ترك برس
بدأ السلاطين العثمانيون بناء قصورهم الصيفية الخشبية التي تعد تحفة فنية قبل 300 عام على شواطئ مضيق البوسفورالذي يعبر إسطنبول ويفصل أوروبا عن آسيا. بعض هذه القصور التي يطلق عليها "يالي" (Yalı) في اللغة التركية معروضة حاليًا في السوق ولكن لا يتم الإعلان عنها علنًا، ويحتاج من يرغب في شرائها إلى إحدى شركات العقارات القليلة التي تبحث بدقة العملاء المحتملين.
وقالت سالي ألفيسفيلي، مديرة إحدى الوكالات العقارية الفاخرة في إسطنبول لصحيفة نيويورك تايمز: "إن مضيق البوسفور هو أجمل جزء من المدينة. والعيش في بيت مطل على المضيق يشبه العيش في المدينة نفسها بالإضافة إلى الثقافة. هذا هو أعلى مستوى من نمط الحياة. نراها جنة عدن على الأرض".
لم تصمد الكثير من القصور الخشبية العثمانية الجميلة، أو هدمت نتيجة لمشاريع التنمية. كان هناك 360 قصرًا صيفيًا في المنطقة، بعضها تملكه الحكومة التركية والسفارات والمنظمات، وتحول جزء صغير منها إلى فنادق ومتاحف، لكن بقي معظمها ملكية خاصة لأحفاد المالكين الأصليين.
وعلى مر السنين أنشئت في المنطقة فيلات حديثة، ولكن القصور ذات الأهمية التاريخية أو المعمارية تعد القصر الصيفي الحقيقي.
بنيت قصور البوسفور من الخشب والحجارة، مع شرفات مزخرفة ونوافذ كبيرة تطل على البوسفور، ولونت بألوان زاهية. وقد بنيت أول تلك القصور في مطلع القرن الثامن عشر، وآخرها في أوائل القرن العشرين.
ملاك القصور الصيفية يجدون صعوبة في التخلي عنها
قفزت مشتريات الأجانب في قطاع العقارات في تركيا خلال العام الماضي، مستفيدين من أزمة الليرة التركية في شراء عقارات في تلك السوق النامية. لكن على الرغم من الاهتمام بالسوق التركية، فإن مبيعات قصور مضيق إسطنبول ضعيفة.
أحد الأسباب الرئيسية لذلك هو أن العائلات المالكة تجد صعوبة في التخلي عنها. كانت آخر مرة باع فيها أولبي أوزجين، الشريك في إحدى شركات العقارات الفاخرة، قصرًا صيفيًا منذ خمس سنوات. يتراوح سعر القصر الواحد ما بين 10 مليون دولار و100 مليون دولار، وهذا يتوقف على الموقع وامتداد القصر على ساحة البوسفور.
تم تجديد وترميم كثير من قصور البوسفور على نطاق واسع، وحتى إعادة بنائها بعد هدمها أو حرقها. وتقع معظم القصور الباقية على الجانب الآسيوي من مضيق البوسفور، الأكثر هدوءًا وخضرة. ويعد حي "بي كوز" وحي "قنديللي" في الجانب الآسيوي، وحي "ينيكوي" في الجانب الأوروبي من أغلى الأحياء التي تضم قصورًا على البوسفور والأكثر جذبًا للمشترين.
ومنذ أن اشترى أمير قطرالحالي الشيخ تميم بن حامد آل ثاني، في عام 2015، قصر "شاه زاده برهان الدين" الذي يستمد اسمه من صاحبه الأول برهان الدين أفندي نجل السلطان عبد الحميد الثاني مقابل 95 مليون دولار، وفقًا لتقارير صحفية، تقول الصحف التركية إن الأثرياء العرب بدؤوا في شراء المنازل الصيفية العثمانية بأعداد كبيرة.
لكن الشركات العقارية التي تتعامل مع القصور الفخمة المطلة على مضيق البوسفور تقول إن الشائعات عن تدفق المشترين العرب ليست سوى ضجة أوجدتها وسائل الإعلام، ووفقًا لتلك الشركات، فإن مالكي ومشتري القصور لا يزالون في معظمهم من الأتراك. وعلى عكس العثمانيين الذين استخدموا القصور المطلة على المضيق كمنازل صيفية، فإن أصحاب القصور اليوم يستخدمونها كمنازل دائمة.
وتقول سالي ألفيسفيلي: "ليس من السهل الاحتفاظ بالقصور الصيفية، لأنها تحتاج إلى الطلاء والتجديد كل عام".
تقيم دامات سابانجي، إحدى سيدات الأعمال المشهورة في إسطنبول، أحيانًا حفلات في قصر عفيف باشا المزين بالثريات واللوحات العثمانية الأصلية وبيانو مأخوذة من قصر توب كابي في إسطنبول. وإلى جانب المناظر الخلابة، فإن القصر يضم ينبوعًا للمياه العذبة ، وكهفا تحت الأرض للاستحمام بمياه المضيق المالحة، وطريقًا أصليًا تم رصفه في العصر العثماني يؤدي مباشرة إلى الباب الأمامي.
الإطلالة على البوسفور هو أكثر ما تقدره دامات سابانجي التي نشأت في قصر آخر يملكه والدها حاجي سابانجي، واشترت قصرها الحالي في عام 1999. وتقول وهي جالسة في الحديقة المطلة على حافة المضيق: "أستيقظ في الساعة 6:30 صباحًا والجميع نائمون. أحضر كوب الشاي وآتي إلى هنا.هذا هو الجزء الأفضل من المدينة".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!