ترك برس
رأى عالم السياسة الأمريكي، روبرت بيانكي، أن الأزمة الأخيرة بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان، والفرنسي إيمانويل ماكرون، كانت بمثابة هدية للصين.
جاء ذلك خلال مشاركته عبر الفيديو كونفرانس في النسخة الخامسة لـ"مؤتمر السياسة والمجتمع في الشرق الأوسط"، الذي ينظمه معهد الشرق الأوسط بجامعة صقاريا.
وقال بيانكي إن "تركيا تمثل تحديا حقيقيا للصين، حيث أنهم يدركون مدى أهمية أنقرة وضرورة إبعادها عن الناتو والاتحاد الأوروبي".
وأضاف أن "الأزمة الأخيرة مع (الرئيس الفرنسي إيمانويل) ماكرون، على سبيل المثال، كانت هدية كبيرة للصينيين". حسب ما نقلت وكالة الأناضول.
وأوضح أنه "بعد تركيا تأتي مصر. ولا يوجد رغبة في الصين للاستثمار في مصر. بل القاهرة هي من تود أن يحدث ذلك".
وتابع "الصين تنظر بشكل عام إلى علاقاتها مع دول الشرق الأوسط بطريقة شاملة، فمثلا العلاقات مع إيران تنطوي على مخاوف بشأن العلاقات مع الخليج العربي"
واعتبر أن الصين تستفيد بشكل كبير من الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط، وأن غرق واشنطن في مشاكل المنطقة يصرف انتباهها عن مناطق أخرى مثل آسيا والمحيط الهادئ.
ولفت بيانكي، المتخصص في شؤون الصين والعالم الإسلامي، إلى أن "سياسة الصين تجاه الشرق الأوسط هي سياسة انتهازية توجهها دبلوماسية عملية وحذرة".
وأضاف أن "سياستها لا تتمثل في السيطرة على قواعد هناك ليكون لها موطئ قدم، وإنما لجمع أوراق مساومة وامتيازات تستفيد منها في تحقيق مصالح أكبر في العالم".
وأوضح أن "الصين مقارنة بالنزاعات العالمية مع الولايات المتحدة والصراعات مع الجيران، تمتلك مصالح ذات أولوية منخفضة في الشرق الأوسط".
وتابع أن "الصين حريصة على تجنب أي نوع من المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة في المنطقة، وهناك فرضية خاطئة تقول إن الصين ترغب في ملء الفراغ الذي تتركه الولايات المتحدة في المنطقة".
وزاد قائلا: "هذا ليس صحيحا، فالصين لا تريد أن تنخرط في المنطقة، وهي تستفيد بشكل كبير من الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط".
"في الحقيقة، تريد الصين أن تظل الولايات المتحدة غارقة في مشاكل الشرق الأوسط لأن هذا يصرف انتباه القوات الأمريكية عن مناطق آسيا والمحيط الهادئ، والمحيط الهندي، وآسيا الوسطى" يضيف الخبير السياسي.
وبحسب بيانكي: "تلك هي المناطق التي تمتلك فيها الصين مصالح أمنية حيوية. الصينيون يريدون إبقاء موارد الولايات المتحدة الاستراتيجية مقسمة بين مسارح المحيط الهادئ والشرق الأوسط".
ولفت إلى أن "تراجع تركيز إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما على سياسة آسيا نتيجة استمرار الاضطرابات في الشرق الأوسط صب كثيرا في مصلحة الصينين".
وأوضح أن "هناك عدة أصوات في الصين تناقش السياسة الخارجية الوطنية؛ ويحذر كثيرون من الانخراط القوي في الشرق الأوسط، ويرون أن بكين لا ينبغي أن تسلك طريق المستعمرين والإمبرياليين السابقين لأن الشرق الأوسط كان لفترة طويلة "مقبرة الإمبراطوريات".
"رغم ذلك، هناك نوع من المرونة في السياسة الخارجية للصين. هناك عدة أصوات مختلفة تناقش إمكانيات التغيير، وخير مثال على ذلك، سوريا".
ولتأكيد رؤيته قال بيانكي: "حقيقة عودة مقاتلي الأويغور في سوريا الآن إلى وطنهم أوضحت أن سوريا لم تكن مشكلة بعيدة بل هي تهديد مباشر. الآن، تحاول الصين أن تصبح شريكًا لنظام الأسد، وتطمح إلى تقاسم الأرباح من إعادة بناء سوريا بعد الحرب".
** شبه حلفاء في الشرق الأوسط
في السياق ذاته، لفت الخبير الأمريكي إلى "عدم وجود شريك طبيعي أو شريك لا غنى عنه للصين في الشرق الأوسط، لكن يمكن الحديث فقط عن "شبه حلفاء مؤقتين".
وأضاف: "على هذا النحو، سيكون ترتيب الأولويات للصين، مثلا؛ باكستان، إيران، تركيا، مصر".
واستدرك موضحا: "في حالة باكستان، تعتبر الهند إلى حد ما عدوا لكل من باكستان والصين، ولديها حدود مشتركة مع الصين".
"وفي حالة إيران، لا تريد الصين الدخول في مواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة أو إسرائيل. كما أنها لا تريد أن يُنظر إليها على أنها لاعب ضعيف ينحني لواشنطن في قضية إيران النووية".
وتابع: "مع ذلك، أوضحت الصين للإيرانيين أنهم إذا تجاوزوا الخط في السعي لتحقيق طموحاتهم النووية، فلن يعودوا قادرين على الاعتماد على الدعم الدبلوماسي الصيني".
ووفق بيانكي، لا يوجد بلد آخر يسبب الكثير من الجدل في الصين مثل إيران. فهي بالنسبة لبعض الصينين، فرصة تجارية عظيمة، ولبعض آخر فرصة سياسية واستراتيجية، فيما يراها آخرون على أنها "ألم في العنق وفخ محتمل" للانتهازيين الصينيين الساذجين.
"ومع ذلك، يمكن للمرء أن يستنتج أن الانتهازية والصبر الصيني في صراع وتنافس كبير على إيران".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!