ترك برس
حذرت منظمة "أطباء الأرض" (YDD) التركية، التي تقدم مساعدات صحية وغذائية للمتضررين من الحرب اليمنية التي تسببت بأزمة إنسانية في البلاد، من أن الجوع هو الأزمة الأكبر التي تواجه المدنيين.
وفي تصريح لوكالة الأناضول، أدلى أحمد فاتح جيهان، منسق منظمة أطباء الأرض، بتصريح عن الأنشطة التي قام بها فريقه في اليمن منذ قدومه إليها في عام 2011 لأول مرة تلبية لرغبة لسلطات المحلية في اليمن، حيث قام الفريق كمرحلة أولى بتحديد احتياجات الشعب اليمني، ثم وضع برنامج عملي يتعلق بالأزمات التي كانت موجودة قبل الحرب وبلغت ذروتها مع الحرب التي اندلعت لاحقًا.
تطرق جيهان إلى مواجهة اليمن لأخطر أزمة إنسانية في العالم، لما تعانيه من أمراض وجوع وخطر النزاعات المسلحة، وقال: "وفقا للمعطيات الأخيرة، يوجد 3,3 مليون شخص مهاجر داخل اليمن، كما يعاني 60% من سكان اليمن من الجوع، ويواجه 8,5 مليون نسمة صعوبات في تأمين الغذاء الصحي".
وأشار إلى تنفيذهم المنظمة مشاريع تتناسب مع علاج الفئة الأكثر تضررا من الجوع وسوء التغذية الحاد، وهم مليوني طفل و1,14 مليون امرأة حامل ومرضعة، وقال: "نهدف من خلال تنفيذ مشاريعنا الصحية إلى الحد من المأساة الإنسانية التي تعيشها المنطقة، وخاصة الأطفال والأمهات الفئة الأكثر تضررا. قمنا بإرسال فرق صحية متطوعة تفحص وتعالج آلاف المرضى، كما تقدم الدعم الدوائي في اليمن".
تنظم منظمة أطباء الأرض دورات تدريبية وندوات في مجال الصحة للمساهمة في تنمية القدرات المحلية في اليمن، كما تقدم مساعدات للحالات الطارئة، مثل توزيع المعقمات وأقراص تنقية المياه في فترة تفشي وباء الكوليرا بسبب اضطرار السكان لاستخدام المياه الملوثة.
أكد جيهان على ضرورة التصدي العاجل لأزمة الجوع في اليمن، وقال: "بدأنا بالعمل على تجاوز هذه الأزمة بافتتاح أربعة مراكز للتغذية الصحية في مدن عدن وحضرموت عام 2016، وقدمنا دعمًا غذائيًا للمتضررين، ولا تزال مراكزنا تواصل خدماتها بنشاط إلى اليوم. وفقا لتقارير الأمم المتحدة فإن 60% من سكان اليمن البالغ عددهم 29 مليونا، يعانون من سوء التغذية، ومن المعروف أن الجوع يضعف جهاز المناعة الذي يحمي من الأمراض، والأهم من ذلك أنه يصيب الأطفال دون سن الخامسة والحوامل والمرضعات".
وتابع قائلًا: "تلقى العلاج أكثر من 80 ألف شخصًا كانوا يعانون من مشاكل صحية بسبب الجوع في مراكزنا الصحية، وعالجنا أكثر من 10 آلاف شخص بالتغذية الصحية. وتتراوح فترة العلاج بالأغذية العلاجية الخاصة بين 3 و6 أشهر، حيث يتم مراقبة المرضى المنخفض وزنهم بشكل غير طبيعي مما يهدد حياتهم، ومعظمهم دون الخامسة من العمر. تقوم الفرق بمراقبة الحالات من خلال زيارتهم في منازلهم. لدينا مليوني طفل جائع، ويعاني مئات الآلاف منهم من سوء التغذية الحاد الشديد، كما أن 400 ألف منهم دون سن الخامسة يعانون من ظروف صحية حرجة، ولسوء الحظ لا تتاح فرصة العلاج لجميع الأطفال فيموت بعضهم".
أشار جيهان، إلى تشبث العديد من الأطفال بالحياة في أثناء معالجتهم في مراكزنا، التي تقدم العلاج الغذائي الطبي على عكس العديد من المراكز الصحية الأخرى، وقال: "أذكر على سبيل المثال، الطفل عابد ذو العامين ونصف، الذي كان يعاني من نقص غذائي حاد ووزنه 6 كيلوغرامات، ما يعادل نصف وزن أقرانه العاديين، بعد تلقيه علاجا مع الغذاء الصحي لمدة ستة أشهر في مركز عدن، والحمد لله صار وزنه 11,7 كيلوغراما، كما تمت معالجة أطفال أصغر عمرا عانوا من فقدان شديد للشهية وللوزن ثم تحسنت حالتهم، مثل الطفلة فاطمة بسام، ذات 12 شهرا، وأحمد صالح، ذو العشرة أشهر".
كما تحدث جيهان عن انهيار البنية التحتية في البلاد نتيجة الضربات الجوية، مما جعل العمل في اليمن صعبا جدا، والتعليم والخدمات العامة معطلة، وعدد اللاجئين في ازدياد، وقال: "انهارت أيضا البنية التحتية الصحية بشكل كامل مع الحرب، ونصف المرافق غير صالح للعمل، حتى التنقل والدخول والخروج وشراء مواد المساعدات الإنسانية صعبا جدا، ونعمل حاليا في محافظات مآرب ولحج وعدن وحضرموت وتعز والحديدة من خلال شركائنا المحليين في المنطقة".
كما أشار إلى افتقار البلاد لعناصر النظافة الأساسية البسيطة والخدمات الصحية، مما أدى لأوضاع مأساوية وأوبئة كبيرة مثل الكوليرا والدفتيريا والملاريا أدت لوفاة الكثيرين، وقال: "تواجهنا في كل منطقة من مناطق اليمن تقريبا نفايات تمتد لأمتار وربما كيلومترات، ولا توجد مياه نظيفة للقضاء على أضرار تجمع القمامة، التي تؤدي لانتشار الأمراض المعدية".
وأضاف جيهان: "في أثناء حديثي معك يفقد الناس حياتهم بسبب الجوع في اليمن. يتحدث الجميع عن تلبية احتياجات اليمن، ولكن لا أحد يتحدث عن القضاء على الأزمة الإنسانية. الدولة اليمنية لا تستطيع تحصيل الضرائب ولا دفع الرواتب ولا تقدم أي خدمات عامة، حتى القمامة لا تستطيع جمعها ولا توفر مياه نظيفة لشعبها".
وفي عام 2015، جاء فريق طبي متطوع من تركيا الى اليمن في عام 2015، برفقة إمدادات طبية بهدف تقديم المساعدة، لكن المساعدات الإنسانية لم تكن تقدم إلا عن طريق الأمم المتحدة أو منظمات مدنية محلية، وقد تمكن الفريق بمساعدة منظمة مجتمع مدني من التواصل مع الفرق الطبية والغذائية لمنظمة أطباء الأرض.
وعن المساعدات التي قدمتها منظمة أطباء الأرض، قال جيهان: "مدت منظمة أطباء الأرض العون لما يقرب من 190 ألف يمني منذ عام 2016، من بينهم 83 ألفًا و427 شخصًا في نطاق مشاريع الغذاء الصحي، كما وزعت مساعدات في أعياد الفطر والأضحى إلى 97 ألف شخص، يعمل في مشروعنا الصحي 2553 طبيبا متطوعا.
أشاد جيهان، بالعلاقات التركية اليمنية في مجال المساعدات الإنسانية، وقال: "بسبب الرابط التاريخي بين البلدين، أسسنا عدة مؤسسات تركية لتنفيذ أنشطتنا، وبالمقابل زادت المودة والمحبة في اليمن للشعب التركي".
ومن الجدير بالذكر أن منظمة أطباء الأرض تأسست في إسطنبول عام 2000، وتقدم مساعدات إنسانية دولية في المجال الصحي من أفغانستان إلى سوريا ومن الصومال إلى فلسطين ومن أوغندا إلى اليمن. يدعمها 100 ألف متطوع و15 ألف متبرع، وقد نفذت مئات المشاريع في 50 دولة، وتعتني بدعم الصحة الوقائية والدعم النفسي وتطوير القدرات الجسدية والتثقيف الصحي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!