ترك برس
حذر خبراء من انخفاض عدد السكان في تركيا إلى أقل من 50 مليون بحلول عام 2100، وذلك بعد أن شهدت البلاد انخفاضا غير مسبوق في تاريخ الجمهورية التركية بمعدل النمو السكاني حيث بلغ 1.51 طفل في عام 2022 مقابل 2.38 في عام 2001، الأمر الذي دفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في وقت سابق لاعتبار ذلك "خطرا وجوديا".
ونقل موقع قناة "TRT HABER" الرسمية، عن عضو هيئة التدريس في معهد دراسات السكان بجامعة هاجي تيبيه، محمد علي أريورت، قوله إن "عدد السكان في تركيا بلغ ما يزيد قليلا على الـ 85 مليون نسمة، لكن الزيادة السكانية كانت فقط 93 ألف شخص مقارنة بالعام السابق".
وأضاف أنه "في الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية التركية، شهدنا أدنى معدل نمو سكاني في تاريخ الجمهورية".
وانخفض معدل المواليد في تركيا إلى 1.51 طفل. وذلك بعدما بدأت معدلات الولادة في الانخفاض المستمر منذ عام 2014، وانخفضت إلى ما دون مستوى الاستبدال في عام 2017، بحسب آخر الإحصاءات المعلنة عن الولادات، بحسب تقرير لـ "عربي 21".
وفي أيار/ مايو الماضي، حذر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من انخفاض معدلات المواليد في البلاد، مشيرا إلى أن تركيا بلغت مستوى "أقل من معدل استبدال السكان البالغ 2.1".
وقال أردوغان حينها: "بصراحة، هذا تهديد وجودي، وكارثة بالنسبة لتركيا". وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس التركي يوصي مواطنيه دائما بإنجاب ثلاثة أطفال على الأقل.
"نمط تناقصي"
ورجح أريورت أن يصل معدل الولادة في تركيا إلى 1.2 طفل ليتبع ذلك استقرار في هذا المعدل، موضحا أن توقعاته هذه استمدها من البيانات التي تظهر أن دولا تمتلك خصائص مشابهة لتركيا مثل إيطاليا وإسبانيا شهدت خلال العشر سنوات الأخيرة انخفاض معدلات الولادة من 1.5 طفل إلى 1.2 طفل.
ولفت إلى أنه "لطالما كان هناك توقع حول ما إذا كان عدد السكان في تركيا سيصل إلى 100 مليون أم لا. تُظهر نتائج التوقعات أننا لن نصل حتى إلى 90 مليونا، ناهيك عن 100 مليون".
وأشار إلى أن عدد سكان تركيا سيصل إلى حوالي 88 مليونا بحلول الأربعينيات من القرن الحالي، وبعد ذلك سيدخلون في نمط تناقصي أفقي، وسيستمر هذا الاتجاه حتى الخمسينيات".
وأوضح أنه "بحلول منتصف السبعينيات، سينخفض عدد سكان تركيا إلى 70 مليونا، وسيصل إلى أقل من 50 مليونا بحلول عام 2100"، بحسب توقعاته.
ولفت إلى أنه في عام 2100، من المتوقع أيضا أن تشهد تركيا انعكاسا في الهرب السكاني، لتتحول فئة الكبار بالسن إلى الأكثر عددا في البلاد، على عكس ما كان عليه الحال في النصف الثاني من القرن الماضي.
تجدر الإشارة إلى أن الانخفاض الصارخ في معدل المواليد يشكل تحديا كبيرا لاستراتيجية الرئيس التركي طويلة المدى للنمو الاقتصادي، سيما أنها تعتمد بشكل أساسي على قوة عاملة قوية وشابة، بحسب وكالة "بلومبيرغ".
وبحسب دراسة لمعهد ماك بلانك للبحوث الديمغرافية الألماني، فإن عدد سكان القارة الأوروبية كلها سيتراجع بمقدار 50 مليون نسمة بحلول عام 2050، كما أن كل جيل سيقل عن سلفه بنسبة 25 في المئة، ويكمن السبب في هذا التراجع في ارتفاع معدلات الشيخوخة مقارنة بمعدلات الولادات.
وذكر تقرير لـ "TRT عربي" أنه "لعل الخطر الأكبر الذي حذر منه الرئيس أردوغان والناتج عن تراجع السكان في أوروبا هو نقص الأيدي العاملة وارتفاع نسبة الشيخوخة، وبالتالي زيادة الإنفاق على معاشات التقاعد الذي قد يؤدي إلى عجز أوروبا عن تحقيق تطورات اقتصادية تضمن لها استمرار التفوق، الأمر الذي يدفع البلاد إلى فتح أبوابها أمام موجات من الهجرة طالما رفضتها لسنين طويلة تهرباً من فاتورتها القاسية."
وأضاف التقرير: إذن فالتراجع السكاني يهدد مسيرة التنمية التركية، وخير مثال على ذلك ما توقعه تقرير الأمم المتحدة الصادر بنهاية عام 2019 بحدوث تراجع في النمو الاقتصادي للقارة الأوروبية يتراوح بين 0.5 و1% سنوياً على مدار السنوات 15-20 القادمة، ممَّا يعني عدداً أقل من فرص العمل وانخفاض الإنتاجية، وانخفاض الإنفاق العام على السلع العامة، وتزايد أعباء الدين الوطني المستقبلي، وباختصار فان التراجع السكاني سيتسبب في تشوه الاقتصاد الأوروبي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!