ترك برس - الأناضول
يمضي 2018 نحو نهايته محمّلا بانتعاشة ملحوظة لعلاقات تركيا مع إفريقيا، في خطوة تعتبر ثمار سياسة خارجية متعددة الأبعاد تبنتها أنقرة مع القارة السمراء.
استراتيجية أفرزت زيادة حجم التجارة مع القارة، ما يدعم موقع تركيا كلاعب عالمي محوري، قادر على استيعاب التغيرات التي يفرضها النظام الدولي الجديد متعدّد الأقطاب.
ففي 2018، بدأت أولى نتائج السياسة التركية في التبلور، وتجسدت، بشكل خاص، من خلال كثرة الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين، وزيادة عدد السفارات التركية في القارة السمراء.
وتضم القارة الإفريقية إمكانات اقتصادية وتجارية كبيرة، وسط توقعات بأن يكون لها ثقل كبير مستقبلاً في القضايا الإقليمية والدولية، ما يجعلها نقطة جذب للمستثمرين حول العالم، وخصوصا من كبرى القوى الاقتصادية والاقتصادات الناشئة، وفي مقدمتها الصين والهند واليابان.
أما تركيا فقد اختارت مشاركة خبراتها وتجاربها في مختلف المجالات، مع بلدان القارة وفق مبدأ "رابح - رابح"، المرتكز على إيجاد حلول إفريقية للأزمات المحلية، وتقاسم أرباح الاستثمارات من الجانبين.
** انفتاح يصنع نقطة تحوّل
في إطار خطة "الانفتاح على إفريقيا" التي أعدتها تركيا عام 1998، قطعت أنقرة شوطاً كبيراً في علاقاتها مع بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، إضافة لإقامتها مع العديد من بلدان المنطقة، علاقات سياسية واقتصادية، وثقافية واستثمارية، فضلاً عن التعاون الأمني والعسكري المشترك.
وبحسب المعلومات التي جمعها مراسل الأناضول، أجرى إعلان تركيا شريكة استراتيجية للقارة الإفريقية، خلال قمة الاتحاد الإفريقي المنعقدة عام 2008، ليتم، عامان إثر ذلك، وتحديدا في 2010، اعتماد وثيقة الشراكة التركية الإفريقية الاستراتيجية.
ومع حلول عام 2013، تم اعتماد سياسات الشراكة الإفريقية بدلاً من سياسات الانفتاح التركي لإفريقيا، لتستهدف أنقرة بهذه الخطوة المساهمة في النهضة التنموية والاقتصادية للقارة السمراء، وتحقيق الأمن والاستقرار فيها، وإقامة علاقات ثنائية قائمة على الشراكة المتساوية والمصالح المتبادلة.
وشكلت النسخة الثانية من قمة الشراكة التركية الإفريقية المنعقدة عام 2014، في مالابو عاصمة غينيا الاستوائية، نقطة تحول في علاقات الطرفين.
وفي إطار "خطة التنفيذ المشتركة للفترة بين عامي 2015 و2019"، وضعت تركيا خارطة طريق للمشاريع التي تعتزم تنفيذها في القارة السمراء.
وعلى صعيد الزيارات رفيعة المستوى المتبادلة بين الطرفين، أجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، زيارة إلى 21 بلدا إفريقيا، وذلك منذ توليه منصبه في أغسطس/ آب 2014.
وخلال العام الحالي فقط، زار أردوغان كلاً من السنغال وموريتانيا ومالي، فيما استقبل في أنقرة رئيسي غامبيا وبنين.
كما حضر مراسم تنصيب أردوغان رئيساً للبلاد في يوليو/ تموز الماضي بعد الانتخابات الاخيرة، من الزعماء الأفارقة، رؤساء كل من الصومال وجيبوتي وإثيوبيا، إلى جانب تشاد وغينيا الاستوائية، وغانا، وغينيا بيساو، وغينيا كوناكري، وموريتانيا وزامبيا.
ولا شك بأن زيادة عدد السفارات بين تركيا والبلدان الإفريقية، ساهم بشكل كبير، في تطور العلاقات بين الجانبين، وشكل قوة دافعة لها.
ففي الوقت الذي كانت تمتلك فيه تركيا 12 سفارة في القارة السمراء خلال عام 2009، وصل هذا العدد في الوقت الحالي إلى 41.
في المقابل، وصل عدد سفارات البلدان الإفريقية في أنقرة إلى 34 سفارة عام 2018، بعد أن كان 10 سفارات فقط عام 2008.
وإلى جانب السفارات والبعثات الدبلوماسية، تلعب مؤسسات تركية دوراً بارزاً في تنمية الوجود التركي في إفريقيا، وأبرزها وكالة الأناضول، والوكالة التركية للتعاون والتنسيق "تيكا"، وإدارة الكوارث والطوارئ "أفاد"، ومعهد يونس إمره، ووقف معارف، والخطوط الجوية التركية.
** تعاون تجاري واقتصادي
وفيما يخص المجال التجاري، بلغ حجم التبادل بين أنقرة والعواصم الإفريقية، نهاية العام الماضي، أكثر من 20 مليار دولار، بعد أن كان في مستوى 3 مليارات في عام 2003.
وهناك توقعات بأن تتجاوز الاستثمارات التركية في البلدان الإفريقية الـ6 مليارات دولار في الوقت الحالي.
ووقعت تركيا، حتى الآن، اتفاقيات تعاون تجاري واقتصادي مع 46 بلداً إفريقياً، إضافة إلى اتفاقية تحفيز وحماية الاستثمارات بشكل متبادل مع 28 دولة، واتفاقية تجنب الازدواج الضريبي مع 12 دولة في القارة السمراء.
كما تعقد تركيا اجتماعات اللجنة الاقتصادية المشتركة مع 27 بلداً إفريقياً، ولديها مجلس علاقات اقتصادية خارجية مع 43 دولة إفريقية.
وبهدف تعزيز التفاعل بين أنقرة وعواصم القارة، تسير الخطوط الجوية التركية رحلات منتظمة إلى 53 وجهة في 35 بلدا إفريقيا.
أما على المستوى التعليمي، فقد بلغ عدد الطلاب الأفارقة الحاصلين على منح دراسية تركية، 10 آلاف و474 طالب، منذ عام 1992 وحتى الآن.
وعقب المحاولة الانقلابية الفاشلة التي شهدتها تركيا في 15 يوليو/تموز 2016، لاقت أنقرة دعماً من قبل العديد من العواصم الإفريقية، إضافة إلى الدعم الذي تتلقاه حتى الآن في مكافحة منظمة "غولن" الإرهابية التي تقف وراء المحاولة الانقلابية الفاشلة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!