ترك برس
قال السياسي التركي ياسين أقطاي، وهو نائب سابق في حزب العدالة والتنمية الحاكم، إن إسرائيل وحماتها يساهمون بدون قصد في توحيد المسلمين وتشكيل اتحادٍ حقيقي للإنسانية، على نطاق أوسع.
وفي مقال له بصحيفة يني شفق، بعنوان "برلمانيون لأجل القدس.. مبادرة لدعم حرية واستقلال فلسطين"، أشار أقطاي إلى أن إسرائيل تواصل وحشيتها وجرائم الإبادة الجماعية في غزة.
وأكد أنه لا يمكن تبرير أي من هذه الجرائم بِحجة القتل الخطأ، فمن المستحيل أن يتم تسجيل هذا العدد الكبير من القتلى عن طريق الخطأ. ناهيك عن أن عدد العاملين في المجال الصحي والصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام وأساتذة الجامعات الذين قُتلوا في هذا الصراع يفوق عدد المفقودين الذي تم تسجيله في جميع الحروب الحديثة.
وأضاف: لا شك أن جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل باستهتار أمام مرأى ومسمع العالم بأسره، والجرائم ضد الإنسانية التي تمارسها، تستند إلى غطرسة عارمة وثقة زائفة لا تقبل التشكيك. فالدعم الأمريكي اللامحدود وصمت الدول العربية المُطبق هما أكبر رصيد لهذه الوقاحة المُقززة. ولكن هذا الرصيد آخذ في التناقص مع مرور الوقت.
فلا توجد ذخيرة حرب لا تنضب، ودعم أمريكا ليس بلا حدود، وصمت الدول العربية ليس ملاذاً يمكن الاعتماد عليه إلى الأبد. فمهما دعم القادة، هناك حدود لصبر ضمائر الشعب، وحتى لو ظل القادة صامتين، لا يمكن إسكات الشعوب إلى الأبد.
والآن تعد الاحتجاجات الطلابية التي اندلعت في الجامعات الأمريكية، والتي لم تُشهد مثلها منذ حرب فيتنام، علامةً فارقة لإسرائيل، تنذرها بأنها وصلت إلى طريق مسدود. فإسرائيل تواجه الآن ثورةً غير متوقعة من أماكن لم تكن تتوقعها، ردًا على جرائمها المُقززة. وليس فقط إسرائيل بل جميع القوى العالمية التي تُقدم لها دعمًا لا حدود له ودون قيود، تواجه ثورة عارمة تطرق أبوابها.
وتابع أقطاي: سنواصل متابعة تطورات هذه الاحتجاجات الجامعية عن كثب في الفترة القادمة.
وتطرق السياسي التركي إلى مؤتمر "برلمانيون لأجل القدس" الذي عُقد في إسطنبول نهاية الأسبوع الماضي؛ فقد عقدت هذه الرابطة، التي تأسست في إسطنبول عام 2015، مؤتمرها الخامس تحت عنوان "الحرية والاستقلال لفلسطين" بمشاركة 600 برلماني ورئيس مجلس نواب ونائب رئيس من 80 دولة مختلفة من العالم الإسلامي، بالإضافة إلى آسيا وأفريقيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية.
وقد ضمّ المؤتمر نخبة من رؤساء البرلمانات وأعضاء مجلس النواب ورؤساء الكتل البرلمانية ورؤساء لجان البرلمان الفلسطيني ورؤساء لجان الصداقة وممثلي الهيئات البرلمانية الدولية والإقليمية والقارية ورؤساء المؤسسات الدولية الداعمة لفلسطين.
وتخللت جلسات المؤتمر وندواته مناقشات هامة لوقف هجمات الإبادة الوحشية بشكل فوري وسريع، وتداعيات الحصار القاتل على غزة، والسياسات الصريحة للتهجير القسري الذي تمارسه إسرائيل ضد الأطفال والنساء وكبار السن والمدنيين، واتخاذ إجراءات سياسية وقانونية وإنسانية ضدها.
وأضاف: يتكون أعضاء البرلمان بطبيعتهم من أشخاص منتخبين من قبل الشعب. لذلك فإن أهم ما يميز هذا المؤتمر عن المؤتمرات الأخرى هو أن المشاركين فيه يحظون بدعم شعبي واسع من قبل الجماهير التي اختارتهم بإرادتهم الحرة. يُعدّ هذا الأمر ذا أهمية خاصة، حيث يُتيح لمشاعر التضامن المتزايدة يومًا بعد يوم تجاه القدس في جميع أنحاء العالم، والتي كانت موجودة بشكل مُتفرق نسبيًا، أن تتجمع تحت مظلة واحدة وتُشكل إرادة مشتركة. ويُعدّ وجود هذه المنصة في إسطنبول أمرًا ذا دلالة كبيرة، فهو يُظهر دور تركيا الرائد في الدفاع عن قضية القدس وكيف تشكل خط دفاع عن العالم الإسلامي برمته ضد العدوان الصهيوني المحتل.
وأكد أنه يومًا بعد يوم، يُدرك المزيد من الناس أنّ إسرائيل، من خلال إبادتها الجماعية الوحشية التي تستمرّ في شهرها السابع، لا تُشكل تهديدًا لغزة وحدها، أو للعالم الإسلامي فحسب، بل للبشرية جمعاء. فمع مرور الوقت، لا تكتفي إسرائيل بتصعيد عدوانها ورفع مستوى دناءتها فحسب، بل تُسقط أيضًا كل الأقنعة التي تخفي حقيقة واقعها أمام أعين المزيد من الناس. وفي نهاية المطاف، تتجلى أمام الجميع صورة واضحة لظلم إسرائيل، ووحشيتها، وارتكابها إبادة جماعية، وكذبها، ومؤامراتها.
وتابع المقال:
لقد باتت الرواية التي تصور إسرائيل على أنها الديمقراطية الوحيدة العاملة في الشرق الأوسط تنهار، ليُكشف عن نفاقٍ مقززٍ للعالم الحديث. بل تنهار أيضًا الرواية التي تصور إسرائيل كواحدة من أقوى دول العالم بفضل آلاتها الحربية والاستخباراتية، لتظهر كيانًا خائفًا للغاية، عديم الكفاءة، مرتبكًا، وغبيًا.
وبات واضحًا للجميع الآن أنّ إسرائيل ليست مجرد دولة، فإنّ النضال ضدّ إسرائيل لا يقتصر على استهدافها هي فقط، بل يجب أن يشمل أيضًا التصدي لهذا النظام العالمي المنافق الذي يدعمها. وإنّ مؤتمر "برلمانيون لأجل القدس" الخامس هو دليل على ازدياد الوعي بهذا الأمر، كما يُساهم المؤتمر في تعزيز الوعي من خلال خلق جو محفز له. فقد اجتمع في هذا المؤتمر برلمانيون من مختلف أنحاء العالم، ممثلين لشعوبهم، ليجسّدوا عمليًا الأساس الاجتماعي للشعار الذي رفعه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منذ سنوات: "العالم أكبر من خمسة".
أصبح المؤتمر الذي افتتحه الرئيس أردوغان بكلمة هامة، فرصة لتركيا لتفعيل محورٍ جديدٍ في مواجهة النظام العالمي المُتمركز حول إسرائيل.
وبدون قصد، تُساهم إسرائيل وحماتها في توحيد المسلمين الذين سعى إليه المسلمون قرابة قرن من الزمن، بل في تشكيل اتحادٍ حقيقي للإنسانية، على نطاق أوسع.
ففي ظلّ الأخطار الكبيرة، تنمو أيضًا قوى الخلاص، بإذن الله.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!