ترك برس
أكد خبراء ومحللون سياسيون أن الزيارة المرتقبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى مصر سوف تركز على ملفات عدة، أبرزها الحرب في غزة والتعاون الاقتصادي وليبيا وشرق البحر الأبيض المتوسط.
وذكرت وكالة "بلومبيرغ" للأنباء الأسبوع الماضي نقلا عن مسؤولين أتراك، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيزور مصر في فبراير/ شباط 2024 لتحسين مناخ العلاقات بين البلدين.
وقالت بلومبيرغ نقلا عن المصادر إنه من المتوقع أن يسافر أردوغان إلى مصر في 14 فبراير. وأفادت في تقرير بأن الرئيس التركي سيسعى لتعزيز التعاون في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط الغنية بالطاقة في ظل الصراعات التي تعصف بالشرق الأوسط.
وأضاف التقرير أن المحادثات بين أردوغان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، من المتوقع أن تركز على شحنات المساعدات للفلسطينيين في غزة والخطوات التي يمكن اتخاذها لإنهاء الحرب.
وكانت آخر زيارة لأردوغان إلى مصر في نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، حيث التقى الرئيس المصري السابق، محمد مرسي، وألقى كلمة شهيرة في جامعة القاهرة، كما قام بزيارة مشابهة، في سبتمبر/ كانون الأول 2011 والتقى خلالها رئيس المجلس العسكري الحاكم، المشير طنطاوي. وفي الزيارتين كان آنذاك رئيسًا للوزراء.
ويرى الخبير المصري في الشؤون التركية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بشير عبد الفتاح، أن زيارة أردوغان تأتي في توقيت "بالغ الخطورة" بالنظر إلى الحرب الإسرائيلية على غزة، واحتمالات توسع المواجهات لتتحول إلى حرب إقليمية في المنطقة، وتوقع تنسيقاً مصرياً تركياً لوضع آليات بشأن التعامل مع هذه التحديات.
لكن عضو مجلس الشيوخ المصري، الدكتور عبد المنعم سعيد، وصف التنسيق بين مصر وتركيا في القضية الفلسطينية بأنه "عادي". حسبما نقلت صحيفة الشرق المصرية.
وأرجع سعيد السبب إلى أن ما يهم القاهرة في هذا الملف بشكل أكبر هو التنسيق مع الدائرة اللصيقة، المتمثلة في الأردن والسلطة الفلسطينية، بالإضافة إلى "التفاهمات والتنسيق مع السعودية والإمارات".
ورأى الصحفي التركي محمد يلماز، في حديث لصحيفة الشرق المصرية أن "أهم ملفين في القمة التركية المصرية، هما تطوير العلاقات الثنائية، والحرب الإسرائيلية على غزة".
واعتبر أن زيارة أردوغان إلى مصر تؤكد وصول العلاقات المصرية التركية إلى أعلى مستوياتها، رغم وجود "بعض الخلافات الطبيعية" بين البلدين، بحسب وصفه.
نقاط خلافية
ورأى سعيد أن المواقف بين مصر وتركيا "لا تزال متباعدة" في ملف الغاز ومنطقة شرق المتوسط، وهو ما اتفق معه عبد الفتاح، إذ قال إن "هناك نقاط اختلاف بين البلدين، من أهمها عدم ترسيم أنقرة حدودها البحرية مع دول عديدة في شرق المتوسط".
وأضاف أنه "يجب تسوية هذا الأمر بالاتفاق على آلية لترسيم الحدود، وتحديد موعد لانضمام تركيا إلى منظمة غاز شرق المتوسط".
وانتقل عبد الفتاح إلى الحديث عن ملف ليبيا، مشدداً على ضرورة التوصل إلى تفاهمات تضمن مصالح كل طرف، دون المساس بحقوق الشعب الليبي في اختيار حكومة تعبر عنه.
ولفت بشير عبد الفتاح أيضاً إلى أنه "يتعين تنسيق المواقف والجهود لتحقيق المصالح المشتركة بين البلدين في السودان، مع مساعدة الشعب السوداني على حفظ وحدة أراضيه".
وقال إنه يجب على تركيا اتخاذ المزيد من الخطوات لإنهاء وجود الإخوان المسلمين كـ"ورقة ضغط" على مصر، كما أشار إلى "التدخلات العسكرية التركية في سوريا والعراق، وسياساتها المائية المجحفة حيال البلدين، عن طريق بناء السدود وتعطيش شعبيهما".
من جانبه، ذكر الباحث في مركز "كاندل" للدراسات في إسطنبول، أحمد حسن، لـ"الشرق" أن الرئيس التركي سيناقش مع نظيره المصري التطورات السودانية، وكيفية توحيد الجهود للتوصل إلى حل يفضي إلى أمن واستقرار السودان.
ولفت حسن إلى أن الملفين الليبي والسوري سيكون لهما نصيب مهم في مباحثات الجانبين، فضلاً عن كيفية التعامل مع إيران، معتبراً أن "الحديث عن تسويات إقليمية سيعود إلى الواجهة تزامناً مع زيارة أردوغان إلى مصر".
إحياء العلاقات
وأضاف المستشار في الحكومة التركية محمد يلدرم لـ"الشرق"، أن زيارة أردوغان إلى مصر خطوة "في غاية الإيجابية"، لافتاً إلى أن "البلدين يدركان حاجتهما إلى بعضهما البعض".
وأشار يلدرم إلى أن "مصر دولة قوية، وتربطنا معها علاقات تاريخية"، مستدركاً: "بالطبع قد تحصل اختلافات في وجهات النظر، لكن هذا يُمكن إصلاحه بالحوار، وهذا ما جرى بالفعل خلال المباحثات على مدى السنوات الثلاث الماضية".
في السياق نفسه، قال سعيد إن العلاقات المصرية التركية تشهد تحسناً ملموساً منذ أكثر من عام، خاصة بعد الإجراءات التركية تجاه عناصر جماعة الإخوان المتواجدين على أرضها.
ونبه سعيد أن مصر اعتبرت ورقة الإخوان عنصراً غير قوي في محددات علاقة البلدين.
وقال عضو مجلس الشيوخ المصري إن زيارة أردوغان لمصر بعد مرور 10 سنوات على آخر زيارة، تعد مؤشراً على وجود تفاهمات بين الدولتين في عدد من قضايا المنطقة، في حين أكد عبد الفتاح، أن الزيارة "ضرورية لإذابة الجليد" بين القاهرة وأنقرة، ومهمة أيضاً لوضع "أسس جديدة" للعلاقات.
الملف الاقتصادي
وعلى صعيد الاقتصاد، نوه الصحافي التركي جلال دمير، إلى أن الملف الاقتصادي، والتعاون التجاري بين البلدين، من أهم عناوين هذه الزيارة.
وأشار إلى أن المناقشات ستتطرق إلى سبل زيادة التعاون التجاري، واتفاقية ترسيم الحدود البحرية فيما يتعلق بخطوط الطاقة في شرق المتوسط.
ونبه عبد الفتاح، إلى أن مصر وتركيا حرصتا على بقاء العلاقات الاقتصادية قائمة رغم المشاكل السابقة، معتبراً أن حجم التبادل التجاري "لا بأس به"، قائلاً إن "هناك طموح مشترك بوصوله إلى 20 مليار دولار".
وارتفع التبادل التجاري بين مصر وتركيا ليصل إلى 7.7 مليار دولار خلال عام 2022 مقابل 6.7 مليار دولار خلال عام 2021 بنسبة ارتفاع قدرها 14%، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر.
وتابع: "هناك مساعي لتنشيط التعاون الاقتصادي بين البلدين، وخصوصاً في مجال أمن الطاقة، حيث أن تركيا من أكبر المستوردين للغاز المسال المصري".
بدوره، توقع رئيس الجانب المصري في مجلس الأعمال المصري التركي عادل اللمعي أن تعطي الزيارة المرتقبة "دفعة كبيرة" للاقتصادين المصري والتركي.
ولفت إلى "وجود مزايا واتفاقيات هامة فتحت الباب أمام رجال الأعمال الأتراك بعد اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين سنة 2007".
وأضاف اللمعي: "مصر بها أكثر من 200 شركة ومصنع تركي، وشركات مصرية مساهمة باستثمارات تركية تتعدى 2.5 مليار دولار، وفق آخر إحصاء".
وبدأت المباحثات بين كبار مسؤولي وزارتي خارجية مصر وتركيا في عام 2021، وتسارعت وتيرة تطبيع العلاقات بين مصر وتركيا بعد مصافحة بين السيسي وأردوغان، في الدوحة، على هامش افتتاح كأس العالم لكرة القدم في نوفمبر 2022.
وفي 29 مايو الماضي، اتفق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال اتصال هاتفي مع نظيره التركي أردوغان، على "البدء الفوري في ترقية العلاقات الدبلوماسية" بين الدولتين و"تبادل السفراء". كمال التقى الرئيسان في سبتمبر الماضي على هامش قمة مجموعة العشرين في العاصمة الهندية نيودلهي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!