يوسف قابلان - يني شفق
لقد انهار نظام البعث في سوريا، وتفجرت الفضيحة التي كانت مخفية في براميله القذرة. فقد ظهرت وثائق شنيعة تكشف عن جرائم صادمة ضد الإنسانية. إن حالات الاغتصاب التي تحدث في السجون السورية مروعة، ووضع السجون يبعث على الاشمئزاز ويثير الغثيان.
اليوم سأترك مقالي لأخي الكاتب المتخصص في تحليل نظام البعث، متين كوندل، الذي يقدم قراءة معمقة من الدرجة الأولى.
قراءات تفتح الأذهان...
يعتبر سجن صيدنايا أسوأ سجن في العصر الحديث، فقد أطلق عليه وصف "المسلخ البشري" في عهد الأسد. وما زال مصير المحتجزين في أدواره السفلى مجهولاً حتى الآن، ولا يمكن الوصول إليهم. العالم اليوم يشهد ممارسات وحشية تقشعر لها الأبدان تشبه تلك التي ارتكبتها ألمانيا النازية، ولكن رد فعل الإعلام الغربي خافت، فلم تدن أي دولة غربية جرائم بشار الأسد. إن الإنسان كائن غريب حقاً. ورغم كل شيء فمن المثير للاهتمام أن النظام الذي كشف عن هذه الوحشية هو النظام التركي. فعندما ننظر إلى الأمر من الجانب الإنساني، فإننا نجد أن هذا الأمر يستحق الإعجاب. فقد قامت الحكومة التركية بتقييم الموقف بعناية، وقامت بتفجير أكبر نظام بعثي في الشرق الأوسط منذ فترة الحرب الباردة. وقد كشفت عن الوجه القبيح لنظام الأسد للعالم أجمع. ورغم كل التقلبات التي شهدتها السياسة التركية خلال السنوات الـ 22 الماضية، إلا أن الرئيس أردوغان وفريقه السياسي يتعاملون مع السياسة على مستوى أعلى بكثير من مستوى السياسيين الأتراك العاديين. ولا يمكن أن يصل إليهم أي من سياسيي حزب الشعب الجمهوري.
لقد تبين أن ما كان يخشاه اللاجئون السوريون الفارون من نظام الأسد، وما عجزوا عن إيصاله للشعب التركي، هو واقع مأساوي تجسد في سجن صيدنايا. ومهما قيل سيكتب التاريخ أن الرئيس أردوغان هو السياسي الذي أطاح بنظام البعث في سوريا وكشف النقاب عن آخر معسكرات "أوشفيتس" في العصر الحديث. وبالنسبة للتطورات السياسية في سوريا بعد سقوط الأسد، وأثرها على سياسة إسرائيل التوسعية في المنطقة، فأنا أعتقد أن الأمرين منفصلان. فمن غير المنطقي أن نتوقع من دولة حققت مثل هذا التغيير الجذري في المنطقة ألا تتمكن من التصدي لسياسات إسرائيل التوسعية باستخدام الفاعلين السياسيين والعسكريين في المنطقة، فتركيا الآن في وضع مختلف تماماً.
عادةً، يجب بعد كشف مثل هذه الوحشية، أن تقوم حكومة انتقالية في دمشق بتشكيل محاكم شبيهة لمحاكمة جميع الحثالة من المجرمين البعثيين الذين ارتكبوا الجرائم في عهد بشار الأسد وإنزال أقسى العقوبات بحقهم. وهذا من شأنه أن يمنح الحكومة السورية الجديدة شرعية قانونية، بمعنى آخر، لقد أطحنا بنظام بشار الأسد بسبب الجرائم التي ارتكبها ضد الإنسانية والتي ثبتت إدانته بها في المحكمة.
وأكرر مرة أخرى: سيكتب التاريخ أن الرئيس أردوغان هو السياسي الذي أطاح بنظام البعث في سوريا وفضح آخر معسكرات "أوشفيتس" في العصر الحديث.
أما بالنسبة لمؤيدي الحركة الوطنية؛ فيجب أن يتوقفوا عن التنبؤات السياسية التي تعود إلى فترة الحرب الباردة. فالعالم اليوم مليء بظواهر معقدة ومتغيرة تتجاوز قدرة المهندس الميكانيكي على فهمها.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس