أفق أولوطاش – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس
خلال العقد الأخير اتبع العديد من الدول مسارات ملتوية في سياساتها الخارجية، وربما تكون فرنسا الأبرز في هذا المجال على الصعيد الأوروبي.
أوضح مثال على ذلك هو سوريا. المشهد مأساوي بالطبع، فبعد أن بدأت فرنسا المغامرة كأبرز داعمي المعارضة أنهتها بدعم تنظيم "بي كي كي".
وعلاوة على ذلك، بعد أن كانت فرنسا من أكثر دول أوروبا قربًا إلى تركيا في الملف السوري أصبحت من أبعد البلدان عنها اليوم، وهذا يتطلب مهارة استثنائية.
يتكشف في هذا السياق، بطبيعة الحال، تشوش الفكر السياسي في فرنسا، ومع ذلك فهو غير كافٍ لتفسير العداء المتزايد في الآونة الأخيرة لتركيا في فرنسا.
هناك ثلاثة أسباب لهذا العداء. وعلى الأصح، خطوات تركيا الدبلوماسية والعسكرية أدت إلى فقدان فرنسا زمام المبادرة على ثلاث جبهات.
أتحدث عن سوريا وليبيا وشرق المتوسط. فقدت فرنسا المبادرة والموقع في الجبهات الثلاث المذكورة، ويظهر امتعاضها من خلال تصريحات لا معنى لها.
أنهت تركيا بنسبة كبيرة مهام القوات الفرنسية القليلة الموجودة في سوريا، من خلال عملية نبع السلام، التي أدت أيضًا إلى تلاشي الخطط الفرنسية التي كانت تحلم بتحقيقها بالاستعانة بتنظيم "بي كي كي".
وفوق ذلك فإن الاستثمارات الفرنسية في الأراضي المطهرة من "بي كي كي" ملفتة إلى درجة تفضح الدعم الفرنسي لإرهاب التنظيم.
وتعلم فرنسا أن تركيا هي السبب في تحولها من بلد معني بالأزمة السورية إلى بلد لا علاقة له بسوريا.
في ليبيا، تقدم فرنسا منذ مدة طويلة الدعم لبارون الحرب الانقلابي خليفة حفتر. وكما أنها تستقبله على سجاد أحمر فهي تنتهك القرارات الأممية وتقدم له الدعم بالسلاح.
هدف باريس هو السيطرة على طرابلس خلال فترة قصيرة. لكن الدعم التركي المقدم إلى الحكومة الليبية المشروعة أحبط المشاريع الفرنسية في ليبيا.
وفي شرق المتوسط، دخلت مخططات فرنسا في منعطف صعب بعد الاتفاقية الموقعة بين تركيا وليبيا.
وبينما كانت تقدم الدعم لجنوب قبرص باسم الاتحاد الأوروبي، سعت من جهة أخرى إلى تمهيد الطريق أمام شركات النفط الفرنسية وعملت على تطويق تركيا في هذه المنطقة الهامة.
أظهرت تركيا أن فرنسا لم تعد لاعبًا رئيسيًّا في شرق المتوسط، وذلك عن طريق الاتفاقية مع ليبيا.
المهم في الأمر هو أن تركيا تولي أهمية كبيرة لعلاقاتها مع فرنسا. لو أن باريس تخلت عن التصريحات والسياسات المناهضة لتركيا لوجدت الآن إلى جانبها شريكًا قويًّا، هي بأمس الحاجة إليه.
إذا وضعنا المشاكل التي تواجهها على الصعيد الداخلي جانبًا، يمر طريق إثبات الوجود في السياسة الخارجية بالنسبة لفرنسا من العثور على شركاء أقوياء، ويتوجب على باريس أن تنظر لتركيا من هذا المنظور.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس