ترك برس
ناقش المجلس الأطلسي في تقرير مطول خيارات تركيا بعد انتهاء حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على إيران في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، إذا نشأت أزمة نتيجة محاولات الولايات المتحدة تمديد الحظر.
ويقول التقرير إن رد فعل تركيا تجاه أزمة مستقبلية بين واشنطن وطهران حول حظر الأسلحة سيعتمد على عدد من الاعتبارات، مثل صدى أزمة جيوسياسية دولية وإقليمية محتملة، وتطور السياسة الأمريكية تجاه إيران، خاصة في ضوء الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر، ومسار العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا الذي يعاني في حد ذاته من عدة أزمات باقية.
الجغرافيا السياسية المحيطة برفع حظر الأسلحة
من منظور تركي، فإن السيناريو الأكثر ترجيحًا هو السيناريو الذي ستجد فيه الولايات المتحدة نفسها غير قادرة على منع رفع حظر الأسلحة في الأمم المتحدة. إن إبقاء الحصار ساريًا من خلال الاستعداد لعقوبات الأمم المتحدة بعيدًا عن التأكيد في هذه المرحلة.
لذلك، قد تسعى الولايات المتحدة إلى معالجة مبيعات الأسلحة مباشرة من خلال الارتباطات الثنائية مع أصحاب المصلحة المحتملين مثل روسيا والصين. ومن وجهة نظر أنقرة، تظل سياسة إدارة ترامب تجاه إيران عازمة في الغالب على الحد من نفوذ طهران الإقليمي، على عكس سياسة باراك أوباما المتمثلة في التركيز الضيق على الملف النووي.
وبعيدًا عن انعكاس كبير لسياسة الضغط الأقصى، ستفعل الولايات المتحدة كل ما بوسعها لمنع إيران من الوصول إلى أسواق الأسلحة. في هذه الحالة، تدرك تركيا أن هذه القضية من المحتمل أن تظهر كمجال للخلاف بين الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا والصين. من المرجح أن تراقب تركيا عن كثب التوترات التي تتكشف، لكنها لن تتوقف عن التدخل المباشر.
ووفقا للتقرير، فإن ما يثير قلق أنقرة هو ما إذا اختارت موسكو تزويد إيران بأنظمة أسلحة متقدمة، والتي طالما سعت إليها إيران. يعتقد المراقبون الأتراك أن أوجه القصور في إيران تكمن في القدرات الجوية والإلكترونيات المتقدمة. وإذا قررت روسيا بيع بعض الأنظمة المتقدمة - مثل نظام صواريخ الدفاع الجوي الروسي S-400 - إلى إيران، فلن ترحب تركيا بهذا التطور.
لكن التقرير يستبعد أن تقوم أنقرة بتصعيد هذه القضية إلى أزمة مباشرة مع موسكو. أولاً، بصفتها دولة مصدرة للأسلحة، فإن أنقرة لن تتحدى حق روسيا السيادي في اختيار عملائها. ثانيًا، لا يشكل شراء إيران لهذه الأسلحة تهديدًا فوريًا لتركيا التي تغطيها أيضًا الضمانات الأمنية للناتو.
وفي المقابل، يقول التقرير، إنه سيكون من الصعب على إيران نشر مثل هذه الأنظمة في دول ثالثة حيث ستشكل تحديًا مباشرًا للقدرات العسكرية التركية.
مثلث الولايات المتحدة وإيران وتركيا في سياق إقليمي
ويرى النقرير أن تقارب أنقرة أو اختلافها مع الولايات المتحدة وإيران حول القضايا المتعلقة بالعراق وسوريا سيكون عاملاً رئيسيا في رد فعلها على رفع حظر الأسلحة عن إيران.
وأوضح أن تركيا كانت في الأشهر الأخيرة هادئة نوعًا ما تجاه سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران، إذ امتنعت عن الانتقاد المباشر لسياسة "أقصى ضغط". وقد تدفع زيادة الخلافات مع إيران بشأن العراق وسوريا تركيا أكثر لتتماشى مع الموقف الأمريكي، خاصة إذا كانت طهران تسعى إلى استخدام النافذة التي يمثلها رفع العقوبات لزيادة إمدادات الأسلحة إلى وكلائها.
ومن ناحية أخرى، هناك بعض الأسباب التي تمنع التقارب الكامل بين وجهات النظر التركية والأمريكية بشأن القضايا الإقليمية. ومن ذلك على سبيل المثال، إذا ركزت الولايات المتحدة استراتيجيتها لمواجهة عودة داعش على ميليشيا سوريا الديممقراطية التي تسيطر عليها ي ب ك.
لذلك، سيكون أهم محدد لرد فعل أنقرة هو كيف ستكون العلاقات التركية الأمريكية بحلول تشرين الأول/ أكتوبر. يشير البعض إلى أنه إذا حققت أنقرة تقدمًا في حل بعض قضاياها العالقة مع واشنطن، فقد يكون لديها مجال أكبر للمناورة، في حين أن استمرار مسار المواجهة الحالي قد يحد من خيارات تركيا ويجبرها على المضي قدمًا مع الولايات المتحدة.
وهناك رأي آخر يقول بأن تصعيد الأزمة الأمريكية الإيرانية قد يُنظر إليه على أنه تطور مرحب به، لأنه قد يمثل ورقة مساومة لفهم جديد مع الولايات المتحدة في العراق وسوريا.
ويؤكد بعض المحللين الأمنيين أنه في مقابل الرضوخ - إن لم يكن التعاون مع - السياسة الأمريكية بشأن إيران، فقد تسعى تركيا إلى استخراج بعض الامتيازات في صناعة الدفاع، في المقام الأول، فيما يتعلق ببعض المطالب العالقة المتعلقة بشراء أنظمة معينة أو نقل التكنولوجيا.
آفاق التعاون بين إيران وتركيا في شراء الأسلحة
السؤال الأخير الذي يطرحه التقرير هو هل تستفيد من رفع حظر الأسلحة على إيران في عقد صفقات شراء الأسلحة معها؟
ويجيب بأن القضية ليست مطروحة مطلقا على أجندة صناعة الدفاع التركية لعدة أسباب:
أولاً، ستهتم أنقرة بتداعيات مثل هذه الشراكة على علاقتها المضطربة مع الولايات المتحدة المثقلة بالفعل بالقضايا العالقة. ثانيًا، تدرك شركات صناعة الدفاع جيدًا الطبيعة السامة لأي صفقة أسلحة مع طهران. ثالثاً، من المحتمل أن تحد المنافسة الإقليمية من التعاون المحتمل بين البلدين.
وخلص التقرير إلى أن الاعتبارات التقنية والسياسية تشير إلى أن التعاون المباشر في صناعة الدفاع بين أنقرة وإيران غير مرجح على المدى القصير. علاوة على ذلك، إذا تصاعدت هذه القضية إلى نقطة خلاف رئيسية على الصعيد الدولي، فإن من المرجح أن تتبع تركيا استراتيجية تحوط لزيادة خياراتها إلى أقصى حد من إشراكها في الأزمة مباشرة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!