ترك برس
تناول تقرير لشبكة الجزيرة القطرية، أبعاد تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المفاجئة، حول حاجة تركيا لدستور جديد، والتي أشعلت الجدل والنقاش في الشارع التركي الذي انقسم بين مؤيد ومعارض.
وقبل أيام، أكد الرئيس أن الوقت قد حان من أجل مناقشة دستور جديد لتركيا، وأن الحكومة ستبدأ في اتخاذ الخطوات اللازمة في البرلمان بخصوص القضايا التشريعية، وفي الرئاسة بخصوص القضايا الإدارية.
وقال في كلمة ألقاها -خلال مشاركته في المؤتمر العام لحزب العدالة والتنمية- إن الدستور الجديد المزمع إعداده "سيُبنى على القفزات التاريخية التي حققناها في البلاد".
ورغم أن الدستور الحالي جرت عليه تعديلات 19 مرة، 9 منها قبل حكم "العدالة والتنمية" و10 منها خلاله، آخرها تعديل أقر الانتقال للنظام الرئاسي عام 2017، فإنه وحسب أردوغان لم تنجح التعديلات في استئصال الجوهر الانقلابي الذي بُني عليه دستور عام 1982، معتبراً أن سبب مشكلات تركيا هو الدساتير التي أعدّها الانقلابيون.
ولم يتأخر الرد من دولت بهتشلي رئيس الحركة القومية، وقال إن حزبه سيعمل بوعي ضمن تحالف "الشعب" ويؤدي دوره لصياغة دستور جديد للبلاد.
وغرد وزير العدل عبد الحميد غل قائلاً "إن تركيز رئيسنا على الدستور الجديد بشرى سارة ومهمة بالنسبة لنا جميعا" مضيفا "إن تنفيذ دستور مدني وديمقراطي جديد هو أحد الأهداف الرئيسية لإصلاحنا القانوني، سيكون الإرث الأهم والأثمن الذي سنتركه لأطفالنا ومستقبلنا".
وتوافق مانشيت الصفحة الأولى بصحيفة حرييت بعنوان "دستور جديد حان وقته" مع ما كتبه الصحفي عبد القادر سيلفي في مقال رأي في موقعهم، معتبرا أن الرئيس أردوغان قد غيّر الترتيبات بخطوته حول تعديل الدستور، ليقطع الطريق على المعارضة قبل الانتخابات، وتصريحاته بمثابة رسالة لهم.
في حين تصدر صحيفة الصباح عنوان "حان الوقت لمناقشة الدستور الجديد" في إشارة لتأييد ما قاله الرئيس عن قدرة حزب العدالة والتنمية، مع شريكه في تحالف "الشعب" على اتخاذ إجراءات لوضع دستور جديد.
وفي السياق، ذكر مصطفى غوفينتش الخبير القانوني ومدير شركة "أمجه للاستشارات القانونية" أن الدستور الحالي يحتوي على مواد عسكرية، والبلاد الآن بحاجة لدستور ذي قوانين مدنية خاصة أن الشارع يلزمه الكثير من الإصلاحات الدستورية التي ستنعكس بشكل إيجابي على الاقتصاد.
ورأى -في حديث للجزيرة- أن غالبية الأتراك يرغبون بدستور جديد لكن المعارضة تتخوف من دستور يعطي صلاحيات رئاسية أكثر، ويهمش البرلمان.
وعن آليات إعداد دستور جديد، أكد أن ذلك يتوجب الحصول على أصوات ثلثي أعضاء البرلمان البالغ عددهم 600 نائب، ومن ثم يعرض على الرئيس للموافقة عليه أو إعادته للبرلمان من أجل أجراء تعديلات أخرى عليه أو مناقشته أو طلب إجراء استفتاء الشعب عليه.
يُشار إلى أن تحالف "الشعب" الذي يضم حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية يملك 337 عضوا في البرلمان أي أقل من الثلثين.
وقال مراقبون إن حزب العدالة والتنمية طرح مسألة الدستور هذا الوقت تماشياً مع المسار الإصلاحي الذي اختطه الحزب مؤخراً، حيث أعلن عن حزمة إصلاحات قانونية واقتصادية، لتمتين جبهته الداخلية وتخفيف الضغوط الخارجية عليه، وليكون موضوع الدستور الأهم بالانتخابات المقبلة وحملتها، ولسحب البساط من تحت أحزاب المعارضة التي سُرِّب أنها تتناقش على صياغة مسودة دستور جديد تتضمن العودة للنظام البرلماني.
جرت كتابة أول دستور لتركيا عام 1921 ليكون منطلقاً لتأسيس الجمهورية الحديثة، وتبنت البلاد دستورا جديدا نهاية حرب الاستقلال عام 1924، واستمر العمل به حتى عام 1961 حين بدأ العمل بدستور جدلي جديد أفرزه انقلاب 1960.
والدستور الحالي للجمهورية معمول به منذ عام 1982، وتم إعداده من قبل مجلس الشورى بأمر من الإدارة العسكرية بعد انقلاب 12 سبتمبر/أيلول 1980، ودخل حيز التنفيذ في 18 أكتوبر/تشرين الأول بعد قبوله سنة 1982 من خلال الاستفتاء الشعبي وحصوله على نسبة تأييد تجاوزت 91%.
وجرى الاستفتاء على الدستور في ظل فوضى عارمة عمت البلاد، وتحت سيطرة الجيش على الإعلام وإغلاقه الأحزاب السياسية، وكانت نسبة المشاركة في التصويت ضعيفة جدا.
ويتكون الدستور من 7 أقسام و155 مادة أساسية، بالإضافة إلى 21 مادة مؤقتة، وحسب الدستور فإنه يُمنع منعاً باتّاً تعديل أو اقتراح على المواد الأربع الأولى التي تتضمن الأسس العامة للدولة (الهوية والحقوق السيادية للأمة التركية وأجهزة الدولة الدستورية).
ويؤكد أن السيادة للأمة دون قيد أو شرط، وقام بالفصل بين السلطات الثلاث لمجلس الشعب: السلطة التشريعية، رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ومجلس الوزراء لهم السلطة التنفيذية، كما تمارَس السلطة القضائية من قبل محاكم مستقلة، ويعرّف الدستور الدولة بأنها دولة قانون ديمقراطية وعلمانية واجتماعية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!