ياسر عبد العزيز - خاص ترك برس
بعد إعلان الرئيس رجب طيب أردوغان عن عقد قمة ثلاثية في تركيا الثلاثاء القادم الموافق السابع عشر من مارس من هذا الشهر، تضم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، مع احتمال انضمام رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون، لمناقشة نتائج مباحثات الرئيس أردوغان في بروكسل، وما يشمل ذلك التباحث في البنود السياسية والتقنية للتعاون بين تركيا والاتحاد بشأن مراجعة اتفاقية الهجرة، وفي القلب منها أزمة اللاجئين السوريين في تركيا بعدما قدمت لهم تركيا ملاذا أمنا لتسع سنوات مضت كلفت الخزانة التركية أكثر من 40 مليار دولار، رسالتي إلى الرئيس أردوغان قبل اللقاء المرتقب تفعيل الاتفاق الذي أبرمتها تركيا مع رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك في بروكسل في عام 2016 والذي نص فيما نص على إعادة جميع اللاجئين الجدد الذين يصلون من تركيا إلى الجزر اليونانية، بداية من 20 مارس 2016، إلى تركيا، ووضع حد من تسلل اللاجئين عبر بحر إيجه.
وهو ما يجب أن يكون ورقة ضغط على ألمانيا وفرنسا لعدم وفائهم بهذا البند، كما نص الاتفاق على إخضاع طلبات اللجوء للدراسة في الجزر اليونانية، ومن لا يقدمون طلب لجوء أو يثبت أن طلبهم لا يستند إلى أساس أو لا يمكن قبوله، تتم إعادتهم إلى تركيا، وهنا يجب أن يضغط الرئيس أردوغان حتى يستثنى الراغبون بالفعل اللجوء إلى أوروبا، وفق بنود الميثاق العالمي لحقوق الإنسان في الحق في السفر والإقامة والعمل وفقا لنص المادة 12 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، الاتفاق أيضا وضع في بنوده اتخاذ كل من تركيا واليونان على التدابير الضرورية لضبط حركة المهاجرين، بمساعدة مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين والاتحاد الأوروبي، بما يعني وجود عناصر من تركيا في الجزر اليونانية، والعكس بالعكس، على أن يتكفل الاتحاد الأوروبي بنفقات إعادة اللاجئين، وهو بالطبع ما لم يحدث لذا يجب إلزام ألمانيا لليونان، بما أنها الشريك الأكبر في الاتحاد الأوروبي، التعاون مع تركيا في هذا الشأن بضمانات أوروبية وأممية، رئيس الوزراء السابق أيضا أقر في اتفاقه مع الأوربيين على مبدأ (واحد مقابل واحد) بما يعني استقبال أوروبا لمهاجر سوري مقابل كل مهاجر سوري يُعاد من الجزر اليونانية إلى تركيا، وحدد الاتحاد عددا في حدود الــــ 72 ألف، عليه يجب هذا البند مع تحمل كل من ألمانيا وفرنسا المشاركتين في القمة حصتهما في تنفيذ البند مع دعوة باقي أعضاء الاتحاد المشاركة في هذه الحصة وتوسيعها، وكذا تقديم الاتحاد الأوروبي مساعدة مالية تبلغ ثلاثة مليارات يورو، لتحسين ظروف معيشة اللاجئين السوريين، هذا البند يمكن استغناء تركيا عنه مقابل تسهيلات ضريبية واستثمارات لرجال الأعمال السوريين في تركيا مقابل استثمارات في مناطق درع الفرات وغصن الزيتون وغيرها من المناطق التي حررها الجيش التركي دعما للجيش الحر، وهو ما يسهم في دفع اللاجئين في تركيا إلي الداخل السوري من جهة ويصنع عازل بشري لتركيا في هذه المنطقة، هذا ما يخص اللاجئين.
لكن الاتفاق أيضا نص على تحرير تأشيرات الدخول للأتراك إلى أوروبا في مهلة أقصاها نهاية يونيو 2016، وهنا نحن على مقربة من يونيو 2020، بما يعني أن الأوربيين لم يوفوا بتعهدهم للشعب التركي، على الرغم من تنفيذ تركيا أغلب المعايير المطلوبة لتنفيذ تعهد أوروبا، مع الإشارة إلى أن تركيا ألغت الفيزا لعدد من الدول الأوربية، وعلى أوروبا أن تعاملها بالمثل، وفق قواعد القانون الدولي، وهو ما يجب التصميم عليه، لتحصيل مكاسب اقتصادية للبلاد من جهة وتفريغ بعض الكبت الداخلي مما يعود بالنفع على الحزب الذي يواجه ضغوطا كبيرة من أحزاب المعارضة.
لقد كانت جولتي الرئيس أردوغان في كل من موسكو وبروكسل وتخطيطه منذ البداية لدخول إدلب وتكبيد النظام السوري خسائر فادحة خلال الأسبوع الأخير قبل الذهاب إلى موسكو وإبرام الاتفاق مع الرئيس الروسي بشأن إدلب والصامد حتى الآن باستثناء خروقات بسيطة هدد الرئيس اردوغان بردعها إن لم تقف، كان هذا الاتفاق ناجحا، وذهابه إلى بروكسل ورقة إضافة قيمة لما ذهب إليه من اتفاق مع موسكو، زادته قوة وأعطته دعما، بعد أن استطاع أن يستخلص موقفا إيجابيا وتحركا من حلف "ناتو" لدعمه بعد ضغطه عليهم بورقة اللاجئين الذين توافدوا على الحدود اليونانية، وكذا الموقف الأمريكي الذي خرج من الكونجرس نفسه بالمطالبة بدعم تركيا حتى لا يخسر الغرب حليفا مهما وقاعدة متقدمة يحاول الروس سحبها من معسكره، لذا تبقى جولة القمة المرتقبة بين الرئيس أردوغان وكل من ميركل وماكرون وما سيخرج عنها لتعلن تركيا ليس فقط خروجها من الفخ الذي نصب لها في إدلب بل انتصارها فيه.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس