ترك برس
تسير عمليات القوات المسلحة الأذربيجانية نحو النجاح في مواجهة القوات الأرمينية المحتلة، وتثبت الطائرات التركية المسلحة من دون طيار مرة أخرى قدرتها على لعب دور "صائد منظومات الدفاعات الجوية".
لكن رغم كل النجاحات العسكرية التي تحققت، إلا أن احتلال أرمينيا لإقليم "قره باغ" الأذربيجاني، المتواصل منذ ثلاثة عقود، لن يزول من خلال العملية الحالية أو في المستقبل القريب.
لكن أذربيجان ستواصل تحقيق المكاسب بشكل تراكمي، وستستطيع بلوغ هدفها وتحرير أرضها، من خلال تغيير المعايير الجيوسياسية. حسب مقال تحليلي للكاتب والخبير جان قصاب أوغلو، نشرته وكالة الأناضول التركية.
وجاء في التقرير: تحتل أرمينيا، منذ عام 1992، نحو 20 بالمئة من الأراضي الأذربيجانية، التي تضم إقليم "قره باغ" (يتكون من 5 محافظات)، و5 محافظات أخرى غربي البلاد، إضافة إلى أجزاء واسعة من محافظتي "آغدام" و"فضولي".
من ناحية أخرى، نحن بحاجة إلى توجيه رسالة أكثر أهمية إلى الرأي العام الأرميني وجميع الجهات الأجنبية الفاعلة في هذه القضية. فقد أظهرت اشتباكات أبريل/ نيسان 2016 وسبتمبر/ أيلول 2020 أن الاحتلال الأرميني لن يزول بين ليلة وضحاها، لكن من الواضح الآن أنه لن يستمر إلى الأبد.
كما لا بد من الإشارة إلى أن تزايد الإنفاق على ميزانية الدفاع في أذربيجان وأرمينيا، للمحافظة على الاحتلال في الأراضي الأذربيجانية، ينعكس بشكل أكثر إيلامًا على دافعي الضرائب في أرمينيا.
ربما في السنوات المقبلة لن يكون التجنيد الإجباري لمدة 24 شهرا وترتيبات التعبئة الصارمة في أرمينيا كافية، وسيواجه شباب أرمينيا ثلاث سنوات أو أكثر من الخدمة العسكرية الإجبارية.
لا تملك أرمينيا أية موارد، مثل دولة الإمارات العربية المتحدة، لنقل مسؤوليات منظومتها الدفاعية إلى شركات عسكرية خاصة، كما لا يمتلك هذا البلد موارد بشرية وبنية تحتية قادرة على إنتاج منتجات عالية التقنية وذات قيمة مضافة عالية، مثل إسرائيل، وغير قادر في الوقت نفسه على صناعة معجزة اقتصادية قائمة على الابتكار وبناء صناعة دفاعية تغير التوازنات العسكرية، مثل كوريا الجنوبية.
إذا استمر الأمر على هذا النحو، فسيكون الخيار الوحيد أمام يريفان هو تحويل أرمينيا إلى حامية ضخمة مهمتها الوحيدة هي حماية إدارة الاحتلال في "قره باغ". وهذا ما يعني بالضرورة زيادة الاعتماد الدفاعي على روسيا، التي تعرف جيدا من أين يؤكل الكتف.
كل هذه المعطيات تشكل عوامل تزيد من إرهاق دافعي الضرائب في أرمينيا، كما سيواجه الشباب مخاطر فقدان الأمل في بناء حياة كريمة بالحد أدنى، بسبب تزايد سنوات الخدمة العسكرية الإجبارية، وتبخر الرواتب، تحت وطأة الضرائب الموجهة لخدمة دعم المجهود الحربي.
في المستقبل غير البعيد، لن تتمكن يريفان والنخبة الأرمينية من منح ناخبيهم أي شيء سوى شعارات الدفاع عن "قره باغ"، في وقت تشهد فيه البلدان المجاورة تطورا ملحوظا في الصناعات العسكرية والطائرات من دون طيار القادرة على إصابة أهدافها من على ارتفاع آلاف الأمتار.
دعونا نخبر الرأي العام الأرميني خبرا سيئا آخر، وهو أن أرمينيا لن تزدهر أبدا، ولن تنبع براعم الديمقراطية فيها، في ظل استمرار مثل هذه الظروف المأزومة.
باختصار، لن ينتهي الاحتلال غدا. لكن الاحتلال الذي أضر بأذربيجان حتى اليوم، سيبدأ في إلحاق الضرر بأرمينيا أكثر فأكثر بداية من الغد.
لاسيما وأن أرمينيا عالقة بالفعل بين خيارين، الأول هو الانسحاب من "قره باغ"، والتحول إلى دولة فاشلة اضطرت للانسحاب، والثاني هو الصعوبات في الحفاظ على وحدتها السياسية بعد تلك الخطوة.
ولتحقيق ذلك، سيتعين على رئيس الوزراء الأرميني، نيكول باشينيان، إما أن يفتح عينيه اليوم أو ينظر إلى الماضي بأسف عميق، حين تخلعه "الصقور" غدا.
وتتواصل اشتباكات على خط الجبهة بين البلدين، منذ الأحد، إثر إطلاق الجيش الأرميني النار بكثافة على مواقع سكنية في قرى أذربيجانية، ما أوقع خسائر بين المدنيين، وألحق دمارا كبيرا بالبنية التحتية المدنية، بحسب وزارة الدفاع الأذربيجانية.
** الطائرات التركية المسيرة
العنصر الأبرز في الانتقال من التقييم السياسي إلى التحليل العسكري هو تناول انتقال الخبرات العسكرية في مجال الطائرات المسلحة من دون طيار من القوات المسلحة التركية إلى نظيرتها في أذربيجان.
تمكنت تركيا من تطوير استراتيجيات قتالية من خلال استخدام الطائرات المسلحة من دون طيار، بداية من عملية "درع الفرات" في سوريا (أغسطس/ آب 2016: مارس/ آذار 2017)، وليس انتهاءً بتكتيكات الحرب الهجينة الراهنة في ليبيا.
لا شك في أن تطور البعد التقني زاد من قدرة تلك التكتيكات على تحقيق المكاسب، بما في ذلك استخدام عوامل مهمة، مثل الذخيرة الذكية المصنوعة من جانب شركة "روكيتسان" التركية، والخبرات التي تحققت من خلال آلاف ساعات طيران لطائرات "بيرقدار" المسيرة، واستخدام ميزات التحكم في الأقمار الصناعية (ANKA-S) في البيئات ذات التهديدات الحربية الإلكترونية العالية.
ومع ذلك، لم تكتفِ تركيا بتطوير المهارات التقنية فقط، بل طوّرت أيضا عمليات عقابية، كتلك التي جرى استخدامها ضد قوات نظام بشار الأسد في سوريا، بعد استشهاد 36 جنديًا تركيا على أيدي تلك القوات والقوات الجوية الروسية، في فبراير/ شباط 2020.
تمكنت الطائرات المسلحة التركية من دون طيار من تدمير أنظمة الدفاع الجوي، وعناصر دعم النيران (المدافع وقاذفات الصواريخ) والأنظمة الإلكترونية والمسيرة، إضافة إلى حساب تقييم الأضرار القتالية.
حاليًا، القوات المسلحة الأذربيجانية تتبع بنجاح هذه التكتيكات، التي تشكل عناصر حاسمة في الحرب، والتي دأبت أذربيجان على مراقبتها عن كثب، لاسيما تلك المتعلقة بالأنظمة العسكرية والطائرات من دون طيار.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!