ياسر عبد العزيز - خاص ترك برس
يبدو أن تصرح رئيس الخدمة الفيدرالية للتعاون العسكري والفني الروسي ديمتري شوغاييف بأن مباحثات موسكو وأنقرة بشأن صفقة الطائرة الروسية المتقدمة (سو - 35) غير كثيرا في الموقف الأمريكي تجاه تركيا، وذلك بعد أن هددت الولايات المتحدة الأمريكية بوقف صفقة بيع المقاتلة الأمريكية الأحدث (أف - 35) إلى تركيا بل وسحبت مشروع تصنيعها في المصانع التركية بعد شراء الأخيرة منظومة الدفاع الجوي الروسية الأحدث في العالم ( أس - 400) وتوريدها بالفعل والبدء في تدريب الطواقم التركية عليها.
فتصريح شوغاييف أخذ على محمل الجد، إذ أن الرجل تحدث عن احتمال تسليم الطائرات المقاتلة الروسية إلى تركيا، بل وفتح الباب لاحتمال عقد صفقة جديدة بين بلاده وتركيا لبيع المقاتلة الأكثر تحديثا من نفس الطراز (سو - 57) في مرحلة تالية، بل وزاد بأن هناك نقاش حول تعاون تركي - روسي لتصنيع محركات الطائرات الروسية المتطورة من طراز (سو - 35) و(سو - 52) و(سو - 57) وقد عضد تصريحات شوغاييف تلك، ذلك المشهد الذي تناقلته وكالات الأنباء بالصوت والصورة للرئيس التركي رجب طيب اردوغان أثناء معرض ماكس بموسكو للطائرات وسؤاله عن إمكانية شراء المقاتلة (سو - 57) وكانت الإجابة من الرئيس الروسي حينها بأنها متاحة للأصدقاء، وهو ما قرأه الجميع على أنه رسالة من الرئيس التركي للحليف الأمريكي الذي منع صفقة الطائرة (أف - 35) بعد سلسلة من الشد والجذب، انتهت برد - انتخابي- يحمل الكثير من الاستعراض، عنه من السياسي، من قبل الرئيس ترامب بوقف الصفقة مع تركيا.
هذه التصريحات وما صحبها من تحرك سياسي واع من الإدارة التركية لمواجهة القرار الأمريكي بوقف صفقة الطائرات الأمريكية (أف - 35) كان مثالا لإدارة الأزمة والتنقل بين الخيارات لممارسة الضغط وكسب مساحات للمناورة، وهو ما يبدو أنه غيّر من موقف الإدارة الأمريكية بشأن الصفقة، وقد ظهر ذلك من خلال زيارة السيناتور الجمهوري الأمريكي ليندسي جراهام - وهو المقرب من الرئيس الأمريكي ترامب - منذ أيام لمقر إقامة الرئيس أردوغان في نيويوك، قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة وتصريحه بأنه يود إعادة تركيا حليفة "ناتو" إلى برنامج التصنيع المشترك للطائرات المقاتلة (أف - 35) بعد قرار إخراجها منه في يوليو الماضي.
ويبدو أن زيارة جراهام كانت تمهيدية لجس النبض قبل اللقاء الذي جمع الرئيسين الأمريكي والتركي على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي ناقش فيه الرئيسان بلا شك هذا الملف، وقد ظهر أثره في تصريح وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو بأن الولايات المتحدة تدرس بجدية إعادة قبول تركيا في برنامج الطائرات المقاتلة (أف - 35) وهو ما يعني أن أمريكا تريد مخرجا ما بعد القرار غير المدروس الذي اتخذه ترامب بإخراج الحليف التركي من منظومة التصنيع وتضييع صفقة كبيرة على بلاده إذ طلبت تركيا 30 طائرة من طراز (أف - 35) على أن تجهز أمريكا صفقة اكبر في الأثناء عبارة عن 116 طائرة مقاتلة من طراز Stealth، وهو أيضا ما يضع أمريكا في موقف تجاري حرج بعد أن أوفت تركيا بكامل التزامتها المالية في صفقة (أف - 35 ) وكان من المقرر تسليمها منذ شهرين إلا أن أمريكا امتنعت عن تسليمها بما يعني أن التعامل التجاري معها في ظل إدارة ترامب مقلق للعملاء.
إمعانا في تدبير الصفقة السياسية وكجزء من المناورة، كان الرئيس أردوغان قد صرح قبل سفره لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي كان معدا مسبقا على جدول زيارته لقاء الرئيس ترامب، إنه قدم عرضًا شخصيًا لنظيره الأمريكي لشراء صواريخ باتريوت الأمريكية، على أن يتجاهل الطرفان صفقة منظومة الدفاع الروسي (أس 400) التي أجبر على شرائها بعد أن رفض الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بيعه إياها رغم سحب حلف ناتو نفس المنظومة قبل سنوات وهو ما تراه تركيا تهديدا لأمنها القومي، بما يعني أن الرئيس أردوغان أعطى لترامب مفتاح الخروج من المأزق وفي نفس الوقت اخذ ما أراد وجمع بين المنظومتين الدفاعيتين الروسية والأمريكية في آن.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس