وداد بيلغين – صحيفة وطن – ترجمة وتحرير ترك برس
هل هناك أهمية لانتخابات 7 حزيران؟ للوصول إلى إجابة هذا السؤال، علينا النظر إلى التغيير الذي حصل في تركيا على مدار 10 سنوات مضت، لندرك حجم التحوّل الديمقراطي الذي جرى في الهيكل السياسي للدولة التركية، وانتخابات 7 حزيران ستكون التتويج النهائي لعملية التحوّل هذه.
التتويج يكون بأمرين، الأول هو إنشاء دستور جديد للبلاد، والثاني هو الانتقال إلى النظام الرئاسي، وتحقيق هذا التغيير البنيوي يحمل أهمية بالغة جدا بالنسبة لتحديد مستقبل الجمهورية التركية، والطريق الذي ستسير عليه.
ولا شكّ أنّ تحقيق عملية السلام والمصالحة الوطنية كان من أهم الأمور التي حققتها تركيا على طريق الإصلاح الداخلي، وحتى لو أننا لم ننهِ عملية السلام ولم نصل حتى الآن إلى مرحلتها الأخيرة، إلا أننا وصلنا إلى مرحلة متقدمة جدا، على طريق إنهاء هذا الملف، الذي يعني إنهاء الإرهاب، وتعزيز الديمقراطية.
السياسة والإرهاب
الانتخابات القادمة ستحدد بصورة مباشرة مصير عملية السلام، وسيقوم أولائك الذين يريدون إعاقة عملية السلام، بتشكيل تحالف لا ديمقراطي، للوقوف في وجه سعي تركيا إلى إنهاء هذا الملف، فردود أفعالهم تجاه مسألة تعزيز الديمقراطية في تركيا غريبة.
كيف للكماليين والعلمانيين والاشتراكيين والقوميين ..الخ، كيف لهم أنْ يقفوا في وجه إنشاء دستور مدني للبلاد، والانتقال للنظام الرئاسي؟ فحراكهم وردود أفعالهم تجاه هاتين المسألتين خرجت عن إطار السياسة الفعلية لأي معارضة.
وليس غريبا أنّ كل الإعلام المركزي، وكل رؤوس الأموال، وكل مراكز القوى الغربية، تدعم حزب الشعوب الديمقراطي كي يتجاوز نسبة الحسم، فهذا الحزب السياسي أصبح اليوم، ليس مجرد عائق للوقوف أمام دستور جديد ونظام رئاسي، وإنما أصبح يُشكّل عائقا أمام المساعي الرامية لتحقيق السلام والقضاء على الإرهاب.
وهنا يمكننا الحديث عن أكثر من أسباب أو احتمالات لوصول حزب الشعوب الديمقراطي إلى هذه الحالة. الأول، هو أنّهم لم يتجرؤوا على الوقوف بوضوح تام وبصورة علنية في وجه عملية السلام، وذلك لأن عملية السلام تحظى بدعم جماهيري كبير، ولهذا ربما أرادوا اتخاذ موضع كأنهم شركاء في عملية السلام، مستغلين موقعهم هذا للعمل على تعطيلها.
أما الاحتمال الثاني، فيتمثل في أنّ القوى الخارجية، وكذلك الحزب، أدركوا أنّهم لن يتوصلوا إلى أي نجاح أو نتيجة من خلال الاستمرار بالعمليات الإرهابية، ولكنهم في نفس الوقت، لا يريدون لتركيا أنْ تعزز الديمقراطية من خلال الانتقال لنظام رئاسي جديد وإنشاء دستور مدني للبلاد، ولهذا وجدوا أنفسهم مضطرين للانضمام لعملية السلام، كآخر الخيارات التي يملكونها.
والأمر الثالث، والذي يُعتبر الأهم ربما، هو اجتماع وتحالف مختلف الآراء، حتى من أولائك العنصريين الذين ينتصرون للعرق، مع اليساريين والكماليين، ومن مختلف المذاهب، اجتمعوا جميعا عند نقطة وهدف واحد، يتمثل بالوقوف أمام تركيا التي تسعى للقيام بتغييرات جذرية.
تحالف ضد الديمقراطية
هؤلاء الذين يرفعون شعار "نريد دولة علمانية-ديمقراطية-مسالمة-معاصرة-قانونية"، يتحدثون عن العلمانية وهم أعداء حرية الاعتقاد والتفكير، ويتحدثون عن الديمقراطية وهم يمارسون كل الأعمال اللاديمقراطية، ويريدون ديمقراطية تتحكم فيها البيروقراطية، ومفهوم السلام بالنسبة لهم يتمثل بالاستمرار بالأعمال الإرهابية، ودولة القانون التي يريدون، هي تلك التي يتحكمون فيها بجهاز القضاء، ومفهوم الدولة المعاصرة بالنسبة لهم، يستلهمونه من تفكير "اليعاقبة" إبان الثورة الفرنسية.
وباختصار، فإنّ أهمية انتخابات 7 حزيران، تتمثل في تحقيق تغييرات جذرية على بنية الدولة التركية من خلال تعزيز الديمقراطية، بدءا من إنشاء دستور جديد للبلاد، ومرورا بتحقيق عملية السلام، وانتهاء بالوصول إلى النظام الرئاسي.
وكما قلت وكررت مرارا، تركيا تعيش ثورة مجتمعية، واليوم يجب على السياسة أنْ تواصل هذه الثورة، وتقوده بنجاح إلى خط النهاية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس