محمد إبراهيم خاطر -  خاص ترك برس

هناك أوجه عديدة للتشابه بين مصر وتركيا، وهناك تاريخ مشترك بينهما ويتمثل ذلك في الحكم العثماني لمصر، والممتد منذ عام 1517م وحتى عام 1805م، أي نحوًا من ثلاثة قرون.

والمصريون المعروفون بعدم تأثرهم بغيرهم من الأمم كالفرنسيين والإنجليز، تأثروا تأثرًا واضحًا بالأتراك وباللغة التركية، والدليل على ذلك وجود مئات المفردات التركية في اللهجة المصرية، والتي لا تزال تستخدم وبشكل يومي في محادثات المصريين، وقد عرضنا جانبًا منها في الفصل الخاص باللغة التركية.

ومصر وتركيا دولتان مسلمتان، وتبلغ نسبة المسلمين في مصر حوالي 95% بينما تصل نسبتهم في تركيا لنحو 99% من مجموع السكان، ويبلغ عددهم نحو 80 مليون نسمة، بينما يتجاوز عدد سكان مصر 100 مليون نسمة.

وفي مجال الاعتقاد، فالمذهب السائد في كلا البلدين هو المذهب السني الحنفي، ولدى شعبي البلدين ميلًا نحو التصوف، بالإضافة إلى الذكر الجماعي عقب الصلوات والدعوات بقبول الصلاة، وحلقات الذكر والاحتفال بالمناسبات الدينية، والحرص على قراءة الفاتحة.

ومن ناحية الجغرافيا تقع كل من مصر وتركيا في قارتين مختلفتين، فمصر تقع بين قارتي أفريقيا وآسيا، وتركيا تقع بين قارتي آسيا وأوروبا، وكأن القدر أراد لهما أن يكونا جسرًا للتواصل بين القارات والحضارات.

وفي المجال السياسي فنظام الحكم حاليًا في كلا البلدين نظام جمهوري، وكان لدى كل من أتاتورك وعبد الناصر نزعةً وتوجهًا قوميًا، وقد عانت كل من مصر وتركيا من الانقلابات العسكرية، بيد أن تركيا نجحت في التخلص من حكم العسكر بعدما شهدت عددًا من الانقلابات العسكرية كان آخرها الانقلاب الفاشل في عام 2016م، بينما مصر لا تزال تعاني من حكم العسكر والمستمر منذ عام 1952م وحتى الآن باستثناء السنة الوحيدة التي وصل فيها رئيس مدني للحكم عن طريق الانتخابات الحرة، وهو الرئيس الراحل محمد مرسي رحمه الله.

وفي المجال الاقتصادي، تعتمد الدولتان على القطاع الزراعي بشكل كبير وتصدران العديد من المنتجات الزراعية للخارج، وتعتمد مصر بشكل رئيس على نهر النيل في الزراعة، بينما تعتمد تركيا على عدد من الأنهار في الزراعة مثل: نهر الفرات، ونهر دجلة، ونهر كورا، والنهر الأحمر، والنهر الأخضر، ونهر سكاريا، ونهر سيحان.

وفي المجال الصناعي كان هناك اهتمام لدى البلدين بالصناعات العسكرية، في مصر خلال الهيئة العربية للتصنيع وشركات وطنية أخرى، وفي تركيا من خلال الشركات الحكومية والخاصة، ولكن الصناعات العسكرية في تركيا تطورت تطورًا مذهلًا في الآونة الأخيرة، وأصبحت تركيا من الدول المتقدمة في صناعة الأسلحة، وفي مقدمتها صناعة الطائرات بدون طيار (الدرون).

والبلدان لهما تجربة مشتركة في صناعة السيارات الوطنية، وكان هناك إنتاج مشترك لأنواع معينة من السيارات مثل سيارة دوجان وسيارة شاهين التي تنتجها شركة توفاس التركية، وافتتحت شركة النصر لصناعة السيارات خطوط إنتاج لتجميعهما في مصر.

وتجربة صناعة سيارة محلية فشلت في مصر، بينما نجحت تركيا مؤخرًا في صناعة سيارة محلية الصنع والمعروفة باسم (توج).

ومن الملاحظات في الفترة الأخيرة في كلا البلدين الأزمة الاقتصادية الخانقة، والارتفاع المتتالي للأسعار، وبخاصة أسعار المشتقات البترولية، وانخفاض قيمة العملة المحلية، فقد انخفض سعر الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي من 6 جنيهات في عام 2013م إلى حوالي 50 جنيهًا في عام 2023م. بينما انخفض سعر الليرة التركية مقابل الدولار من حوالي 5 ليرات في عام 2018م إلى حوالي 33 ليرة في عام 2024م. 

ومن أوجه التشابه بين البلدين في مجال الأدب الوصول للعالمية، فقد فاز الأديب المصري نجيب محفوظ بجائزة نوبل للآداب في عام 1988م، وفاز الأديب التركي أورهان باموق بنفس الجائزة في عام 2006م.

وفي المجال الفني كان للدراما المصرية شهرة وانتشارًا خارج مصر، ومؤخرًا أصبح للدراما التركية شهرة كبيرة، وحققت انتشارًا واسعًا على مستوى العالم.

وهناك تشابه كبير بين البلدين في العادات والتقاليد، وبخاصة تلك التي ترتبط بالمناسبات الدينية كالاحتفالات بالأعياد، وليلة 27 من رجب، وليلة النصف من شعبان، وشهر رمضان، والهجرة النبوية، ويوم عاشوراء، وكذلك العادات المرتبطة بالزواج مثل ليلة الحنة، والعادات المرتبطة بالموت، كقراءة القرآن للميت، وإعداد طعام العزاء، وإقامة التجمعات لتذكر الأموات.

ومن العادات المشتركة بين الأتراك والمصريين إدمان شرب الشاي طوال اليوم، ويحتل الأتراك المرتبة الأولى عالميًا في استهلاك الشاي، بينما تحتل مصر المرتبة العاشرة عالميًا في الاستهلاك، والخامسة عالميًا في استيراد الشاي.

 

عن الكاتب

محمد إبراهيم خاطر

باحث وكاتب عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس