سامي كوهين – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

دخل العمل السياسي في تركيا موسم صيف حار، وذلك اعتبارًا من هذا اليوم.

سيقوم اليوم 550 عضوًا ممّن نجحوا في الانتخابات البرلمانية التي جرت في 7 حزيران/ يونيو الجاري، بأداء اليمين الدّستوري ومن ثمّ سينتقلون إلى مرحلة اختيار الرئيس الجديد للبرلمان التركي. وبعد المنافسة التي ستستمر لمدة خمسة أيام من أجل اختيار الرئيس الجديد للبرلمان، سيقوم رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان بتكليف المرشح الجديد لرئاسة الوزراء بتشكيل الحكومة الجديدة. وخلال فترة لا تعدو 45 يومًا، سيقوم هذا الشخص المكلف من قِبل رئيس الجمهورية بالسعي لتشكيل الحكومة الجديدة، حيث من المحتمل أن يطرق باب كافّة السيناريوهات من أجل عدم الفشل في تشكيل هذه الحكومة.

الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرت قبل عدّة أسابيع، وضعت السياسة التركية وجهاً لوجه مع امتحان مفهوم التحالف. وفي الحقيقة ليست حكومات التحالف بغريبة وبعيدة عن النظام الديمقراطي التركي. لكن التجارب السابقة لمثل هذه الحكومات أثبتت عدم نجاحها في كثير من الأحيان. إلا أن تعميم الصفة السلبية على كافة حكومات التحالف قد يكون أمرًا خاطئاً أيضاً، لا سيما أن العديد من الدول الديمقراطية تُدار بحكومات التحالفات وتنجح في هذه الإدارة.

من الممكن أن تكون فرصة:

أجبرت الانتخابات البرلمانية الأخيرة الأحزاب السياسية على تشكيل حكومة ائتلافية وإدارة شؤون الدّولة وفق هذا النظام. وعلينا أن لا نخاف من هذا النظام. بل على العكس تماماً علينا أن نوسع ثقافة التحالفات من أجل إنجاح مثل هذه النماذج في إدارة البلاد. وإنّ انتشار هذه الثقافة بين قادة الأحزاب على وجه الخصوص، تجعلهم يبتعدون عن إطلاق التصريحات القاسية والكلمات المستهجنة والجارحة. كما ترغمهم هذه الثقافة على الجلوس على طاولة الحوار ومناقشة قضايا الدّولة في جو من الديمقراطية والاحترام المتبادل. ولذلك يجب على قادة الأحزاب السياسية، أن يكونوا حذرين عند إطلاق التصريحات وأن ينتبهوا إلى كلامهم من أجل الابتعاد عن الأساليب الجارحة.

ولهذا السبب فإن عودة تركيا إلى نظام التحالفات بعد عدّة انتخابات تفرّد فيها حزب العدالة والتنمية بالسلطة، ربما تكون فرصة لجميع الأحزاب السياسية وحتّى لمناصري تلك الأحزاب من أجل تبنّي هذه الثقافة والعمل على ترسيخها في الاذهان وإظهار نتائجها في الميدان.

لقد لفتت انتباهي مقالة نشرت في صحيفة نيويورك تايمز لرئيس مركز الأبحاث الاقتصادية والسياسة الخارجية التركية (EDAM) "سنان أولغين" يقول فيها:

"أعتقد أن عودة تركيا إلى نظام التحالفات تُعدّ فرصة تاريخية ثمينة من أجل ترسيخ هذا المفهوم لدى الأحزاب السياسية. وسيدفع هذا النظام جميع السياسيّين إلى إعادة النظر في ثقافتهم السياسية، وسيساهم في تعزيز الديمقراطية ونشرها على نطاق أوسع".

يؤكد أولغين في مقالته أن إدارة البلاد في ظل حكومة التحالف لن يكون أمرًا سهلًا وأنّ هناك عوامل داخلية وخارجية سوف تصعّب عمل هذه الحكومة وتعيق تقدّمها. لكنه يقول تعقيبا على كلامه: "إنّ تحالف حزب إسلامي مع حزب علماني منافس له، سيؤدّي إلى توسيع الثقافة السياسية في البلاد".

كما يوضّح أولغين في مقالته أنّ الحكومة الائتلافية ربما تعود بالنفع على السياسة الخارجية لتركيا وخاصة السياسات المتبعة تجاه بلدان الشرق الأوسط وبالذات سوريا. حيث يدّعي أنّ الحكومة الائتلافية ربما تزيل بعض الأخطاء التي ارتُكِبت في القضية السورية.

الخلاصة: صحيح أن إدارة البلاد عن طريق الحكومات الائتلافية محفوفة بالمخاطر وربما لا يطول عمر هذه الحكومات، ولكنها تساهم في توسيع الفكر الديمقراطي ونشر الثقافة التحالفية بين الأحزاب وحتّى بين عامّة الشعب.

عن الكاتب

سامي كوهين

كاتب في صحيفة ملييت