ترك برس
شهدت أنقرة، الأسبوع الفائت، انعقاد لقاء بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رئيس مجلس النواب الليبي في طبرق عقيلة صالح، ونائب رئيس المجلس الرئاسي عبد الله اللافي، في مشهد نادر يأتي في إطار انفتاح أنقرة على الشرق الليبي، ويثير تساؤلات حول دلالات توقيت زيارة الوفد الليبي إلى أنقرة، خاصة وأنه أعقب تصريحات أمريكية حول البلد العربي.
ورغم عدم صدور أي بيان أو تصريح تركي رسمي حول فحوى المحادثات التي جرت في الاجتماع الثلاثي بالمجمع الرئاسي التركي، فإن تغريدة اللافي عقب اللقاء كانت إيجابية، إذ أكد أنه تم التوافق على الحفاظ على وحدة التراب الليبي، والإسراع في إجراء العملية الانتخابية، عبر التشريعات اللازمة والمتفق عليها.
وفي إطار مساعي تركيا للتقارب مع جميع الأطراف الليبية، أسس البرلمان التركي مجموعة الصداقة البرلمانية التركية الليبية في أبريل/نيسان عام 2021.
ويتم حاليا التخطيط لزيارة وفد تركي إلى مجلس النواب الليبي في طبرق برئاسة رئيس مجموعة الصداقة البرلمانية التركية الليبية أحمد يلماز.
وكان سفير أنقرة لدى طرابلس كنعان يلماز، قد كشف مؤخراً في حوار مع وكالة الأناضول، الإستراتيجية الجديدة لبلاده تجاه ليبيا، مبيناً أن أنقرة تنتهج مقاربة شاملة تجاه ليبيا، وتنظر إليها ككل دون التمييز بين شرقها وغربها، وتدعم الاستقرار والتوافق السياسي في هذا البلد.
وأضاف يلماز أن أنقرة تدعم الحلول الشرعية التي يدافع عنها الليبيون، وتؤيد المباحثات القائمة بين مجلس النواب الليبي في طبرق والمجلس الأعلى للدولة حول تشكيل القاعدة الدستورية.
وأشار السفير إلى أن الرؤية التركية لحل الأزمة السياسية الراهنة تتمثل في إقامة حوار بنّاء بين جميع الفرقاء، والجلوس على طاولة المحادثات بنوايا مخلصة لإيجاد حل نهائي وعدم السماح بتدخلات خارجية من شأنها تعكير سير المحادثات الجارية بشأن القاعدة الدستورية.
وفي هذا الإطار، نقل تقرير لـ "الجزيرة نت"، عن الخبير في شؤون السياسة الخارجية التركية البروفيسور الدكتور هاكان تميزتورك، قوله إن تركيا تهدف من خلال وجودها العسكري والسياسي في ليبيا إلى تحقيق الاستقرار الدائم في هذا البلد وعدم السماح بانجراره مجددا إلى صراعات مسلحة.
ورأى أن تركيا تسعى لتقديم الدعم اللازم والمطلوب لتشكيل حكومة من خلال انتخابات حرة ونزيهة تحظى بدعم أكبر قاعدة شعبية، لتحقيق الرفاه للشعب الليبي والحفاظ على مصالحها في شرق المتوسط، ولا سيما أن أنقرة لديها اتفاقيات مهمة مع طرابلس بخصوص هذه المنطقة البحرية.
وحول زيارة المسؤولين الليبيين مؤخرا إلى تركيا، قال تميزتورك إن هذه الزيارة تأتي بُعيد تصريحات لافتة للسفير الأميركي في ليبيا ريتشارد نورلاند الذي ألمح إلى أن الولايات المتحدة الأميركية تتعهد بعدم السماح للجنرال المتقاعد خليفة حفتر بعرقلة أي جهد يرمي لتشكيل حكومة جديدة في ليبيا.
وتابع بأن "عقيلة صالح يدرك نفوذ فتحي باشاغا وعلاقاته القوية مع القادة السياسيين والعسكريين البارزين في طرابلس ومصراتة، ويدرك أيضا نفوذ تركيا في غربي ليبيا، وزيارته إلى أنقرة قد تكون لكسب دعم تركيا لصالح باشاغا".
وأضاف تميزتورك "حتى الآن تحاول تركيا الحفاظ على موقفها المتوازن بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة وباشاغا، لكن يبدو أن أنقرة بحاجة الآن إلى اتخاذ موقف واضح في هذا الصراع. وعلى عكس الدبيبة، فإن لدى باشاغا مؤيدين في شرق وغرب البلاد، لذا فقد يكون خيارا مناسبا لأنقرة".
توخي الحذر
من جانبه، قال الكاتب أركين إيشلي في زاويته بصحيفة "أولوصال" التركية، إن على أنقرة توخي الحذر في سياساتها تجاه ليبيا، وإن عليها أن تحافظ على نفوذها في هذا البلد على الرغم من المؤامرات الدولية.
وأضاف "على الرغم من التقارب الجزئي بين تركيا والإمارات، فلا تزال العلاقة بين هاتين الدولتين علاقة تنافسية على الساحة الدولية. يجب أن تتصرف أنقرة بحذر أكبر في أنشطتها في ليبيا، وتحرص على حماية الاتفاقيات المبرمة مع حكومة طرابلس".
الاتفاقيات التركية الليبية
ترتبط تركيا وليبيا بعلاقات سياسية واقتصادية وتاريخية متميزة، حيث تجمع بين البلدين اتفاقيات تعاون في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية، وغيرها.
ومن أبرز الاتفاقيات المبرمة بين الطرفين، توقيع مذكرتي تفاهم، الأولى حول التعاون الأمني والعسكري، والثانية بشأن تحديد مناطق الصلاحية البحرية.
وتهدف مذكرتا التفاهم المبرمتان بين الجانبين، إلى حماية حقوق البلدين النابعة من القانون الدولي.
وتتصاعد مخاوف من انزلاق ليبيا مجددا إلى حرب أهلية في ظل وجود حكومتين متصارعتين منذ أن منح مجلس النواب بطبرق مطلع مارس/آذار الماضي الثقة لحكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا.
ويرفض رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة تسليم السلطة إلا لحكومة تأتي عبر برلمان منتخب من الشعب لإنهاء كل الفترات والأجسام الانتقالية.
يُذكر أن علاقات أنقرة مع ليبيا كانت تقتصر سابقا على حكومة طرابلس المعترف بها دوليا، فيما اعتمدت مؤخرا الانفتاح على الشرق الليبي أيضا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!