محمود سمير الرنتيسي - سيتا
وافقت تركيا على عضوية فنلندا في حلف شمال الأطلسي “الناتو” لكنها لم توافق بعد على انضمام السويد إلى الناتو حيث وضعت تركيا مقدمة لذلك عدة مطالب وشروط ينبغي على السويد تنفيذها قبل موافقة تركيا على انضمامها للحلف في ظل المستجدات الأمنية التي أبرزتها الحرب الروسية على أوكرانيا العام الماضي.
حتى اللحظة تبدو تركيا غير راضية عن استجابة السويد لمطالبها وترى أن السويد لا تقوم عمليا بالاستجابة بشكل جيد لطلبات تركيا بالرغم من بدءها عملية تشريع وسن القوانين التي طلبتها منها تركيا بخصوص التعاون في مواجهة الإرهاب وغيرها حيث لم تسلم السويد لتركيا أي إرهابي طلبت تركيا تسليمه حتى الآن.
بذات السياق لم تمنع السويد بحجة حرية التعبير توجيه اساءات لتركيا مثل حرق دمية على شكل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في السويد تزامنا مع العملية الانتخابية السابقة في تركيا مقابل إحدى البلديات في السويد، حيث تجمع أنصار لحزب العمال الكردستاني وقاموا بحرق دمية لأردوغان ثم نشروا المقاطع على وسائل التواصل الاجتماعي وفيما أدان رئيس الوزراء السويدي ووزير الخارجية السويدي هذا الحدث إلا أنهما لم يمنعا تكراره. فقد قام أحد الأشخاص بحرق المصحف أمام السفارة التركية في ستوكهولم بحماية الشرطة السويدية.
ثم مؤخرا وبعد الأحداث السابقة بستة أشهر سمحت السويد بحرق المصحف الشريف في السويد من قبل شخص من أصل عراقي اسمه سلوان موميكا وبحماية الشرطة أمام مسجد في ستوكهولم دون أي تدخل في تحد لمشاعر المسلمين في العالم.
في هذا السياق استمرت تركيا في دورها التقليدي في محاولة اتخاذ موقف جماعي من خلال منظمة التعاون الإسلامي وعلى هامش الاجتماع الذي تداعى لاتخاذ موقف وقرار جاد إزاء محاولات حرق المصحف قال وزير الخارجية التركي بلهجة حادة أنهم سيرون إن كانت عضوية السويد في الناتو ستكون عبئا أم مفيدة من حيث التقييم الاستراتيجي والأمني وأنها الآن مفتوحة لمزيد من النقاش”.
ويرى عدد من المحللين الأتراك أن كلمات فيدان هذه تحمل معان عدة حيث أن السويد من خلال هذا الموقف تجعل نفسها في قلب صورة معادية للإسلام وهذا الموقف ليس بعيدا عن البعد الأمني وأن انضمامها للناتو سيجلب معه مشكلة أمنية واستراتيجية للناتو أيضا.
ولهذا قد يكون هناك اعتراضات ليس من تركيا فحسب بل من دول أخرى من الناتو لا تريد أن تكون ضحية ممارسات السويد أو أن تتحمل تكلفة أي ردود بسبب ممارسات السويد التي تسمح بحرق المصحف وتوجيه إهانات للقيم الدينية لملايين البشر.
من جانب آخر ولأنه كان بإمكان السويد أن تسير على خطى الدولة الاسكندنافية الأخرى فنلندا وتراعي مخاوف تركيا إلا أنها لم تفعل بدأ توجه داخل تركيا يتزايد وهو يعتقد أن السويد لا تريد حقيقة الانضمام للناتو وأنها تقوم بمثل هذه الاستفزازات لتصعيب عملية الانضمام وأن موقفها المعلن عبر تقديم طلب الانضمام في حقيقته ليس إلا محاولة شكلية لإرضاء الإدارة الأمريكية.
ولعل هذا الموقف يجعل الكرة في ملعب السويد وليس في ملعب تركيا ومن جهة أخرى يسهل على تركيا موقفها أمام روسيا التي لا ترغب في انضمام السويد إلى الناتو. وكذلك أمام الساسة الأمريكان يبدو الموقف التركي متوازنا حيث سمح لفنلندا التي تعاونت معه بالانضمام فيما لا يزال يصر على مصالحه مع السويد.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس