ترك برس
بعد إعلان كازاخستان استقلالها عن الاتحاد السوفييتي في ديسمبر/ كانون الأول 1991، عادت مدينة تُركستان التاريخية تدريجيًا، تستعيد تألقها كمركز ثقافي ومعنوي لبلدان العالم التركي.
تقع المدينة التي تعرف تاريخيًا باسم "يسي" جنوبي كازاخستان، ويعود تاريخ تأسيسها إلى حوالي ألفي عام، ولعبت دورًا رئيسيًا في نشر الإسلام بين الشعوب التركية في منطقة آسيا الوسطى.
وبحسب تقرير لوكالة الأناضول، ساهم العالم والمتصوف التركي خوجة أحمد يسوي (1093- 1166)، بشكل فعال في نشر الإسلام ببلاد الترك (آسيا الوسطى)، من خلال تأسيس حركة نشيطة لنشر الإسلام وطوافه معظم المدن التركية في وسط آسيا وأقاليم بلاد الترك من أجل الدعوة للدين الإسلامي.
وتحولت مدينة تركستان إلى عاصمة لخانات الكازاخ من عام 1456م إلى عام 1847، ومركزًا لمقاطعة تُركستان بموجب قرار للرئيس الكازاخي المؤسس نور سلطان نزارباييف في 19 يونيو/ حزيران 2018.
وتقع المدينة التي يزيد عدد سكانها عن 2 مليون نسمة، على طريق الحرير التاريخي الذي يربط بين أوروبا وآسيا.
وبدأت باستعادة تألقها ودورها كمركز للحياة الروحية والسياسية والتجارية في آسيا الوسطى والعالم التركي منذ إعلان كازاخستان استقلالها عن الاتحاد السوفييتي عام 1991.
وفي القمة غير الرسمية المرتقبة لرؤساء دول المجلس التركي في 31 مارس/ آذار الجاري، من المقرر منح مدينة تركستان صفة "العاصمة المعنوية للعالم التركي".
** مركز يوحد بلدان العالم التركي وشعوبه
وفي هذا الصدد، يقول الأكاديمي الكازاخي دوساي كنجطاي، عضو الهيئة التدريسية بجامعة خوجه أحمد يسوي التركية الكازاخية الدولية، إن تركستان تكتسب أهمية خاصة بالنسبة لكازاخستان والعالم التركي.
ويضيف كنجطاي لمراسل الأناضول، أن مدينة تركستان، حيث يقع قبر يسوي، تستحق لقب "العاصمة المعنوية للعالم التركي"، لما تحتويه من عناصر ثقافية وروحية مهمة، تتوحد تحت سقفها قيم العالم التركي وشعوبه.
ويردف: "شكلت المدينة على الدوام، إحدى الحواضر المهمة في بلاد الترك، لذلك، فهي تضم مرقد الشاعر الفيلسوف المتصوف أحمد يسوي، الذي يعود له فضل نشر الإسلام في وسط آسيا، ودُفن فيها ما يقرب من 30 شخصية تاريخية من الخانات الكازاخ وأكثر من 50 من أمراء وأبطال الشعوب التركية عبر التاريخ".
** مركز للسياحة الروحية والثقافية
بدوره، قال حاكم ولاية تركستان، عمرزق شوكييف، في مؤتمر صحفي عقده بحضور صحفيين من البلدان الناطقة بالتركية، إن المدينة ليست مركزًا لإحدى ولايات جمهورية كازاخستان وحسب، بل أيضًا أحد المراكز الروحية والثقافية المهمة للعالم التركي بأسره.
وذكر شوكييف أن مرقد وتربة يسوي، والمتصوف التركي أرسلان بابا، والمدن القديمة مثل أوترار وسوران، مدرجة جميعًا في "قائمة يونسكو للتراث العالمي"، مشيرًا أن بلاده تعمل على تحويل تركستان إلى مركز للسياحة الروحية والثقافية.
** استثمارات أجنبية بقيمة 3.5 مليارات دولار
وفي حديث لوكالة الأناضول، يقول نائب والي تركستان ميرجان ميرزاغالييف، إن إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الولاية خلال السنوات الثلاثة الماضية بلغت 3.5 مليارات دولار.
وأكد ميرزاغالييف أن الشركات التركية تتولى غالبية المشاريع الأكثر أهمية بولاية تركستان، وأوضح: "تم حتى الآن تشغيل أكثر من 100 مشروع استثماري، كما ترون، المدينة تنبض بالحياة والبنية التحتية والتجارة آخذة في التطور".
وفي إشارة إلى إنشاء منطقة اقتصادية حرة في تركستان، أشار ميرزاغالييف إلى أن المستثمرين الراغبين في إنشاء مرافق في المنطقة المعنية، يحصلون على إعفاء حكومي خاص من الضرائب على الأراضي والممتلكات والجمارك.
** تركستان قلب آسيا الوسطى
وفي إطار الجهود التي تبذلها الحكومة الكازاخية لإعادة إحياء طريق الحرير التاريخي، جرى افتتاح مطار تركستان الدولي بالمدينة في 1 ديسمبر/ كانون الأول 2020.
كما نفذت الحكومة الكازاخية مشروع محطة حافلات تركستان الدولية، التي توفر خدماتها لأكثر من 3 ملايين مسافر سنويًا، بين بلدان كازاخستان وأوزبكستان وقرغيزيا التركية.
وتهدف الحكومة الكازاخية أيضا إلى البدء في بناء خط سكة حديد فائق السرعة بين مدينة تركستان الكازاخية والعاصمة الأوزبكية طشقند نهاية العام الجاري.
وفي وقت سابق، أعلنت كازاخستان عزمها استضافة القمة السنوية المقبلة لزعماء بلدان مجلس التعاون للبلدان الناطقة بالتركية (المجلس التركي)، في 31 مارس/ آذار الجاري، بمدينة تركستان.
جاء ذلك على لسان رئيس الوزراء الكازاخستاني عسكر مامين، في تصريحات للصحافة المحلية، مضيفًا أن حكومة بلاده تولي أهمية كبرى لتنمية مدينة تركستان، لا سيما أنها تقع في قلب آسيا الوسطى.
ولفت إلى أن حكومة بلاده تعمل حاليا من أجل استكمال بناء جميع منشآت ومرافق تركستان في الوقت المحدد ضمن الاستعدادات الجارية لاستقبال زعماء العالم التركي.
وفي يونيو/حزيران 2018، غيّر رئيس الجمهورية المؤسس نور سلطان نزارباييف، اسم مقاطعة جنوب كازاخستان إلى تركستان، ونقل مركز المقاطعة من مدينة شيمكنت إلى تركستان.
وأعلنت الحكومة الكازاخية عن استثمار ما يقرب من 1.4 مليار دولار في الفترة بين 2019-2020 لصالح دعم البنية التحتية في تركستان.
جدير بالذكر أن بدايات تأسيس المجلس التركي تعود إلى القمة التاسعة لزعماء البلدان الناطقة باللغة التركية، التي احتضنتها مدينة نخجوان الأذربيجانية، في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2009.
وتم الإعلان رسميا عن تأسيس "المجلس التركي"، الذي يضم خمس جمهوريات تركية من أصل سبعة، وهي تركيا وأذربيجان وكازاخستان وقرغيزيا وأوزبكستان، خلال القمة العاشرة لزعماء البلدان الناطقة بالتركية، التي استضافتها مدينة إسطنبول يومي 15 ـ 16 سبتمبر/أيلول 2010.
وتعتمد 7 دول، التركية ولهجاتها لغة رسمية لها، وهي تركيا وأذربيجان وجمهورية شمال قبرص التركية وتركمانستان وأوزبكستان وقرغيزيا وكازاخستان، وتمتلك تلك الدول لغة وتاريخا وحضارة مشتركة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!