الموجودين بالخارج. وقال: "سيعود السوريون الذين يعيشون في تركيا لحسن الحظ إلى ديارهم بعد تأسيس هذا الهيكل". كما عبّر عن عدم رغبته في إنفاق 40 مليار دولار على اللاجئين السوريين.
وفي 30/5/2018، قال إنجه في مقابلة مع وكالة سبوتنيك الروسية إن "الالتزام بسياسة ودية وجيدة تجاه روسيا أمر طبيعي بالنسبة للسياسة الخارجية التركية ، وتظهر عواقب سلبية إذا تم التخلي عنها. يمكننا أن نرى ذلك، خصوصاً في سورية، ويمكننا (بوجود علاقات جيدة مع روسيا) حل الأزمة السورية والمشاكل الأخرى المرتبطة بها بشكل أسرع وأسهل. روسيا وتركيا تؤيدان وحدة أراضي سورية. وعندما أصبح رئيساً، سأرسل سفيراً إلى دمشق على الفور".
وفي 13/6/2018 قال إنجه إنه في حال نجاحه في الانتخابات فسوف يقوم فوراً بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع سورية. وأضاف بأننا "سنبذل كل ما في وسعنا لإعداد أسباب عودة 4 ملايين لاجئ سوري مقيم في تركيا ، حيث قلوبهم مليئة بالفرح والأمل لبلدهم" .
3. ميرال أكشنار
شاركت المرشحة عن حزب الخير ميرال أكشنار نظيرها في حزب الشعب الجمهوري الموقف من اللاجئين السوريين، وكررت دعواتها لإعادتهم إلى بلادهم، وتعهّدت بإنجاز ذلك خلال عام من فوزها.
ففي 7/5/2018 قالت أكشنار أمام تجمع في مدينة مرسين الجنوبية في إطار حملتها الرئاسية: "أعدكم من هنا، أن اللاجئين السوريين الموجودين في تركيا سيتناولون إفطار رمضان في عام 2019 مع أشقائهم في سورية". وقالت إن وجود اللاجئين السوريين في تركيا كانله تأثير سلبي على اقتصاد البلاد ، مدعيًا أن السياسة الخاطئة التي اتبعها الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان قد ضاعفت من عدد اللاجئين السوريين في البلاد .
ففي 14/5/2018 قالت أكشنار" "إذا تصرفت مثل حكومة حقيقية، فلن يتم ابتلاعك من قبل موجة من المهاجرين، فلن تكون هناك عفرين، ولن تكون هناك موجات من اللاجئين. سنتصرف وفقا لخطة السياسة الخارجية التي تدعو إلى الإفطار في سورية خلال شهر رمضان لعام 2019". كما أعلنت أنها تعمل على سياسة جديدة للمهاجرين، قائلة: "الجميع يكونون سعداء عندما يكونون في أرضهم".
وفي 31/5/2018، قالت أكشنار في تجمع انتخابي: "بالتأكيد سوف نرسل أشقائنا السوريين إلى بيوتهم بعد إصلاح علاقاتنا مع سورية".
4. تميل كرم الله أوغلو
تجنّب المرشح الرئاسي لحزب فيليتيتي (ساديت) تميل كرم الله أوغلو الحديث عن وضع اللاجئين السوريين في تركيا، واكتفى بتناول القضية السورية من مدخل نقد الدور التركي فيما أسماه "خدمة المشروع الإمبريالي" في سورية وغيرها.
وقال أوغلو إن تركيا لعبت دوراً هاماً في المآسي التي تكشفت في العراق وسورية المجاورتين، وللأسف فإنّ تركيا تخدم المشروع الإمبريالي في ليبيا والعراق وسورية .
وفي 20/5/2018، وفي ردّ على سؤال حول موقفه من الأزمة السورية، قال: "لقد أعلنا عن موقفنا تجاه سورية منذ بداية الأزمة. وتجدر الإشارة إلى أنه لا توجد مشكلة لا يمكن للبلدان الإسلامية حلها من خلال الحوار. لكن الإمبريالية والصهيونية أشغلت المسلمين في قتال بعضهم، البعض وهم يستغلون الأزمات القائمة".
5. دوغو برينجيك
دعى برينجيك إلى تحسين العلاقة مع النظام السوري، وأبدى استعداده لاستقبال الأسد شخصياً في أنقرة إن نجح في الانتخابات.
وقال برينجيك إن "العمليات العسكرية التي تهدف إلى تنظيف المنظمات الإرهابية المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل في سورية وشمال العراق ستنتهي في نهاية المطاف بانتصار". كما قال بأنه و"من أجل حماية السلامة الإقليمية لتركيا وسورية، سنواصل التفاوض مع النظام السوري، وسنلتزم بالمضي قدمًا بالعمل المشترك".
وأضاف أنه و"بمجرد أن أتولى منصبي، سأدعو بشار الأسد إلى أنقرة. سألتقي به في المطار. وبهذه الطريقة سنحسن العلاقات الثنائية مع سورية، والتي تعدّ جهة فاعلة رئيسية في علاقات تركيا بين إيران وروسيا. والصين".
6. صلاح الدين دميرتاش
لم يتناول المرشح دميرتاش الأزمة السورية في أي من مقابلاته وخطاباته الانتخابية، وهي قليلة بطبيعة الحال، نظراً لوجوده في المعتقل أصلاً.
رابعاً: أثر القضية السورية على العملية الانتخابية
أصبحت القضية السورية بلا شك جزءاً رئيسياً من اهتمام صانع القرار التركي، وهو أمر لن يتغيّر كثيراً بغض النظر عمّن سيفوز في الانتخابات الرئاسية. وذلك لاعتبارات ثلاثة مهمة:
1. الاعتبار الديموغرافي: يقيم في تركيا حوالي 5 ملايين سوري (وهو أكبر عدد للسوريين في أي مكان خارج سورية).
2. الاعتبار العسكري والأمني: حيث تتولى تركيا المسؤولية الكاملة في مناطق درع الفرات وعفرين، بينما تتواجد كمراقب في محافظة إدلب. كما أنها تتجاور مع مناطق الإدارة الذاتية التي تُشكّل بالنسبة لها خطراً أمنياً مباشراً.
3. الاعتبار السياسي: أصبحت تركيا شريكاً أساسياً في مسار الأستانا، كما أنها تمثّل الراعي الدولي الأخير للمعارضة السورية.
أما بالنسبة للناخب التركي على العموم، فإنّ القضية السورية تتقاطع مع اهتماماته بشكل أساسي من خلال الاعتبار الديموغرافي، وما يتركه ذلك من أثر اقتصادي واجتماعي على حياته. كما يهتمّ جزء من الناخبين بطبيعة الكيان السياسي والعسكري الكردي في سورية، والموقف من هذا الكيان سلباً أو إيجاباً.
ويلاحظ أن محرم إنجه وميرال أكشنار حاولا في حملتهما الانتخابية التعامل مع مخاوف شريحة من الناخبين من الوجود الكبير للاجئين السوريين في بلادهم، وعملوا على تقديم وعود انتخابية بإعادة هؤلاء اللاجئين إلى بلادهم، وهو أمر وعد به الرئيس أردوغان أيضاً، ولكن بصيغة تخلو من الحديّة والقطعية. وبالمقابل فإنّ بقية المرشحين تجاهلوا قضية اللاجئين في خطاباتهم الانتخابية.
ووعد المرشحان إنجه وبرينجيك بإعادة العلاقات مع النظام، حتى وصل الأمر ببرينجيك إلى تقديم وعود باستقبال الأسد شخصياً في المطار، إن نجح في الانتخابات. لكن هذه الخطاب لا يبدو على العموم جاذباً للناخبين، الأمر الذي يبرر حضوره الخجول في خطاب إنجه، وغيابه عن خطابات بقية المرشحين.
لكن الملاحظ أن المرشحين الخمسة، سوى أردوغان، لم يعملوا على التعريض بالإنجازات الميدانية التي تحققت في درع الفرات وعفرين، واكتفت المرشحة أكشنار بانتقاد ما اعتبرته سياسات خاطئة أدّت إلى احتياج الحكومة التركية للقيام بعملية في عفرين.
كما يُلاحظ أن المرشحين الأساسيين، لم يعرّضوا بالدور الخارجي المتنامي لتركيا، ولم يعدوا بتقليصه، فرغم اختلاف جزء كبير من الناخبين مع سياسات حزب العدالة والتنمية، إلا أن المكانة الخارجية لتركيا، والتي يعود جزء منها إلى تنامي أدوارها الاقتصادية والعسكرية والسياسية العابرة للحدود، تروق للمواطن التركي، وتعزّز شعوره بالفخر الوطني.
وشكّل المرشح تميل كرم الله أوغلو استثناءً في هذا المجال، حيث وصم التدخل التركي الخارجي باعتباره مشاركة في صناعة المآسي التي تحيكها الإمبريالية والصهيونية على حد قوله. وهو ما ينسجم مع الخطاب الكلاسيكي لحزب السعادة.
وعلى العموم، يلاحظ أن القضية السورية حلّت بشكل هامشي في الخطاب الانتخابي للمرشحين الخمسة (عدا أردوغان)، رغم حضورها المركزي في السياسة الخارجية والداخلية، بمقابل ارتفاعها بشكل كبير لدى أردوغان. ويمكن تحليل هذا التفاوت في النظرة الإيجابية عموماً للناخب التركي تجاه دور بلاده في سورية، الأمر الذي يسمح للرئيس بالتركيز على ما يراه الناخب إنجازات سياسية وعسكرية، ويدفع بقية المرشحين إلى تجنب الحديث في القضية السورية.
كما يتوقع أن يؤدّي الاتفاق التركي-الأمريكي بخصوص منبج، والذي تمّ التوقيع عليه في واشنطن يوم 4/6/2018، ودخل حيّز التنفيذ بتسيير دوريات تركية في محيط منبج يوم 18/6/2018، إلى إحداث أثر إيجابي لصالح أردوغان وحزب العدالة والتنمية في صناديق الاقتراع، حيث يمكن اعتبار هذا الاتفاق دلالة على قدرة الحكومة التركية على إدارة ملف العلاقة مع واشنطن، وقدرتها على تحقيق إنجازات ميدانية ملموسة في مساعيها الرامية للحد من نفوذ وحدات حماية الشعب الكردية في المناطق الشمالية من سورية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!