ترك برس
تطرق مقال للإعلامي المصري علي أبو هميلة، إلى ظهور نوعية جديدة من الانتاج الدرامي تسمى دراما البطل الشعبي، وقال إن الدراما التركية التقطت هذا الخط الجديد في الموسم الدرامي الجديد الذي بدأ في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وما بعده في يناير/كانون الثاني.
وأكد أبو هميلة أن الدراما التركية تشهد على مدار سنوات بدأت منذ بداية القرن الحادي والعشرين تطورات كبيرة من حيث الشكل الفني ونوعية الإنتاج، وبدأت في الاتساع بقدر كبير لتصبح تركيا واحدة من أهم الدول في الإنتاج الدرامي حتى قدّر عائد الدراما التركية بـ60 مليار دولار من تصدير الإنتاج الدرامي، وتعد الدراما مصدرًا من مصادر الدخل القومي التركي، تماثل في هذا الإنتاج السينمائي المصري في النصف الثاني من القرن العشرين.
وأوضح في مقاله بموقع الجزيرة مباشر أن خطة الدراما التركية اعتمدت في بدايتها على كسب جمهور كبير لها في بلدان الشرق الأوسط والبلدان العربية بتقديم الأعمال الدرامية الاجتماعية، وكذلك الكوميديا الخفيفة بالإضافة إلى الأعمال الرومانسية، وشهدت البدايات أعمالًا رومانسية حققت نجاحًا جماهيريًا.
قادت هذه الأعمال محركات البحث الجماهيري نحو الإنتاج التركي الذي جاء مختلفًا عما يقدّم في البلدان العربية التي تنتج الدراما بكثافة، وتحقق نجاحًا في الشرق الأوسط مثل سوريا، مصر، ولبنان تلك الدول التي قادت حركة الإنتاج الدرامي بتنوعه في النصف الثاني من القرن العشرين. وفق الكاتب.
وذكر أنه مع بداية العقد الثاني للقرن انتقلت الدراما التركية إلى تقديم الأعمال الراصدة لنشأة الدولة التركية وتأسيسها التي أسست الخلافة العثمانية، ولا تزال الدراما التركية تتألق في تقديم المزيد من هذه الأعمال، وكان من آخر تلك الأعمال السلطان الفاتح الذي بدأ عرضه من أسابيع قليلة، وسبقه فاتح القدس صلاح الدين الأيوبي الذي بدأ عرضه منذ أربعة أشهر.
ركزت الأعمال التاريخية على الأبطال القوميين للدولة التركية، والخلافة العثمانية، وفي الوقت التي بدأت الدراما العربية التاريخية تأخذ منحى الهبوط، وتقل فيها الاتجاه إلى الأعمال التاريخية والأعمال الدينية تدريجيًا كان صعود منحى هذه الأعمال في الإنتاج الدرامي التركي، وشهدت الأعمال في الفترة الأخيرة تقديم أعمال كبار شيوخ الصوفية في التاريخ التركي فشهدنا إنتاج مسلسلات مولانا جلال الدين الرومي وقد بدأ موسمه الثاني منذ شهور، ومعه كان عرض مسلسل عبد القادر الجيلاني، وقبلهما كان مسلسل يونس أيمره.
وقال إن الرابط بين تلك الأعمال والأعمال التي كانت تتناول الأبطال القوميين والتاريخ التركي أن شيوخ الصوفية مثل الشيخ محي الدين بن عربي الأندلسي، والرومي، والشيخ أديب على، وأق شمس، ويونس أيمره قد ظهروا كآباء روحانيين لتأسيس الدولة والخلافة في الأعمال التاريخية، وكأصحاب دور مهم في إضفاء الجانب الروحي والصوفي على رحلة التاريخ في تلك الأعمال.
وبيّن أن الدور الذي لعبته تلك الشخصيات الدينية والروحية في تأسيس الدولة التركية تذكرنا بالشخصيات التاريخية الدينية التي أسهمت في التكوين الفكري للمقاومة الإسلامية في فلسطين لعل أشهر هذه الشخصيات الشيخ أحمد ياسين، الذي يعد الأب الروحي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في فلسطين وغزة، وقد قام الشيخ أحمد ياسين وغيره من كبار قادة الحركة بزرع النبتة الروحية والدينية للجهاد في قلوب أبناء فلسطين أطفالًا وشبابًا، وها هم شباب المقاومة وأطفال غزة وفلسطين يرفعون شعار الجهاد والصمود في فلسطين، ومن كانوا أطفالًا يتلقون الدروس في حضرة الشيخ أحمد ياسين صاروا أبطالًا بعد وفاته بعشرين عامًا.
بالتوازي مع ظهور تلك النوعية من الدراما التاريخية وانتشارها في ظل صعود كبير للدراما التركية بدأت تظهر على شاشات العرض التليفزيوني نوعية جديدة من الإنتاج الدرامي، وهو ما يطلق عليه البطل الشعبي.
وتابع المقال:
التقطت الدراما التركية في الموسم الدرامي الجديد الذي بدأ في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وما بعده في يناير/كانون الثاني هذا الخط الدرامي، وقدمت في الموسمين ثلاثة أعمال درامية يمكن أن نطلق عليها دراما البطل الشعبي، وتتناول الأعمال الثلاثة الآثار السلبية لسياسيات القطاع الخاص الاقتصادية، وبعض خطايا عدم الرقابة الدقيقة على رجال الأعمال، فكانت أعمال المتوحش، المتشرد، الشجرة السوداء الذي بدأ من ثلاثة أسابيع تتناول تلك السياسات وتصدي بطلها لممارسات رجال الأعمال.
العمل الدرامي المتشرد الذي قدّم مع بداية الموسم الدرامي الحالي وتوقف عرضه بعد خمس حلقات بسبب سياسات السوق التجاري وقاعدة المشاهدات في تركيا التي تحدد استمرار العمل الدرامي من عدمه، يتناول العمل قصة الحي الشعبي الذي يسعى رجل أعمال كبير لهدمه، وبناء ناطحات سحاب على أرضه.
يتصدى لعمليات الهدم (فرحان) أحد أبناء الحي المحبوب من الجميع الذي يقود مجموعة من الشباب في التصدي لرجل الأعمال ومساعديه في الحارة الذين يقومون بالسيطرة على أهالي الحي واستغلال ظروفهم الاقتصادية، والقوة في إخراج الأهالي من منازلهم، وتظهر قوة فرحان وأبناء الحارة في وحدتهم، وتظهر أهمية الجماعة في مواجهة طوفان رجال الأعمال ومحاولتهم التحايل على القانون، أو استخدام القوة المسلحة في معركتهم مع الأهالي.
رغم المساحة الدرامية التي تتسع لها القصة في هذا العمل، وخيوط الدراما التي يمكن أن تنسج من تلك القصة، إلا أن المنتج والمؤلف اضطرا تحت وطأة المشاهدات إلى إنهاء الحلقات بعد الحلقة الخامسة عملًا بشعار “الجمهور عايز كده”.
العمل الثاني الذي بدأ عرضه من ثلاثة أسابيع هو الشجرة السوداء، وتبدأ حكاية هذا المسلسل في عام 1950، حيث صراع بين السيد عثمان وهو رجل يسعى إلى توفير المياه لمنطقة زراعية على مدار العام من خلال بناء سد على النهر، ويتمتع عثمان بمحبة أهل قريته، ويعمل على مساعدتهم في أزماتهم، وفي المقابل السيد جلال الذي يسيطر على أغلب الأراضي ويستخدم القوة في إخضاع أهالي القرية، ومعه مجموعة من الرجال.
حالة القرية شبيهة بقرية الدهاشنة في الفيلم المصري الشهير (شيء من الخوف)، يقتل جلال السيد عثمان في بداية الأحداث، وفي اللحظة نفسها التي تلد فيها زوجة جلال الابنة الثالثة له وهو يرفض أن يكون مولوده أنثى، بينما زوجة عثمان القتيل تلد طفلًا (عمر)، تقوم زوجة جلال بالاتفاق مع زوجة جلال بإبدال الأطفال.
يعيش الطفل الذي كان يريد جلال قتله في منزله على غرار قصة سيدنا موسى في منزل فرعون، بينما ابنته تتولاها زوجة عثمان التي تهرب من القرية، وتنتقل الأحداث إلى عام 1975 حيث أصبح عمر بن عثمان رجلًا بسمات والده الحقيقي نفسه، وتعود ابنة جلال بعد أن أصبحت مهندسة لتحقق حلم عثمان في إنشاء السد.
العمل في بدايته وينتظر حكم المشاهدات في استمراره أو توقفه، يمزج العمل بين الحكاية الواقعية، وبعض الأساطير الشعبية.
نحن أمام عمل درامي قد يكتب له نجاح منقطع النظير، ويصبح أيقونة درامية إن لم يصادفه حظ بائس فيتوقف، الملاحظة الجيدة في هذا العمل ظهور الكوفية الفلسطينية يرتديها معظم شخصيات العمل، الملابس خاصة النساء شبيهة بالملابس التراثية الفلسطينية، رقصة الدبكة ووجودها في سمر أهل القرية، تلك الرموز التي تعكس تضامنًا من أغلبية فناني تركيا مع أهالي غزة، نعم الدبكة لها تراثها التركي لكنها إحدى ثلاثة أشياء في العمل لا يمكن إغفالها.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!