وداد بيلغين – صحيفة وطن – ترجمة وتحرير ترك برس
إنها لعبة كبيرة. عندما عزم الأتراك على تصفية الحسابات المتراكمة قبل مئة عام، أي منذ انهيار السلطنة العثمانية وقيام الغرب بتقسيم الشرق الأوسط، قامت هذه الدّول بإجراء حملاتٍ مضادة لوقف الصحوة التركية. علينا أن نتفهّم التوتر والاستنفار الحاصل لدى النظام الغربي. فهذا ليس بالأمر السهل. لقد أعدّوا منذ عقود خططًا ترتكز على افتعال الإرهاب العنصري في المنطقة من أجل إضعاف تركيا وإبطاء سرعة نموها في كافة المجالات. ومقابل هذا قامت القيادة التركية بإفشال كل هذه الخطط من خلال إطلاق مسيرة المصالحة الوطنية، وعقد اتفاقيات استراتيجية مع حكومة إقليم كردستان العراق التي يتزعمها مسعود البرزاني. فهذا الأمر أفقد الغرب صوابه.
ماذا يريد الغرب؟
في بداية الأحداث السورية ظهرت جماعة أطلقت على نفسها تنظيم الدّولة الإسلامية في العراق وسوريا. وهذا التنظيم هو نفسه اليوم المعروف بتنظيم داعش. وإنّ ظهور مثل هذه التنظيمات في منطقة الشرق الأوسط وتسارع الغرب إلى ضمّه تحت جناحه وتسييره كيفما يشاء وإلى أي جهةٍ يشاء، ليست مجرد مؤامرة على المنطقة فحسب، إنّما هي خطة للعبة كبيرة يتمّ التحضير لها في مطابخ مراكز الاستخبارات الكبرى. والجدير بالذكر أنّ الغرب لا يتقصّد منطقة الشرق الأوسط فحسب، بل لديه العديد من هذه الخطط الجاهزة من أجل تنفيذها في مناطق عديدة ومتفرقة من العالم. حتّى أنّ بعض هذه الخطط قد بدأ تنفيذها من قِبل الاستخبارات الغربية.
أظنّ أن لا أحد فينا يصدّق بأنّ الجيش والقيادة العسكرية هي من قامت بملئ إرادتها بالانقلابات العسكرية في تركيا (انقلاب 27 مايو / انقلاب 12 مارس / انقلاب 12 سبتمبر وحتّى انقلاب السيسي الأخير).
النظام السوري لا بدّ أن يسقط، عاجلاً كان أم آجلاً، والنظام العالمي يدرك ذلك تمام الإدراك. ولكي يمنعوا شعوب منطقة الشرق الأوسط من نيل الحرية والعيش بأمان وسلام، فهم يحاولون صياغة اتفاقية (سايكس بيكو) جديدة للمنطقة. لكن هناك مشكلة تعترض طريقهم وهي تركيا التي صعدت باقتصادها ونمت بشكل سريع وأصبح لها الكلمة في تحديد مصير المنطقة وشعوبها. ولأن الغرب يعلم أنّ انتشار الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط سيؤدي في نهاية المطاف إلى محو آثار الاستعمار والعبودية، فإنّ هذه الدّول تعمل جاهدة من أجل عرقلة مسيرة الإصلاحات الديمقراطية في تركيا. فهم يعتبرون مسير تركيا نحو الديمقراطية، خطوة سيئة ولا تخدم مصالحهم في منطقة الشرق الأوسط.
إنّ اللعبة التي يلعبها الغرب كبيرة وأكبر مما يعتقده البعض. فالخطة على الشكل التالي: أولا يقوم تنظيم داعش باحتلال المدن والمناطق، ثمّ تقوم طائرات التحالف بقصف تلك المناطق بحجة القضاء على عناصر التنظيم، ومن ثمّ يدخل عناصر تنظيم (PYD) إلى تلك المناطق ليستحوذ عليها. زمن ثمّ يقوم تنظيم حزب الاتحاد الديمقراطي بإنشاء مقاطعات له من أجل إعلان الحكم الذاتي في تلك المناطق. كما أنّ هذه الخطة تشمل المناطق الجنوبية الشرقية لتركيا. وبهذه الخطة يكون تنظيم حزب الاتحاد الديمقراطي وقادة تنظيم (PKK) في جبل قنديل قد وجّهوا ضربة لمسعود البرزاني وعرقلوا مسيرة المصالحة الوطنية بين الاكراد والأتراك في تركيا.
وضمن هذه اللعبة الكبيرة، تسعى إيران لاقتطاع أجزاء من الأراضي العراقية وضمها إلى حدودها، كما تسعى روسيا للحصول ولو على جزء بسيط من الأراضي السورية من أجل منحها للنظام البعثي كي يستطيع الاستمرار.
لا أدري بعد كل هذا إن كان هناك عاقل يصدق أن تركيا تقوم بدعم تنظيم داعش. لكن هناك حقيقة لا يمكن أن نتجاهلها، وهي أن الغرب يُعِدّ خطّة من أجل إفشال نجاحات تركيا على كافة الأصعدة وأنهم يستخدمون أصدقائنا الأزليين الأكراد لتنفيذ هذه الخطة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس