ترك برس
كشفت وسائل إعلام محلية عن موعد استلام تركيا للدفعة الأولى من أنظمة "إس-400" الروسية للدفاع الجوي، والتي تسببت بتوتر مع الولايات المتحدة.
وقال الإعلامي في صحيفة خبر تورك، تشيتينار تشيتين، إن المنظومة سيتم تحمليها على الطائرات من ميناء عسكري روسي يوم الأحد القادم.
وأوضح الإعلامي التركي، نقلًا عن مصادر مطلعة، أنه من المنتظر أن تصل المنظومة إلى تركيا الأسبوع القادم على متن طائرتي شحن تابعة لروسيا.
وبيّن أن روسيا سترسل إلى تركيا فريقًا خاصًا للإشراف على الأمور التقنية في تركيب المنظومة الصاروخية، وأن الفريق يضم 9 أشخاص.
ومن المنتظر أن يصل الفريق الروسي إلى تركيا يوم الإثنين القادم، وأن يتم نقل بطارية "إس-400" واحدة في المرحلة الأولى.
وأثارت التطورات الأخيرة بشأن استلام تركيا للصواريخ الروسية، تساؤلات بشأن ما إذا كان هناك تفاهم ضمني لإنهاء الأزمة بين أنقرة وواشنطن.
وقررت أنقرة في 2017، شراء منظومة "إس-400" الصاروخية من روسيا، بعد تعثر جهودها المطولة لشراء أنظمة الدفاع الجوية "باتريوت" من الولايات المتحدة.
وتزعم واشنطن أن المنظومة الروسية، ستشكّل خطرًا على أنظمة "الناتو"، وهو ما تنفيه أنقرة.
المحلل العسكري العميد أحمد الحمادي، قال إن تركيا اليوم تمر بمرحلة دقيقة، من أجل الحصول على أسلحة كانت ممنوعة عنها سابقا، خاصة أن الولايات المتحدة، لا ترغب بحصولها على صواريخ الباتريوت، في الوقت الذي عرضت فيه روسيا بيع منظومة "أس400" الأحدث.
وأوضح الحمادي أن أنقرة تريد الشعور بالاستقلالية من الضغط الأمريكي في ملف السلاح، لافتا إلى أن قمة أوساكا باليابان، شهدت تصريحات أقرب للتصالحية، من قبل ترامب، حين قال إن الإدارات السابقة منعت تركيا من الحصول على الباتريوت، ما دفعها لشراء السلاح الروسي.
في حديثه لصحيفة "عربي21"، أشار الحمادي إلى ان "هذا الحديث يعني موافقة ضمنية على الصفقة مع روسيا، والوقوف عند نقطة معينة في الضغط الأمريكي".
ورأى الحمادي، أن تركيا ستمضي بخطة تنويع مصادر التسليح، خاصة الدفاع الجوي والمقاتلات والصواريخ العابرة رغم وضعيتها في الناتو وثقلها. لكن في المقابل، "سيكون هناك آلية عمل وبرمجة خاصة لتشغيل المنظومة الروسية، بحيث توفر الحماية للأجواء، دون التأثير على الآخرين، خصوصا أن هناك قواعد للناتو في تركيا -مثل إنجرليك- تشهد حركة طائرات حربية متواصلة".
وشدد على أن تركيا دولة أساسية في الناتو، ولن تتخلى عن هذا الحلف، لكن هناك خبراء فنيون في الدفاع الجوي سيعملون على تحديد أولوية التشغيل أو تعطيل المنظومة، وفقا لضرورات الحلف.
وأشار أن وزير الخارجية التركي قال إن المنظومة "ستكون مخصصة لحالات الاستنفار أو الجاهزية القتالية العالية، للدفاع عن البلاد ما يعني أنها لن تعمل في درجات الاستنفار المنخفضة".
وقال الحمادي إن نصب المنظومة على الأراضي التركية، "لا يعني أنها ستعمل على الفور، وهناك عمليات برمجة ستخضع لها في ما يتعلق بالمسارات الجوية المدنية والتجارية والطيران المعادي".
ورأى أن اللهجة التصالحية "ستسود المشهد مستقبلا بين الطرفين، خاصة أن الغرب لا يريد خسارة تركيا في الناتو، وتركيا في المقابل تمتلك جيشا تدريبه أقرب للغربي، وتكنولوجيا السلاح فيه غربية، ولا تقارن بأسلحة الشرق من ناحية التكنولوجيا والدقة".
من جانبه قال المحلل السياسي، والمختص بالشأن التركي، محمود عثمان، إن العلاقات التركية الأمريكية "تتسم منذ عقود بسلوك خط متعرج، ولم تكن مستقرة أبدا، وفترة رئاسة ترامب ليست حالة جديدة".
وقال عثمان: "واشنطن تتعاطى مع تركيا عبر مسارين متمايزين، الأول البيت الأبيض والخارجية، والثاني عبر وزارة الدفاع- البنتاغون".
وأضاف: "خط البنتاغون كان دائما صقوريا، يمارس العنجهية والتعنت مع المطالب التركية، في الشأن العسكري والدفاعي، وتورط في محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016، ورغم تماهي البيت الأبيض مع هذا الخط، إلا أن هناك اختلافات وتوازنات تفضي للتفاهم في نهاية المطاف".
ورأى عثمان، أنه كان ملاحظا رغم "التصريحات العنيفة" للبيت الأبيض بشأن الصواريخ الروسية، "إدراكه لحاجة تركيا لهذه المنظومة خاصة أنها دفاعية، وليست هجومية، وجاءت بعد تعنت الناتو في منح مثيلتها لأنقرة، في أوج أزمتها مع روسيا قبل سنوات".
وشدد على أن البيت الأبيض والخارجية الأمريكية، أمام حقيقة البون الشاسع بين العرض الروسي لسعر المنظومة وشروط الشراء والحصول على تكنولوجيا مستقبلية للتصنيع، وبين شروط الناتو في ملف الباتريوت.
وأعرب عثمان عن اعتقاده بأن كافة المعطيات، حين وضعت أمام ترامب على الطاولة، وهو تاجر ينظر بعقلية المال فإنه هنا لا يمكنه القفز عن الحقائق، والأفضل لديه اللجوء لصيغة مع تركيا، بعيدا عن الابتزاز والتصعيد، الذي لم يعد يجدي مع أنقرة اليوم وطريقة إدارتها للملفات الخارجية.
وأضاف: "في اليابان جرى الحديث عن الصفقة وأغلب الظن من التصريحات التي خرجت، أنها أجيزت وهناك محاولة لكسب أنقرة مجددا، لأن خسارتها لصالح معسكر روسيا لن تكون مريحة للناتو".
وختم بالقول إن العلاقات الأمريكية التركية، في الملف السوري أقرب وأفضل حاليا، منها مع روسيا، "ورأينا هذا في إدلب رغم مشاركة أنقرة في مسار أستانا الذي تعطل وانتهى".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!