يشار سونغو - يني شفق
هناك دراسة تجرى على مستوى تركيا منذ سبع سنوات وهي "خريطة منطقة الراحة في عالم الأعمال التركي".
كشفت نتائج الدراسة لهذا العام عن مفاجأة، حيث تبين أن أكبر دافع للموظفين الإداريين في المكاتب ليس الراتب كما هو متوقع، فقد تراجع الراتب إلى المرتبة الثانية. بينما احتل الشعور بالنجاح في مكان العمل المرتبة الأولى.
إن زيادة تحفيز الموظفين لرفع مستوى الإنتاجية ليست شيئًا جديدًا. وقاعدة " الثناء يحفز على المزيد" تنطبق على كل زمان ومكان وعلى كل كائن حي. والشخص الذكي يثني بذكاء، بينما الأحمق ينتقد.
يذكرني هذا بعمِّي الذي كان يعتني بالخيول في القرية، فكان يطعمها ويسقيها ويلاعبها ويخاطبها بكلمات طيبة. وكان يخاطبني قائلاً: "يا ابن أخي لا يكفي أن تطعم الحيوان وتسقيه، بل يجب أن تلمسه وتداعبه وتقول له كلمات جميلة".
من جهة أخرى، يشكو ممثلو العلامات التجارية قائلين: "نواجه طلبات زيادة إيجارات تتراوح بين 400 إلى 500 بالمائة عند انتهاء العقود التي استمرت لعشر سنوات".
واجتمع 250 ممثل علامة تجارية لديهم فروع في مراكز التسوق، مطالبين بتعديل التشريعات لمواجهة زيادة الإيجارات التي تصل إلى 500 بالمائة. والوضع مشابه أيضًا بالنسبة للعملاء والمستهلكين. وهناك مئات الآلاف من المستأجرين الذين يعيشون في نفس المنزل منذ أكثر من عشر سنوات، يعيشون اليوم تحت رحمة ملاك العقارات.
ونستثني هنا حالات قليلة جداً لأصحاب المنازل الرحماء. فحتى أكثرهم رحمة يطلبون إما الإخلاء أو زيادة الإيجار بنسبة مئة بالمائة. فماذا يفعل هؤلاء المستأجرون الذين يتقاضون رواتب ثابتة أو هم متقاعدون ويعيشون في المدن الكبرى؟
وليس لدى المستأجرين القدرة على التجمع مثل أصحاب العلامات التجارية للمطالبة بشيء ما. فهل يطالب المستأجرون بتغيير التشريعات والقوانين كما يفعل أصحاب العلامات التجارية؟ في النهاية، هم أيضًا مستهلكون، أي عملاء لهم. ومن المعروف أن ضرر العميل هو ضرر للتاجر نفسه. فنحن جميعًا في نفس القارب.
وأتساءل ما هي درجة صحة وصدق مقولة "المُستغِلون مُلامون مثل المُستغَلين"؟ هل يختلف الأمر حسب الشخص؟ أم أنه ينطبق على الجميع؟"
تذكر أن "كل ما تعلمته، سواء كان جيدًا أو سيئًا، جميلًا أو قبيحًا، أخلاقيًا أو غير أخلاقي، صحيحًا أو خاطئًا، يرافقك دائمًا سواء كنت مدركًا لذلك أم لا"، كما جاء في إحدى الدراسات العلمية."
فالصور والأصوات السلبية وغير الأخلاقية والقبيحة تلتصق بالعقل والأذهان، تماماً كما تلتصق الإيجابية والجميلة والنظيفة منها. وتُخزن في ذاكرة الدماغ والقلب. لذلك يجب علينا أن نكون حذرين جداً فيما نتعلم. تخيل أنك تسير بسرعة على الطريق السريع وظهرت أمامك لافتة إرشادية تشير إلى جميع الاتجاهات في نفس الوقت، ماذا سيحدث؟ ستتعرض لحادث بالتأكيد. فالمعلومات الزائدة وغير الضرورية تُلحق بك الضرر، تُفاجئك وتُشتت انتباهك وتسبب لك الارتباك. ولذلك ليس من المستحسن تعلم كل شيء
أما عن الوضع الحالي، فبينما يستمر العالم المتعاطف في مقاطعة منتجات الشركات الصهيونية التي تدعم قتل الأطفال في غزة، نرى ازدواجية في المواقف من قبل البعض الذين يدعون إلى مواجهة هذا الظلم ولكنهم لا يتخذون أي إجراءات فعلية ولا يريدون تحمل المسؤولية. وهذا يسمح للمجرمين بمواصلة ارتكاب جرائمهم وتبريرها بحجة "الحرب المشروعة". ولكن الشمس ستشرق يوماً ما وسنرى بأعيننا من تلطخت يداه بدماء الأطفال والأبرياء.
يحذرنا صديق حكيم قائلًا:
"ربما لا يعي الجيل الجديد ذلك، ولكن من عاشوا قبل عشرين عامًا يتذكرون جيدًا كيف كانت زجاج سياراتهم تتلطخ بالحشرات أثناء القيادة بشكل كامل. أما اليوم فقد اختفت هذه الظاهرة تقريبًا. قد يبدو ذلك خبرًا سارًا لمن يهتمون بنظافة سياراتهم،ولكن، هل فكرنا حقًا في ما يعنيه ذلك؟
يحذر العلماء من أن هذا الانخفاض الحاد في أعداد الحشرات يعود بشكل أساسي إلى تدمير الطبيعة، واستخدام المبيدات الحشرية، والزراعة الصناعية.
هذا الانخفاض، فضلاً عن كونه مأساة بحد ذاته، يؤثر أيضًا على تغذية الطيور والزواحف والبرمائيات، ويؤثر على التلقيح الذي يضمن تكاثر النباتات، وبالتالي على جميع النظم البيئية الأرضية.
إن انقراض الحشرات قد يكون نذير شؤم بانهيار الأنظمة البيئية بأكملها. فهل ندرك خطورة هذا الأمر؟"
ومع استمرار تلوث الهواء والماء من المحتمل أن نشهد اختفاء النباتات أولاً ثم الحشرات تدريجيًا. وفي النهاية، سيأتي دور الإنسان. فالإنسان هو آخر الكائنات الحية التي ظهرت على الأرض، وسيكون آخر من يرحل عنها. فالترتيب لا يتغير. استمروا في النوم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس