ترك برس
شهدت ولاية شانلي أورفه، جنوبي تركيا، مؤخراً، عثور فريق من علماء الآثار على أعمدة وهياكل معمارية تعود إلى العصر الأموي، أي إلى القرن الثامن الميلادي.
وخلال أعمال التنقيب الجارية على أنقاض الجامع الأموي الكبير، في منطقة حران بولاية شانلي أورفه، تمكنت مجموعة من خبراء الآثار مؤخرا من الوصول إلى عشرات الأعمدة والهياكل المعمارية ترجع للعصر الأموي.
وقال محمد أونال رئيس فريق الحفر والتنقيب في المجموعة، إن أعمال التنقيب في المنطقة لا تزال مستمرة، بدعم وتمويل من وزارة الثقافة والسياحة، وتنسيق من مديرية متحف شانلي أورفه، ومجمع التاريخ التركي، وولاية شانلي أورفه وقائمقامية حران، بحسب ما نقله تقرير لـ "الجزيرة نت".
حضارات متعاقبة
أضاف أونال -الذي يشغل أيضا منصب رئيس قسم الآثار في جامعة حران التركية- أن أعمال الحفر والتنقيب التي أجريت في المنطقة التاريخية أظهرت أن تاريخ الاستيطان المتواصل للجنس البشري في حران يرجع لأكثر من 6 آلاف عام قبل الميلاد.
وأشار إلى أن حران شهدت العديد من الحضارات المتعاقبة، وكانت عاصمة للآشوريين وحاضرة مهمة من حواضر الأمويين، لذلك تكتسب المنطقة أهمية تاريخية كبيرة.
وذكر أونال أن الجامع الأموي الكبير في حران بناه آخر خلفاء بني أمية الخليفة أبو عبد الملك مروان الثاني بن محمد في الفترة ما بين 744-750 م.
ولفت إلى أن الجامع الأموي الكبير في حران تعرض للنهب والتدمير خلال الغزو المغولي قبل حوالي 800 عام، لكن معظم أجزاء واجهته الشرقية ومحرابه ونافورته ومئذنته ظلت قائمة رغم تعاقب العصور.
وكان أستاذ التاريخ الإسلامي في جامعة حران بشانلي أورفه، أحمد أصلان قد صرّح في وقت سابق بأن "مدينة شانلي أورفه تقع في منطقة ديار مضر (الجزيرة الفراتية في أعالي بلاد ما بين النهرين) حيث فتحتها جيوش المسلمين بقيادة عياض بن غانم في عهد الخليفة الأموي مروان بن محمد بدعم من أخواله القيسيين، وأصبحت لاحقا منطلقا عسكريا لفتح منطقتي الأناضول والقوقاز".
وأوضح المؤرخ أصلان أن أورفه ازدهرت في عصر الحضارة العباسية، وفي عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد تقدمت في العلوم والفن والتجارة إلى جانب بغداد ودمشق والموصل وديار بكر وماردين.
ولفت إلى أن منطقة حران التاريخية في أورفه كانت مركزا للعلوم ومدرسة للفلسفة في العصور الإسلامية إذ تُرجمت فيها الأعمال اليونانية والسريانية إلى العربية، وما زالت العديد من المباني شاهدة على تلك الحقبة.
8 آلاف مصلّ
وفي معرض حديثه عن طبيعة الأشغال الجارية في الجامع الأموي، أشار أونال إلى أنهم يولون أهمية خاصة لأعمال الحفر والتنقيب فيه، باعتباره أحد أقدم وأروع المساجد في منطقة الأناضول.
وقال: "كثّفنا أعمال الحفر والتنقيب في المكان المخصص لأداء الصلاة في الجامع الأموي الكبير في حران، ونتيجة للجهود المبذولة تمكن فريق الحفر والتنقيب من الوصول إلى قواعد الأعمدة، والأعمدة الحاملة للسقف ومجموعة من الهياكل المعمارية الأخرى، بما في ذلك حجرات التدريس وغرف طلبة العلم.
وتابع "كان عدد الأعمدة وقواعدها الحجرية المكتشفة خلال السنوات السابقة 54 عمودا وقاعدة عمود، لكن مع الجهود المبذولة خلال الأشهر الماضية وصل عددها إلى 101، كما تم الانتهاء إلى حد كبير من أعمال التنقيب في الجزء الداخلي للمسجد.
أهمية تاريخية
أكد رئيس الفريق الأهمية التاريخية الكبيرة للجامع الأموي الكبير في حران بقوله "للجامع أهمية تاريخية كبيرة، فهو واحد من المساجد الضخمة التي تتسع لأكثر من 8 آلاف مُصلٍّ، إنه أقدم وأكبر مسجد ضخم في تركيا".
وعن الدور الحكومي، لفت أونال إلى أن الجهات الرسمية ذات الصلة في تركيا ستطلق مشروعا من أجل بناء طريق لزوار الجامع، إضافة إلى العمل على ترميمه.
وأوضح أونال أن فريق العمل تمكن من الوصول إلى قواعد الأعمدة للمسجد، والأعمدة المخصصة لحمل السقف الخشبي، وعدد من الأروقة التي استخدم في بنائها نوع من الرخام وردي اللون.
وتعد منطقة "حران" الأثرية من المواقع المأهولة بالسكان منذ الألفية السادسة قبل الميلاد، واتخذها الآشوريون عاصمة لدولتهم في مرحلة من حكمهم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!