ترك برس
قالَ السفير التركي لدى قطر الدكتور مصطفى كوكصو، إن تركيا تتحوّل إلى مِهرجان إيماني مع حلول شهر رمضان المُبارك، وذلك مع تجمّع العائلة والأقارب على مائدة الإفطار.
وأضافَ في تصريحات لصحيفة الراية القطرية: إن الأمهات في تركيا يستعدِدْن لشهر رمضان بتحضير مؤونة رمضان، وهي مجموعةٌ من الأطعمة والحَلْوَيَات التقليدية التي تُعدُّ خصوصًا لهذا الشهر الكريم».
وعن الصيام الأوّل له، قالَ كوكصو: «أكثر ما أذكره من طفولتي هو رغبتي الشديدة أنا وإخوتي في الاستيقاظ على السحور. فلقد نشأنا على احترام شهر رمضان، وكنا نصوم ساعاتٍ قليلةً في طفولتنا، وهذا تقليد في تركيا يُسمَّى بـ «صيام العصافير»؛ لتشجيع الأولاد على الصوم، ومن ثم الحصول على الهدية التي كنا نشتري بها ما لذَّ وطابَ.
وعن رمضان في دولة قطر، أكد السفير: أن قطر تتميّز بأجواء حيوية خلال شهر رمضان المُبارك، فهي أجواء تملؤها المشاعر الروحانية الإيمانيّة، التي تُساعد بشكل كبير على قضاء شهر رمضان بشكل مُتميّز. فالشعب القطري، كريم ومضياف، ولطالما عُرِفَ بالكرم والجود.
وفيما يلي الحوار وفق صحيفة الراية:
• كيف كانت أجواء أول رمضان تصومونه؟ وهل هناك من قصص طريفة رافقت ذلك؟
أكثر ما أذكره من طفولتي هو رغبتي الشديدة أنا وإخوتي في الاستيقاظ على السحور. فلقد نشأنا على احترام شهر رمضان، وكنا نصوم ساعاتٍ قليلةً في طفولتنا، وهذا تقليد في تركيا يُسمَّى بـ «صيام العصافير»؛ لتشجيع الأولاد على الصوم. وكانت تلك اللحظات مملوءةً بالسعادة والتحدي والصبر والعزم. وأتذكّر أيضًا انتظارنا للهدايا بعد إكمال صومنا الأول، وتقليد تقديم الهدايا الصغيرة للأطفال الصائمين لأول مرة كانت له أهمية كبيرة في ضمان وتشجيع الأطفال على إقامة علاقة روحية مع هذا الشهر الكريم، وكنا نأخذ النقود من أهلنا على عدد أيام صيامنا ونشتري ما لذَّ وطاب.
• ما الذي تغيّر بين رمضان الماضي ورمضان الوقت الحالي؟
نحن في تركيا نُسمّي هذا الشهر الفضيل باسم «سلطان الأحد عشر شهرًا». فرمضان في تركيا أشبه بالمِهرجان الإيماني الذي يجلب الفرح. تجتمع العائلة والأقارب على مائدة الإفطار، وتكتظ الشوارع ليلًا في تركيا وتُضاء المساجد والمآذن من صلاة المغرب إلى صلاة الفجر، ويُسمّى ذلك بـ «المحيا» وهو المظهر الذي يُعبّر عن فرحة شعبنا وبهجته بحلول الشهر المُبارك. ويُعدّ «المسحراتي» تقليدًا من تقاليد الأسلاف التي لا تزال قائمةً حتى الآن في بعض المناطق في تركيا، فهو يجول الشوارع في الليل، ويضرب طبلته ويُغني بعبارات ونداءات وأناشيد رمضانيّة لإيقاظ الناس في أوقات السحور. كما أن اكتظاظ المساجد بقارئي القرآن الكريم وحلقات الوعظ الديني، التي تُسمّى عندنا «المقابلة» يُعدّ مظهرًا بارزًا من مظاهر رمضان عند الشعب التركي، ولا ننسى التصدّق على الفقراء خلال هذا الشهر الفضيل وإدخال البهجة إلى قلوبهم، ومن أعظم الصدقات العفو والمُسامحة والابتسامة.
ومن العادات التي تغيّرت بين رمضان الماضي ورمضان الحالي، عادات رصد الهلال لمعرفة بداية رمضان التي استبدلت بالتطبيقات والحسابات. وأيضًا، كان من التقاليد المُهمة في مُجتمعنا أن يقومَ الأثرياء بسداد الديون في دفاتر ذمم التجار خلال شهر رمضان، بغض النظر عمن يستحقهم ومن دون أن يعرفَ المدين من أغلق الحساب، التي قلَّت كثيرًا في أيامنا هذه، بالإضافة إلى عادة «عقد الأسنان» وهي عبارة عن هدايا الفضة أو العملات المعدنية أو الذهب والمسابح، يُقدّمها الأثرياء للضيوف الذين يدعونهم لتناول الإفطار بعد الوجبة، وهي من تقاليدنا التي سقطت ضحية الزمن.
ومع ذلك، زاد التوجّه نحو العبادة الأكثر تركيزًا والتفكير في الآخرة بشكل أكبر، وأيضًا التركيز على التقاليد الروحانية والاجتماعية في هذا الشهر الفضيل. وأريد الحديث عن شيء إيجابي اكتسبناه من إخواننا العرب والقطريين وهو صلاة القيام، حيث ما كنا نُصليها في تركيا، ولكن بعد مجيء إخواننا العرب لتركيا انتشرت هذه الصلاة وتعلمنا منهم صلاة القيام.
• كيف ترون أجواء رمضان في قطر؟
تتميّز دولة قطر بأجواء حيوية خلال شهر رمضان المُبارك، أجواء تملؤها المشاعر الروحانية الإيمانية، التي تُساعد بشكل كبير على قضاء شهر رمضان بشكل مُتميّز. فالشعب القطري، كريم ومضياف، ولطالما عُرِف بالكرم والجود. وأجواء رمضان تعكس التلاحم والترابط الاجتماعي بين المُجتمعات المُسلمة على اختلافها، فالكل يحتفل بقدوم هذا الشهر الفضيل، شهر الرحمة والغفران، حيث تمتلئ المساجد بالمُصلين طَوال الشهر الكريم، وتُفرَش الموائد لإفطار الصائمين، وتُقام الولائم والعزائم، ويزور الناس بعضهم بعضًا، وتزيد صلاة التراويح من الإحساس بالروحانيات والمشاعر الرمضانيّة الجميلة.
ورمضان في تركيا وقطر تبرز فيه صلة الأرحام وتذكّر الأقارب وزيارة الأصدقاء وتكافل المُجتمع، واجتماعنا على القرآن والذكر.
• كيف كانت الأمهات يستعددن لشهر رمضان خاصة في شهر شعبان؟
كانت الأمهات في تركيا يستقبلن شهر رمضان بتحضير مؤونة رمضان، وهي مجموعة من الأطعمة والحَلْوَيَات التقليدية التي تُعدّ لهذا الشهر الكريم. إن المُشترَك بين جميع الأتراك أنه قبل حلول الشهر الفضيل، يكون الجميع على أُهْبَة الاستعداد لاستقباله، وذلك بتنظيف البيوت والمساجد والطرقات، ما يجعلها تشهد ما يوصف بالنظافة الرمضانيّة. إن الشهر المُبارك يُقدّره الجميع في تركيا، حيث يُقبل الجميع على أداء الصلوات، وتجنّب المُحرمات والمنهيات، ومُراعاة حرمات الشهر الفضيل، الأمر الذي يجعل أيامه أيام خير وبركة.
• ما هي عادات الشعب التركي الشقيق على الإفطار؟
إن وجبة الإفطار في تركيا هي الوجبة الرئيسية خلال شهر رمضان، فتكون عامرةً بتجمّع العائلات والجيران، كل حسب استطاعته، وظروفه. واعتاد الأتراك في شهر رمضان أن يبدؤوا إفطارهم بتناول التمر الذي أصبح عنصرًا فاعلًا على مائدة الإفطار التركية بعد أن كان يتم سابقًا استهلال وجبة الإفطار بالزيتون. ويأتي بعدها الحَساء وهو أهم الأطباق على مائدة الإفطار لدى الأتراك، ليعقب ذلك أداء صلاة المغرب، ليتم بعدها تناول «البُرك» وهو أشبه بالفطائر، بجانب السلطات ثم يعقبهما تناول الوجبة الأساسية التي تتضمن اللحم أو الدجاج وليس السمك. كما يوجد خبز رمضان الخاص فقط بالشهر الكريم والمعروف باسم خبز «بيده»، وهو من أهم أصناف وجبة الإفطار في رمضان، التي تُعد ناقصة في حال لم يكن ذلك الخبز الطازج جزءًا منها. وتعتبر الكنافة والبقلاوة من أكثر الحَلْوَيَات التي يُقبل عليها الأتراك في شهر رمضان المُبارك، وكذلك الأرز بالحليب والجلاش التي تشتهر عندنا في رمضان.
• صف لنا أجواء العبادات في رمضان خاصة صلاة التراويح في تركيا.
إن أجواء العبادات في رمضان في تركيا تكون مُميّزةً، خاصة صلاة التراويح، حيث يقوم المُسلمون بالصلاة في جو من الخشوع والتأمل.
تُعدّ صلاة التراويح مظهرًا مُهمًا من مظاهر الشهر الكريم في تركيا، فيُهرَع المُسلمون الأتراك من جميع الأعمار بعد تناول طعام الإفطار إلى المساجد لتأمين أماكنهم لصلاة العشاء والتراويح في المساجد التي تزدحم بشكل كبير بالمُصلين، وسط أجواء من البهجة بمُناسبة قدوم شهر الصوم.
• هل هناك طقوس مُعينة مع حلول عيد الفطر السعيد؟
في نهاية شهر رمضان، يقوم الأشخاص بتبادل التهاني والتبريكات بحلول العيد، حيث يتجمعون مع العائلة والأصدقاء للاحتفال بالمُناسبة. يقوم الناس بزيارة بعضهم بعضًا، حيث يتبادلون التهاني والأماني بالسعادة والنجاح. كما يقوم البعض بشراء الهدايا لأفراد العائلة والأصدقاء، ما يُضيف إلى جو الاحتفال بالعيد.
وختامًا، يسعدني أن أهنئ الأشقاء القطريين والمُقيمين بهذا الشهر الفضيل. تركيا، حكومةً وشعبًا، تتمنّى للشعب القطري شهرًا مُباركًا يسعد فيه الكبير والصغير ويشعر الكل بروحانياته.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!