ترك برس
لقبت إسطنبول بأنها مدينة المآذن، وعاصمة المساجد، لكثرة عدد المساجد التي تحتويها، وتبرز فن العمارة العثمانية في تصميمها، ومن بين هذه المساجد مسجد أيوب سلطان (Eyüp Sultan Camii)، ويسمى أيضا: مسجد أبي أيوب الأنصاري، فهو مسجد عثماني قديم، يقع في منطقة أيوب، في الجانب الأوروبي من مدينة إسطنبول، بالقرب من القرن الذهبي، بني عام 1458م، وهو أول مسجد بناه العثمانيون في إسطنبول، بعد فتح القسطنطينية عام 1453م، وبني المسجد بالقرب من قبر الصحابي الجليل أبي أيوب الأنصاري، حيث مبناه مستقل تماما عن مبنى المصلى، وأبو أيوب هو خالد بن زيد بن كليب، أبو أيوب الأنصاري الخزرجي، الذي شهد بدر والعقبة، وغيرها.
كما شهد أبو أيوب مع علي رضي الله عنه، قتال الخوارج، وفي بيته نزل الرسول عليه الصلاة والسلام، حين قدم المدينة مهاجرا من مكة، فأقام عنده شهرا، حتى بني المسجد والمساكن من حوله. وكان أبو أيوب يجاهد في صفوف جيش المسلمين، في القرن السابع للميلاد، حيث دفن هناك، عند محاولة المسلمين فتح القسطنطينية، عام52 هجري، ولكنهم لم ينجحوا، وعندما توفي أبو أيوب الأنصاري، أوصى بأن يدفن في اسطنبول، وبالفعل تم غسله ودفنه في هذه المنطقة.
وبعد مجيء الدولة العثمانية، وفتح القسطنطينية، أصبحت مكانة أبي أيوب الأنصاري عظيمة، في الثقافة العثمانية، فقد اعتاد السلاطين العثمانيون، أن يقيموا حفلا رئيسيا في المسجد، ويتقلدون سيف رمزا للسلطة التي أفضت إليهم، وكانت قيمة هذا الصحابي بالنسبة للأتراك، رتبة ولي الله، فالكثير من زوجات السلاطين، ورؤسائهم، وبناتهم، وجميع الشخصيات المهمة في البلاد، يوصون بدفنهم في الحي نفسه، الذي يتواجد فيه قبر أبي أيوب.
وقد كسب أبو أيوب الأنصاري محبة القلوب المؤمنة، كونه مضيف للرسول عليه السلام، وأكرمه وأعانه وقت العسرة، وله مكانة مرموقة بين المجاهدين، كما أنّ للمسجد أهمية كبيرة، ولهذا يتوافد إليه الملايين، من الزوار كل عام، ليصطفوا ويشاهدوا ضريح أبي أيوب الأنصاري. وكما تقول الرواية فقد كان شيخ الإسلام "آف شمس الدين"، يبحث عن مكان القبر، وبالفعل عثروا عليه في هذه المنطقة، وطلب السلطان على الفور أن يتم بناء المسجد، وأن تلحق به أقسام عدة.
يقول تاريخ هذا المسجد، انه كان يضم كلية، جاءها طلابها من أماكن قريبة وبعيدة، ووفرت لهم المأكل والمسكن والعلم، ويضم المسجد مطعما للفقراء، وحماما تركيا، وازدهر من حوله المعمار، ونشطت التجارة. فالمسجد رابع الأماكن الإسلامية المقدسة لدى الأتراك، يأتي في مقامه بعد مكة المكرمة، والمدينة المنورة، والقدس الشريف، حيث يتدافع عدد كبير من من المصلين إلى المسجد، وخاصة أيام الجمعة، لأداء الصلاة.
وتتوسط الفناء الداخلي وبشكل يحاذي المبنى الذي يحتضن الضريح، ساحة مستطيلة الشكل، محاطة بسياج حديدي، تمتد داخل الساحة شجرة عملاقة عتيقة، يقال أنها موجودة منذ وفاة أبي أيوب الأنصاري، وعلى كل زاوية من السياج، سلسبيل يشرب منه الزائرين، ويعتقدون أن هذه المياه مباركة، يقصدونها ليطلبوا من الله أن يحقق أمنياتهم.
في الباحة الأولى للمسجد، توجد عدة نوافير، تزينها نقوش إسلامية، وروحانية، وبالقرب منها تتوزع أماكن الوضوء للرجال، وفي الباحة الثانية، حيث يشتد الزحام، من الجانب الأيمن، يقود إلى المصلى الكبير.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!