ترك برس
أكد الأكاديمي والمحلل السياسي التركي يوسف قابلان، ضرورة إجبار إيران على الانسحاب إلى حدودها الطبيعية، وإنهاء احتلالاتها، وإخراجها من الأراضي التي احتلتها، لكي يلتقط العالم الإسلامي أنفاسه.
ولفت قابلان في مقال بصحيفة يني شفق إلى استمرار الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة الفلسطيني بلا هوادة، وحدوث "مسرحية هزلية بين إسرائيل وإيران؛ رقصة الفالس الإيرانية الإسرائيلية".
وقال: أود التأكيد مجددا وبقوة على ضرورة إدانة إسرائيل بشدة لقصفها سفارة إيران في دمشق. ولكن من المهم أيضا ألا نغفل عن احتمال أن يكون هذا جزءا من لعبة أكبر. فالخطر الحقيقي يكمن في إيران، في مشروعها الامبريالي الفارسي الذي يتوسع تحت غطاء المذهب الشيعي.
"لقد أُوقِفَت الدولة العثمانية، وفُسحَ المجال أمام إيران.."
وأوضح قابلان أنه تم زرع إيران في المنطقة خطوة بخطوة. ففي البادية أوقفت الدولة العثمانية، مركز العالم السني والخلافة، وتمزقت الأمة السنية. وتم تحويل تركيا، وطن الخلافة وأمل المسلمين، إلى دولة علمانية؛ ففصلت الدولة أولا، وجميع مؤسساتها عن الإسلام، ثم بدأت عملية فصل الإسلام عن الحياة والمجتمع.
وأقصيت المشاعر الإسلامية ـ التي تشكل روح تركيا ـ من المدارس والحياة الثقافية والفنية والفكرية والأكاديمية. وأُثيرت المشاعر العرقية والهويات، وتم تحفيزها. وفجرت كافة القوى الدافعة التي تحافظ على المجتمع وتوحده، ودمرت كافة الروابط.
وأضاف: لطيلة قرنين من الزمان، سعى الأدب الاستشراقي جاهدا إلى تشويه أصالة الإسلام وتقويض أسسه. وفي الوقت نفسه، حاول بعناية زرع فكرة أن الشيعة تحتل مكانة محورية في الحضارة الإسلامية وتاريخها وفكرها وثقافتها. ويذهب هنري كوربين، أحد أهم وأشهر مؤرخي الفلسفة الإسلامية، إلى حد القول بأن الشيعة تمثل الفلسفة الإسلامية والفكر الإسلامي. وتُفرض كتاباته كأحد أهم المراجع الأساسية التي تتم قراءتها على نطاق واسع.
عند مراجعة الأبحاث المتعلقة بالفكر الإسلامي والفن الإسلامي والثقافة الإسلامية، نجد أنها تركز بشكل كبير على الشيعة أو تبرز دورهم. فجائزة "أغا خان"، وهي من أعرق جوائز العمارة في العالم، تمنح من قبل شخص إسماعيلي. ومن هم الإسماعيليون؟ هم نفس الجماعات التي نعرفها في التاريخ باسم "الحشاشين".
يا له من تحول مذهل، أليس كذلك؟
وتابع المقال:
"مشروع كبير لتشييع أفريقيا"
تقع جزيرة زنجبار في تنزانيا، وتعد بوابة الإسلام إلى إفريقيا، ويشكل المسلمون 99% من سكانها، كان هناك ثلاث جامعات في زنجبار قبل جائحة كورونا. وقد زرتها ثلاث مرات. وكانت الجامعة الأولى حكومية، والثانية سعودية، والثالثة إيرانية.
فأما الجامعة حكومية، فحالتها ـ كما هو متوقع ـ متردية. والجامعة التابعة للسعوديين مليئة بالضجيج والمظاهر، ومبنية على أساس الفخامة والبهرجة، لكنها فارغة المضمون. وأخيرا، الجامعة الإيرانية، وهي الجامعة الحقيقية، حيث يزرع الإيرانيون بذور المستقبل للقارة الأفريقية على مر القرون القادمة، أما نحن فدعونا نواصل النوم.
لا نعلم حتى أي شيء عن هذا الأمر. في غضون مئة أو مئتي عام سيصبح الإسلام في أفريقيا إسلاما شيعيا بحتا. وعندما أفكر في هذه الكارثة الكبيرة ينتابني الأرق ولا أستطيع النوم.
لقد شعرت بنفس الصدمة عندما رأيت أن إيران هي مركز الدراسات المتعلقة بالحضارة الإسلامية وتاريخها وثقافتها وفنها في الغرب.
تتمتع مراكز الثقافة الإيرانية في أوروبا، والبلقان، بل وفي جميع أنحاء العالم، بقوة هائلة وبرامج حافلة تسهم في إبراز المذهب الشيعي وتعزيز مكانته.
يتم بناء تصور الإسلام، من الناحية النظرية والأكاديمية، على أساس المذهب الشيعي. ويتم تقديم إيران عمليا كراعية للعالم الإسلامي، وكضحية للظلم من قبل الإمبرياليين الغربيين. ويتم زرعها في العالم الإسلامي تدريجيا من خلال الغزو والاحتلال.
من الآن فصاعدا سنقتتل مع بعضنا البعض، وليس مع الغرب
خضنا الحروب وناضلنا ضد الغربيين، والإمبرياليين، حتى يومنا هذا. لكن الآن يتم وضع لبنات مرحلة خطيرة للغاية، ويتم إرساء قواعدها، سنقاتل فيها بعضنا البعض بدلا من الغربيين.
إن إيران التي تمثل تيارا هرطقيا على المستوى العقائدي، وأقلية ديموغرافية، تمنح القوة والمكانة لإراقة الدماء في العالم الإسلامي.
سيضربون العالم الإسلامي من خلال إيران، وستُغرِق إيران العالم الإسلامي بالدماء من خلال تنظيماتها الوكيلة، كما فعلت في العراق وسوريا ولبنان واليمن. ففي العراق وسوريا فقط، قتلت القوات التابعة لإيران ما يقارب 1.5 مليون إنسان خلال العشرين عاما الماضية. تدمر إيران الحدود العقائدية والعرقية للعراق وسوريا. إنها تدمر كل شيء.
انغرزت إيران كخنجر في قلب العالم الإسلامي. وقد سيطرت بالفعل على فلسطين. وبعد مجزرة غزة الأخيرة، رسخت إيران وجودها في فلسطين بشكل نهائي.
انتبهوا إنهم يحاولون إثارة صراع بين تركيا وإيران
أقولها مؤكدا وبكل وضوح: إن أحد أكبر مشاريع الإمبرياليين هو إثارة الفتنة بين إيران وتركيا. ولا ينبغي لتركيا أن تقع في هذا الفخ، ولن تقع. فلن يتعافى العالم الإسلامي أبدا إذا تصادمت تركيا وإيران.
إننا نواجه خطرا هائلا. فبمجرد أن تصبح إيران قوة نووية لن يتمكن أحد من إيقافها. ولذلك يجب على تركيا أيضا البدء على الفور في الاستعدادات لامتلاك الطاقة النووية.
ولكي يلتقط العالم الإسلامي أنفاسه، لا بد من إجبار إيران على الانسحاب إلى حدودها الطبيعية، وإنهاء احتلالاتها، وإخراجها من الأراضي التي احتلتها.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!