ترك برس

إسطنبول، المدينة التي تجمع بين سحر الماضي وإبداع الحاضر، تواصل استقطاب ملايين السياح سنويًا بفضل موقعها الفريد الذي يربط بين قارتي آسيا وأوروبا، ومعالمها التاريخية والثقافية التي تروي قصص حضارات متعاقبة. من ميدان تقسيم الصاخب إلى الموانئ التاريخية مثل أمينونو، تقدم إسطنبول تجربة فريدة تجمع بين التراث العريق والحداثة النابضة بالحياة.

وتمتاز مدينة إسطنبول التركية بمزيج فريد يجمع بين العراقة والحداثة، وتعد واحدة من أبرز الوجهات السياحية في العالم، حيث تجذب أكثر من 13 مليون زائر سنويا.

وتأخذ المدينة الأكبر في تركيا، موقعا إستراتيجيا استثنائيا، إذ تمثل جسرا بين قارتي آسيا وأوروبا، مما يجعلها نقطة التقاء للثقافات والحضارات المختلفة على مر العصور.

وتتميز إسطنبول بمعالمها الشهيرة التي تجذب السياح من جميع أنحاء العالم، وتستضيف فعاليات وبرامج ومهرجانات في مختلف المجالات العلمية والفنية والثقافية والاقتصادية والسياسية، بحسب تقرير لـ "الجزيرة نت".

واكتسبت مناطق وميادين عامة فيها شهرة عالمية عبر التاريخ، مثل ميدان تقسيم وشارع الاستقلال القريب منه، وتعتبر بعض الموانئ في المدينة أيضا من المعالم المهمة مثل ميناء أمينونو وميناء يني كابي.

وإسطنبول أكبر مدن تركيا وعاصمتها الاقتصادية والسياحية والثقافية، تعد من أهم المدن بحكم موقعها الجغرافي المركزي المتميز، ومكانتها الدينية والثقافية، وطبيعتها الخلابة. قال القائد الفرنسي نابليون بونابرت لما دشنها: لو كان العالم بلدا واحدا لكانت عاصمته هذه المدينة بلا منازع.

عرفت المدينة عبر التاريخ بأسماء عديدة، أهمها: مدينة بيزنطة، والقسطنطينية، والأستانة، وإسلامبول، ويعود تاريخ سكنها إلى العصر الحجري الحديث، حيث أظهرت عمليات الحفر آثارا تدل على أنها كانت مأهولة في الألفية السابعة قبل الميلاد، وهذا يعني أنها كانت مأهولة قبل تشكل مضيق البوسفور.

في منتصف القرن السابع قبل الميلاد أسس المهاجرون الميغاريون الإغريق مدينة بيزاس بمنطقة سراي بورنو (عند نقطة التقاء القرن الذهبي ببحر مرمرة) في الطرف الأوروبي من إسطنبول، وعام 330 اختار قسطنطين الأول بيزنطة عاصمة رسمية للإمبراطورية الرومانية وغير اسمها إلى القسطنطينية.

عند انقسام الإمبراطورية الرومانية عام 395 إلى إمبراطوريتين شرقية وغربية بعد وفاة الإمبراطور ثيودوسيوس الأول، أصبحت القسطنطينية عاصمة الإمبراطورية الشرقية، وروما عاصمة الإمبراطورية الغربية.

ازدهرت المدينة في هذه المرحلة بشدة وتعاظمت مكانتها الدينية والتجارية والسياسية والعسكرية، فمن الناحية الدينية أصبحت عاصمة للمسيحيين الروم الأرثوذكس وكنيستها "آيا صوفيا" من الأماكن المقدسة عندهم.

بعد ظهور الإسلام وتوسع المسلمين في العالم بالقرن السابع الميلادي كانت القسطنطينية إحدى وجهات حركة الفتوحات، رغبة في تحقيق بشارة النبي محمد صلى الله عليه وسلم الواردة في قوله "لتفتحن القسطنطينية؛ فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش".

توجهت لفتحها عدة جيوش في فترة الخلافة الأموية لكنها جميعها باءت بالفشل بسبب حصانتها ومكانتها العالية في قلوب البيزنطيين الذين استماتوا في الدفاع عنها، إلا أن هذه الهجمات أضعفت كثيرا قوة الدولة البيزنطية.

هاجمها الصليبيون الكاثوليك -نتيجة لصراعهم التاريخي مع الروم الأرثوذكس- عام 1204 خلال الحملة الصليبية الرابعة التي توجهت إلى الشرق، فاحتلوها ونهبوها وارتكبوا مذابح فيها.

استطاع العثمانيون تدريجيا السيطرة على أراضي الدولة البيزنطية بالأناضول، فسيطروا على أهم المدن مثل بورصة وإزميت التي تشكل البوابة الشرقية البرية للقسطنطينية، وعلى غاليبولي المشرفة على مضيق الدردنيل، ثم توسعوا غرب المدينة في تراقيا وسيطروا على أدرنة، ووصلت حروبهم إلى بلغاريا واليونان، وبهذا ضيقوا الخناق على المدينة وعزلوها تماما عما حولها.

سقطت القسطنطينية يوم 29 مايو/أيار 1453 في أيدي العثمانيين بقيادة السلطان محمد الثاني الملقب بالفاتح بعد حصارها لمدة 53 يوما، وبعد عمليات عسكرية معقدة لتجاوز خطوط الدفاع التي تحمي المدينة من البر والبحر.

بعد الفتح العثماني، نقل الفاتح عاصمة الدولة العثمانية من أدرنة إلى القسطنطينية التي أصبح اسمها إسلامبول (أي مدينة الإسلام) وبدأت مرحلة جديدة في تاريخ المدينة.

عمل العثمانيون على إعادة إسطنبول إلى مكانتها السابقة حضاريا واقتصاديا وسياسيا، وسرعان ما ازدهرت من جديد لتكون مثالا على مجتمع غني ومتعدد الثقافات.

أصبحت إسطنبول عاصمة الخلافة الإسلامية عام 1517 حين أُعلِن السلطان العثماني سليم الأول خليفة للمسلمين بعد أن تنازل له عن الخلافة آخر الخلفاء العباسيين في مصر، وبذلك وصلت أوج فترات قوتها وازدهارها وجذبت آلاف المواهب النادرة في مختلف مجالات السياسة والتجارة والعلوم المختلفة.

احتلت جيوش الحلفاء -نهاية الحرب العالمية الأولى– إسطنبول وبقيت فيها حتى سقوط الدولة العثمانية وإعلان الجمهورية التركية بقيادة مصطفى كمال أتاتورك، حيث انسحبوا بموجب معاهدة لوزان.

بعد استلام أتاتورك الحكم نقلت العاصمة السياسية إلى أنقرة، لكن مكانة إسطنبول بقيت عالية خاصة بعد الإصلاحات والتطويرات التي أجريت منذ خمسينيات القرن العشرين.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!