ترك برس
تناول مقال تحليلي للكاتب والإعلامي التركي إحسان أكتاش، أبعاد التحذيرات التي وجهها الزعيم الجديد لحزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة في تركيا، فيما يخص إزالة بعض البلدات لافتات باللغة العربية من المحال التجارية.
وقال أوزال خلال تصريحات صحفية إن حزبه لا يعادي اللاجئين ولا اللغة العربية، وذلك في معرض رده على الانتقادات الموجهة له لإصداره تعليمات لرؤساء بلديات حزبه بتجنب استهداف اللاجئين وخاصة السوريين منهم.
وأضاف: "لسنا أعداء للاجئين بل نعارض السياسات التي تؤدي إلى اللجوء. رؤساء بلدياتنا لن يكونوا طرفاً في الممارسات الشعبوية المعادية للأجانب. أحذّر من استخدام لغة التمييز التي تصوّر كلمة "العربي" وكأنها شتيمة".
ويقول أكتاش في مقاله بصحيفة يني شفق إن عمل سياسيي حزب الشعب الجمهوري اقتصر دائما على إدارة الجماهير التقليدية المنتمية للحزب، المتمسكة بمبادئ أتاتورك، والتي لجأت إلى الحصن الداخلي للحزب خوفا من تورغوت أوزال ونجم الدين أربكان ورجب طيب أردوغان على التوالي.
يضيف: لهذا السبب عندما يلقي أي رئيس بلدية أو سياسي منهم خطابا كماليا ولا يحصل على تصفيق، يلجأ إلى استخدام اسم أتاتورك لتعزيز وجوده، خاصة في المدن المتحضرة، وبهذا نجحوا في الظهور على الساحة السياسية حتى يومنا هذا.
ويؤكد أن فوز حزب الشعب الجمهوري ببلديتي إسطنبول وأنقرة سابقا، وفوزه بالعديد من البلديات في المدن التي تضم اليوم عددا أكبر من الناخبين العقلانيين اليوم، دفع الحزب بشكل طبيعي إلى البحث عن آفاق جديدة.
وتابع: لم يتوقع كل من حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري أن تكون نتائج الانتخابات على هذا النحو. ولذلك نجد اليوم حالة من التريث والتأني داخل حزب الشعب الجمهوري لم نعتد عليها، فيما يتعلق بتفسير ما حدث بعد الانتخابات.
لقد كانت توقعات إمام أوغلو بعد الانتخابات على هذا النحو " بما أنني نظمت المؤتمر وساعدت أوزغور أوزال على الفوز، فأنا الزعيم الطبيعي لهذا الحزب. سنحل هذا الأمر بعد الانتخابات." ولكن لم تهيئ نتائج الانتخابات لإمام أوغلو الجو الذي كان يحلم به، حيث اعتُبر نجاح الحزب نجاحا لرؤساء البلديات بقدر ما هو نجاح للرئيس العام، مما دفع أوزال إلى اتخاذ موقف أكثر حزما.
وبحسب الكاتب، نجح إمام أوغلو في حل مشكلة عدم معرفة الجمهور به عندما تمكن من مقابلة أردوغان خلال فترة ترشحه، مما أثار رضا فريقه الإعلاني كثيرا. وعلى الرغم من أن لقاء أوزغور أوزال مع أردوغان كان في سياق مختلف، إلا أن لقاء الزعيم المؤثر في السياسة التركية، قدم انطباعا بأن أوزال هو من يمثل الحزب في السياسة وليس إمام أوغلو.
وتابع المقال:
وبينما يعزى الاتجاه نحو التهدئة في السياسة الناتج عن هذه اللقاءات، إلى أوزال وحزب الشعب الجمهوري، إلا أن تحليلا لمحتوى العقد الماضي يكشف بسهولة أن حزب الشعب الجمهوري هو من ساهم في خلق الاستقطاب، بينما كان يشكو منه في الوقت نفسه.
إن هذا الشعب هو بقايا إمبراطورية، ولا توجد عداءات بين فئاته المختلفة. لقد ارتكب تنظيم "بي كي كي" الإرهابي مجازر في هذا البلد لأربعين عاما، ومع ذلك لم يخرج مواطن للقتال مع مواطن آخر في الشارع. إن انعكاس هذا التسامح العميق والواسع الذي يتمتع به الشعب، على السياسة أمر يستحق التقدير.
حزب الشعب الجمهوري يواجه اختبارا صعبا يتعلق بجوهره السياسي
بمجرد تولي رؤساء بلديات حزب الشعب الجمهوري مهامهم، بدأت المبادئ الراسخة في أيديولوجيتهم بالتجلي على أرض الواقع. فقد بدأوا بإزالة اللافتات المكتوبة باللغة العربية والتفاخر بذلك. وقد حذَّر أوزال رؤساء بلديات حزب الشعب الجمهوري من هذا السلوك قائلا: "لا تتدخلوا في اللافتات العربية سعيا وراء الحصول على التفاعل. العربية لغة القرآن الكريم، وقد يجرح هذا مشاعر الناس."
وهذه إشارة إلى بدء اختبار قيادة الحزب لجوهره الأيديولوجي الخاص بدءا من اليوم. وعندما أطلق بايكال سابقا مبادرة "إزالة وخلع الجلباب"، نظمت شعبة المرأة في مرسين وقفة احتجاجية على هذه المبادرة مرتديات الجلابيب.
وقد ظهر عدد كبير من النساء المحجبات على الشاشات في أنشطة حزب الشعب الجمهوري وإعلاناته. ومن المثير للاهتمام أنه من بين آلاف أعضاء حزب الشعب الجمهوري الذين زاروا ضريح أتاتورك بعد الانتخابات المحلية، لم تكن هناك امرأة واحدة محجبة. وفي تركيا قديما كان يتسامح مع ارتداء الموظفة في البنك للحجاب، بينما كان يعتبر ارتداء مديرة البنك للحجاب تهديدا للعلمانية.
وزعم "أمره كونجار" في برنامج تلفزيوني أن تعليم القرآن الكريم للأطفال في سن 4-6 سنوات سيمنعهم من استيعاب العلم.
يعاني العديد من أكاديميي وصحفيي وقادة الرأي في حزب الشعب الجمهوري من نقص في المعرفة بتاريخ هذا المجتمع ودينه وواقعه. وعادة ما يتحدثون باستخدام قوالب جاهزة.
منذ 22 عاما يتولى حزب العدالة والتنمية السلطة في البلاد، وقد تعرض لانتقادات في العديد من المجالات. لكنه لم يتخذ أي خطوات منافية لأسلوب الحياة أو يخلق ضغطا اجتماعيا.
سيتعين على حزب الشعب الجمهوري أن يواجه قواعده الخاصة، وسيتابع الشعب هذه التطورات باهتمام وعناية فائقة. وسيتحمل كل شخص مسؤولية أفعاله، سننتظر ونرى ما سيحدث.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!